كتب ناصر المحيسن - الكويت في الثلاثاء 18 مارس 2025 11:58 مساءً - تزامناً مع مشاريع بدأت، لكنها لم تكتمل بعد، لإنجاز تطبيق ذكاء اصطناعي يحمل الصبغة المحلية ويعمل باللهجة الكويتية، ويحتوي على معلومات موثوقة، بدلاً من اللجوء لتطبيقات ربما تقدم معلومات مغلوطة قد تتعارض مع ثقافتنا الدينية والاجتماعية، دعا عدد من المتخصصين في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات، إلى تبني هذا المشروع الوطني الذي يحتاج لتمويل ضخم، لكنه سيعود بالنفع الكبير على المجتمع وأجهزة الدولة.
واقترح بعض المتخصصين أن تتم تسمية التطبيق باسم يحاكي البيئة الكويتية مثل «النوخذة»، مع التأكيد على أن أحد السيناريوهات المتاحة أيضاً ربط تطبيق «شات جي بي تي» الشهير بقاعدة بيانات كويتية، تجعله أكثر فهماً للمعلومات والكلمات المحلية.


وأشاروا إلى «ضرورة إشراف مدربين لغويين كويتيين لضبط الترجمة الدقيقة للسياق المحلي، مع التركيز على التعرف على أسماء المناطق الكويتية واستخدامها الصحيح في التحليل وفهم اللهجة المحلية، خاصة في البيانات غير الرسمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي»، لافتين إلى «إمكانية ربط (النوخذة) بتطبيق سهل لإتاحة الاستفادة من بياناته للجهات الحكومية».
وعن التحديات التي قد تواجه هذا التطبيق، بيّنوا أن «معظم النماذج اللغوية التي يمكن تدريب التطبيق عليها الآن تعتمد على اللغة العربية الفصحى أو اللغة الإنكليزية».
حلّ مبتكر
البداية كانت مع مستشار تقنية المعلومات والأمن السيبراني حسين النكاس، الذي أكد أن «تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتحليل الضخم للبيانات (Big Data) أصبحت أدوات أساسية تدعم رؤية دولة الكويت»، مشدداً على «أهمية تطوير محلل بيانات ذكي قادر على فهم اللهجة الكويتية والسياق المحلي، كحل مبتكر يمكن أن يعزز من جودة التوقعات الاقتصادية على سبيل المثال ما يزيد من دقة التحليل».
وأكد النكاس أن «هذا التدريب المكثف يساعد النموذج على فهم المصطلحات التجارية والاقتصادية المحلية، والتفاعل مع البيانات بأسلوب يعكس الواقع الكويتي، ما يعزز من دقة التحليل والتنبؤات»، لافتاً إلى أنه «لضمان الكفاءة والاستدامة، سيتم استضافة المحلل على Google Cloud، حيث إن دولة الكويت تعاقدت مع الشركة لتبني الحلول السحابية ما يوفر أداء حوسبياً عالياً لمعالجة البيانات الضخمة بسرعة، ولا ننسى أهمية الأمان وحماية متقدمة لحماية البيانات الاقتصادية والحكومية، ما يمكن الجهات الحكومية من إمكانية التوسع لاستيعاب المزيد من البيانات وتحسين التحليل،وكذلك يجب الأخذ بين الاعتبار ضمان دقة التحليل، على أن يتم تدريب النموذج على بيانات نظيفة وكبيرة».
آلية العمل
وعن آلية العمل، قال النكاس: «يمكن اختبار المحلل عبر عينة من المواطنين والمقيمين لضبط دقته وتحسين قدرته على تحليل البيانات وفق احتياجات السوق المحلي. هذه التجربة ستساعد في تحديد أي ثغرة لغوية أو تحليلية وتحسينها قبل التوسع في الاستخدام الحكومي والتجاري».
وشدد على أنه «يجب مراعاة وضمان تكامل البيانات، على أن يتم ربط المحلل مع تطبيق (سهل) الحكومي، لتمكين الجهات الحكومية المختلفة من تحليل البيانات الحكومية بشكل مباشر لدعم السياسات العامة للدولة وتوفير رؤى اقتصادية دقيقة تساعد في صنع القرار الإستراتيجي، وكذلك تحسين تجربة المواطن والمقيم والمستثمر الأجنبي من خلال تقديم تحليلات مخصصة لحركة السوق والقطاعات الاقتصادية».
تحديات
واعتبر أن «من بين التحديات في تطوير محلل البيانات والتوقعات الاقتصادية باللهجة الكويتية أن معظم النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) تعتمد على بيانات باللغة العربية الفصحى أو الإنكليزية، ما يجعل من الضروري جمع نصوص كويتية من مصادر متعددة مثل التغريدات، المقالات، التقارير الحكومية، والدردشات اليومية»، مؤكداً أهمية أن «يكون دقيقاً وخالياً من الأخطاء الإملائية أو المصطلحات غير المتعارف عليها، وقادراً على التعامل مع بيانات حكومية أو اقتصادية حساسة للدولة والجهات الحكومية المختلفة منها العسكرية والمدنية والخاصة أيضاً، ما يستدعي الالتزام بمعايير الأمان والخصوصية، وخاصة عند التعامل مع توقعات مالية أو معلومات رسمية».
