حال الكويت

«الزراعة في الكويت»... خارطة طريق لرؤية زراعية جديدة

  • «الزراعة في الكويت»... خارطة طريق لرؤية زراعية جديدة 1/3
  • «الزراعة في الكويت»... خارطة طريق لرؤية زراعية جديدة 2/3
  • «الزراعة في الكويت»... خارطة طريق لرؤية زراعية جديدة 3/3

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الأربعاء 29 يناير 2025 06:38 صباحاً - صدر كتاب جديد بعنوان «الزراعة في الكويت.. رؤية جديدة»، يُلقي الضوء على تاريخ الزراعة في الكويت من منظور «رؤية جديدة»، ليكون الكتاب «خارطة طريق» لكل مهتم بالزراعة، وحريص على تطويرها وإيصالها إلى مستوى أمن غذائي حقيقي.

الكتاب من تأليف الخبير الزراعي محمد إبراهيم الفريح، الذي تبوأ مناصب عدة، منها عضوية مجلس إدارة الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، ورئيس مجلس إدارة جمعية مربي الدواجن، إضافة إلى العديد من الإنجازات التي تفوّق فيها الفريح في مجاله.

ويتميز الكتاب في كونه يضم بين دفتيه خبرة ومسيرة الفريح من خلال ثمانية أبواب، تناولت مجموعة مختارة من الرسائل والتقارير التي كتبها الفريح إلى الجهات المسؤولة عن الزراعة في الكويت طوال الخمسين سنة الماضية، كما تناول الكتاب مواضيع زراعية مثل إستراتيجية أساليب تطوير الزراعة في الكويت والدواجن وإنتاجها والأعلاف والأسمدة إضافة إلى القسائم الزراعية والسلامة الغذائية وغيرها.

أهل الزراعة... العوازم والقادمون من نجد

قدّم الفريح تمهيداً عن تاريخ الزراعة في الكويت، وقال إنه «يعود تاريخ الزراعة في الكويت إلى ما قبل ظهور النفط بكثير، حيث كانت الزراعة مقتصرة على مناطق محددة كالجهراء والفنطاس والفحيحيل والفنيطيس وغيرها من المناطق، حيث كان القائمون على الزراعة في ذلك الوقت هم في الغالب يفدون من نجد إلى الكويت، وبعضهم من العوازم إحدى القبائل في الكويت»

وأضاف أنه «كانت الزراعة في أراض ومساحات معينة، حينما يتوافر الماء من المطر أو المستخرج من الآبار، وكانت هذه المزارع الصغيرة في مساحتها محاطة بمصدات للرياح، إما من أغصان الأشجار والبواري، أو أشجار الأثل لحماية المزروعات من العواصف الرملية والرياح الشديدة، وكان مصدر المياه لهذه المزارع الآبار القلبان».

وذكر أن «زراعة الخضراوات اعتبرت من المحاصيل الرئيسية، فقد كان يزرع: الطماطم - البصل - الثوم - البقل - الفجل - (الرويد) - الجزر – البطيخ الأصفر (الشمام) – البطيخ الأخضر (الرقي) – القثاء (الطروح) - الخيار - القرع الأخضر - الفلفل - الخس - الباذنجان – الباجلا (الفول) - الرجلة (البربير)».

وأشار إلى الأماكن الزراعية قديماً، قائلا «كانت المزارع قديماً منتشرة في قرى العدان (القصور) الساحلية في الفحيحيل والشعيبة وأبوحليفة والفنطاس والمنقف وفي قرية الجهراء وجزيرة فيلكا، وفي أماكن أخرى زرعها سكان بادية الكويت في الصباحية وأم الهيمان والعرفجية وغيرها، بالإضافة للأماكن الأخرى القريبة من مدينة الكويت التي قام أهالي المدينة قديماً بزراعتها في حولّي والدسمة والشامية والعديلية، وهي من موارد المياه المعروفة في الكويت قديماً».

ري المزروعات... آبار بدائية وخطرة

أشار الفريح إلى «الآبار والري»، وقال «كما قلت سابقاً استخدم الكويتيون مياه الآبار السطحية في الزراعة، فقام الكويتيون بحفر تلك الآبار بطرق بدائية، وكان حفرها به الكثير من المشقة حيث لا تتوافر لديهم وسائل الحفر المتوافرة في الوقت الحالي، وتحف عملية الحفر قديماً أخطار كالانهيار الذي يحدث بسبب التربة الرملية الهشة، حيث تنهار عليهم الآبار في بعض الأحيان إثناء عملية الحفر ويُقال (هفت البئر) مما يؤدي إلى وفاتهم».

وذكر أن «بعض من هذه الآبار، كما قلت سابقاً، مياهها صالحة للزراعة في بداية حفرها ومع كثرة الاستخدام تتحوّل إلى مالحة لا تصلح للزراعة، واستخدم الكويتيون قديماً طرقاً بدائية للري، ومنها القرب والشادوف والفراشية، وتم استبدالها لاحقاً بمكائن السحب المياه من الآبار التي تعمل بالوقود والكهرباء».

صناعة الدواجن... قصور في الحماية من الأمراض

وعن صناعة الدواجن، ذكر الفريح «ناديت في السبعينيات من القرن الماضي بضرورة إنشاء صوامع للذرة والغلال، لتسهيل توريد الأعلاف بشكل دائم وللحفاظ على مخزون إستراتيجي من الأعلاف، وطالبت في أكثر من مناسبة بإنشاء مخازن كسبة فول الصويا التي تُشكّل 30 في المئة من أعلاف الأبقار والدواجن والماشية وهذا ضروري، لأنه يُتيح للكويت الاستيراد المباشر من الدول المنتجة وليس بالأكياس أو الكونتينرات كما هو متبع الآن. كما أنه يُتيح الشراء بكميات كبيرة من الدول المنتجة، مثل الأرجنتين والبرازيل وأميركا والهند، مما سيُشكّل دعماً كبيراً لمنتجي الدواجن والماشية في الكويت».

وأشار إلى أنه «قد أصاب الكويت في عام 2007 مرض انفلونزا الطيور، فاضطرت هيئة الزراعة لإعدام 80 في المئة من الدجاج البياض واللاحم في المزارع المصابة في منطقتي الوفرة العبدلي، وقد سلم موقع حينئذ منطقة الشقايا من الوباء، بسبب سياسة العزل وموقعه الجيد والبعيد والاحتياطات الخاصة للمكافحة الحيوية والتعقيم، وقد اقترحت بعد تلك المصيبة على رئيس مجلس إدارة هيئة الزراعة آنذاك جاسم حبيب البدر، ونائبه فيصل الصديقي، زيارة هولندا والاطلاع على الإجراءات المتبعة هناك لحماية الإنتاج من وباء انفلونزا الطيور، وفعلاً رتبت زيارة مجانية لهما إلى وزارة الزراعة الهولندية التي بدورها جهزت برنامجاً كاملاً لزيارة المختبرات وأساليب الوقاية ونظم المكافحة، ولكن للأسف لم تتخذ الهيئة أي إجراءات لتطبيق النظام الهولندي».

وأضاف «أخيراً، وتحديداً في عام 2020، عاد نفس الوباء ليُصيب مزارع الدواجن الكويتية، وبينما خسائر للمنتجين المحليين من وباء 2007، إلا أن وضع ميزانية الدولة الحالية يسمح بذلك مما يعني تحمل المنتجين كامل خسارتهم. والسؤال الملح هنا: لماذا لم يتم عمل وترتيب الاحتياطات الكاملة لمنع انتشار هذا الوباء باتباع النظام الهولندي مراقبة وحماية وفرض نظام تدريب العاملين في الدواجن وتشغيل المكافحة الحيوية لمنع انتشار الأمراض؟ وكلنا يعرف المثل القائل درهم وقاية خير من قنطار علاج».

الأعلاف... تحدّ كبير أمام المربين

تضمّن الكتاب، مقالاً للفريح في شأن «دعم فول الصويا»، قائلاً إن «فول الصويا مصدر مهم لبروتين العلف الحيواني، وللحصول على زيته المفيد للإنسان يتم عصره، والبقية هو مسحوق الصويا الذي يُستخدم كمصدر رئيس للبروتين في أعلاف الدواجن والمواشي ويشكل نسبة 25-30 في المئة من خلطة الأعلاف».

وبيّن الفريح أن «كل منتج دواجن لاحم أو بياض أو مواش كبير، يقوم حالياً باستيراد مسحوق فول الصويا بشكل فردي، ويتم الشحن بالأكياس الصغيرة والكبيرة، وكذلك عبر الحاويات الكاملة»، لافتاً إلى أن «هذه الطرق تعرض المستورد إلى الغش في المنتج وغير مطابق للمواصفات، إضافة إلى أنه غالي الثمن ومكلّف»، مطالباً شركة المطاحن بإضافة استيراد مسحوق فول الصويا المضمون وتجهيز مخازن خاصة له غير مكلّفة وسهلة التركيب، وسط مناطق الإنتاج (العبدلي، الوفرة، السالمي) على أن يتم توزيعها على المربين بسعر التكلفة دعماً لصناعة الدواجن والمواشي في الكويت.

ولفت إلى «أهمية توزيع قسائم جديدة لتربية الدجاج اللاحم في منطقة الشقايا بأسرع وقت، لتتمكّن الكويت من رفع إنتاجها من لحم الدجاج من 30 إلى 70 في المئة في المستقبل القريب، شريطة أن يتم توزيع القسائم على الشركات الكويتية والمقتدرين على بناء أو إقامة مشروع زراعي لتربية الدواجن على القسيمة الممنوحة له، ومساحتها 50 ألف متر مربع، وقدرته على إنتاج 10 ملايين طير سنوياً».

الأسمدة... نصائح مهمة

عرض الفريح، كتاباً وجهه إلى رئيس مجلس إدارة بالهيئة العامة لشؤون الزراعة عام 2008، كونه عضو مجلس إدارة، في شأن الأسعار العالمية للأسمدة الكيماوية والمواد الزراعية، حيث أشار إلى ارتفاع المواد الأساسية للأسمدة الكيماوية من موسم 2006 إلى موسم 2008، إلى نحو 3 أضعاف، إذ بلغ سعر كيس السماد بوزن 25 كيلوغراماً نحو 18 ديناراً في العام 2008، وكان سعره في حدود 6 دنانير في العام 2006، كما ارتفعت أسعار البذور المخصصة للزراعة بنسبة 15-30 في المئة، موصياً بدراسة الارتفاع المفاجئ لهذه الأسعار وإعداد توصيات مناسبة للحفاظ على الثروة النباتية.

وفي شأن السماد، وجّه الفريح نصائح إلى المزارع لمعرفة السماد المناسب للمزرعة، ومنها «دقق على وزن الكيس، وهل يعادل الوزن الفعلي للكيس ونفس الوزن المسجل على الكيس من المنشأ، كما يجب أن يكون الكيس أصلياً وغير معاد تعبئته، وأن تكون العبوة تم فحصها واعتمادها من الجهات الرسمية بالدولة».

وتابع الفريح في نصيحته، «بعض الأكياس يطبع عليها النسب الكبرى من العناصر المكوّنة للسماد وهي النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم بالإضافة إلى العناصر الصغرى لكن على المزارع أن يتأكد من أنواع العناصر ومصادرها لضمان أفضل نوعية»، مبينا أن «كل عنصر من النيتروجين الجيد يجب أن يكون من عدة عناصر، فمثلا سماد 18-18-18 وهو السماد المفضل للمزارع يحتوي على كامل العناصر المهمة الرئيسية».

التسويق الزراعي... خطة لنشر المنتج المحلي

وعرض الفريح في فصل «التسويق الزراعي»، كتاباً رسمياً موجهاً إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية عام 2006، قدم فيه فيها توصيات على التسويق المحلي للمنتج المحلي، بحيث يخصص لكل مزارع أو مسوق بسطة واحدة والبالغ عددها 148 بسطة، كما يخصص 118 بسطة لبيع الإنتاج المحلي و30 للإنتاج المستورد.

وفي كتاب آخر لعام 2007، في شأن إنشاء هيئة مستقلة لسلامة الأغذية، قدم فيها الفريح شرحاً لأهمية الغذاء على سلامة صحة الإنسان، ونظام الدول الأوروبية وغيرها في نظام سلامة الأغذية تتم من جهة واحدة، وهي هيئة سلامة الأغذية التابعة لوزارة الزراعة، وهي الهيئة التي تُشرف على جميع مراحل صناعة الأغذية والاستهلاك الآدمي.

وقارن الفريح الوضع مع الكويت «وقتئذ»، حيث الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية مسؤولة عن صحة الثروة الحيوانية والدواجن وتزويد المزارع بالأدوية والتحصينات، ولكنها غير مسؤولة عن المنتج مثل الحليب أو البيض أو الدواجن المذبوحة، وكذلك وزارة الصحة مسؤولة عن إعطاء ترخيص صحي للعاملين في الأغذية، وكذلك فحصها في المختبر، وتقتصر أساساً على فحص المواد الغذائية عند وصولها إلى الكويت ولا توجد مراقبة فعلية وفحوصات في النقل والتخزين والتداول.

ودعا الفريح إلى دراسة شاملة بالتعاون مع احدى الدول المتطورة في مجال سلامة الأغذية مثل الدنمارك والنرويج وهولندا وغيرها، على أن تشمل الدراسة مسحاً كاملاً لجميع الإمكانيات من قوانين ومختبرات وطرق فحص لجميع أنواع الأغذية والعاملين بها والمزارع والمصانع، على أن يكون لهيئة سلامة الأغذية مختبر مركزي يغطي جميع الاختبارات بأسرع وقت.

النفط والزراعة

لفت الفريح إلى مراحل تطور الزراعة، حيث أدى اكتشاف النفط إلى طفرة في كل المجالات في دولة الكويت، ومنها المجال الزراعي. إذ مرت الزراعة بمراحل من الإهمال بعد اكتشاف النفط، ففي فترة الخمسينات تلك اقتصرت الزراعة على القطاع الحكومي وفي مجال التجميل والتحريج فقط مما تحتاجه المدارس والمرافق والحدائق العامة والشوارع، ومع نهاية الستينات ومطلع السبعينات بدأ الاهتمام شيئاً فشيئاً بالزراعة الإنتاجية، وبدأ القطاع الأهلي في إقامة المزارع في الوفرة والعبدلي.

الاستيراد من أستراليا

في أحد فصول الكتاب، تطرّق الفريح إلى زيارته إلى أستراليا، كعضو مجلس إدارة الهيئة العامة للزراعة عام 2008 قدّم الفريح تقريراً عن الزيارة مع التوصيات المقترحة والتي تتعلق في الثروة النباتية والحيوانية والأسماك والزراعة التجميلية، مبيناً أن «غرب أستراليا تعتبر الكويت من أهم الدول المستوردة للقمح والشعير والأغنام وبعض الخضراوات، وتبلغ قيمة مشتريات الكويت من غرب أستراليا أكثر من 110 ملايين دولار».

كما أوصى أن تقوم «هيئة الزراعة» بالتعاون مع