الدقة
وشدد على أن «الدقة تعتمد على جودة البيانات والتدريب، فإذا تم تدريب النموذج باستخدام بيانات كويتية متنوعة فمن الممكن أن يصبح دقيقاً في فهم اللهجة المحلية والسياق الاقتصادي، وللتغلب على التحديات سنحتاج إلى تحليل تجريبي مع المستخدمين الكويتيين لضبط المصطلحات والردود».
وفي سيناريو آخر، قال النكاس: «يمكن استخدام ChatGPT API وربطه بقاعدة بيانات كويتية، ما يجعله يفهم السوق المحلي بشكل أفضل. علما بأنه لا يمكن تعديل بنية ChatGPT نفسها، لكن يمكن تخصيصه وربطه بمصادر كويتية مباشرة».
ضرورة
أما عضو مجلس إدارة جمعية تكنولوجيا المعلومات، شروق الصايغ، فأكدت أنه «في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، أصبح من الضروري أن تمتلك الكويت تطبيق ذكاء اصطناعي محلي مثل (شات جي بي تي)، يعكس هويتنا الوطنية ويلبي احتياجات مجتمعنا وثقافتنا».
واعتبرت الصايغ أن «تطوير مثل هذا التطبيق سيسهم في تعزيز السيادة الرقمية، وتقليل الاعتماد على الحلول الأجنبية، ودعم اللغة العربية بلهجتنا الكويتية، ما يعزز الهوية الوطنية في الفضاء الرقمي». وبينت أن «وجود منصة ذكاء اصطناعي كويتية سيساعد في تقديم حلول مبتكرة للقطاعات الحكومية والتعليمية والاقتصادية، ما يدعم رؤية كويت جديدة 2035 في بناء اقتصاد معرفي مستدام، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا»، مشيرة إلى أن «الاستثمار في الذكاء الاصطناعي اليوم ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان مستقبل تنافسي ومزدهر لوطننا».
أمر مشرّف
بدوره، قال المهندس ناصر الأستاذ: «سيكون أمراً مشرفاً، إذا استطعنا تطوير تطبيق ذكاء اصطناعي كويتي، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن ميزانيته ضخمة وليست بالقليلة، وخاصة في ما يتعلق بالتشغيل والتدريب وكذلك الأجهزة المستخدمة، لأن الشركات العالمية التي طورت تطبيقات ذكاء اصطناعي تستخدم كروتاً وأجهزة معينة، يتم حظر تصديرها من قبل الولايات المتحدة الأميركية إلا لعدد معين الدول (الحليفة لها)».
واستدرك بالقول: «هناك حل أن نأخذ (النماذج اللغوية الكبيرة) التي أتاحتها الشركات مثل فيسبوك وميسترال وغوغل، ونقوم بتطويعها، مثل طالب الطب الذي يدرس لسنوات الطب العام، ثم يتخصص في مجال طبي محدد»، لافتاً إلى أنه «كلما كبر حجم المعلومات وكبرت عملية فلترتها، كانت النتائج أكثر دقة، وقد ترفض بعض الشركات استخدام المعلومات التي تتيحها للعامة في تطوير مثل هذا التطبيق».
4 مصادر لـ«النوخذة»
مستشار تقنية المعلومات والأمن السيبراني حسين النكاس الذي اقترح اسم «النوخذة» لتطبيق الذكاء الاصطناعي الكويتي، أكد أنه يمكن أن يعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) التي يمكن أن يتم تدريبها على كم هائل من النصوص باللهجة الكويتية، بما يشمل 4 مصادر، هي:
1 - التغريدات والمحادثات العامة في وسائل التواصل الاجتماعي.
2 - المقالات الصحافية والبحوث الأكاديمية.
3 - النصوص التاريخية والموروث الثقافي الكويتي.
4 - المصادر الرسمية مثل القوانين، الإحصائيات، الأخبار، والتقارير الحكومية.
مدربون لضبط السياق المحلي
أشار النكاس إلى «ضرورة إشراف مدربين لغويين كويتيين لضبط الترجمة الدقيقة للسياق المحلي، مع التركيز على التعرف على أسماء المناطق الكويتية واستخدامها الصحيح في التحليل وفهم اللهجة الكويتية، خاصة في البيانات غير الرسمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي، لاستيعاب المصطلحات التجارية والقانونية لضمان دقة التقارير والتنبؤات الاقتصادية».
الاستعانة بالجامعات
دعا النكاس إلى «الاستعانة بالجامعات الحكومية والخاصة لدعم النماذج اللغوية وتحليل اللهجة الكويتية، وتدريب الكوادر المحلية على إدارة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات».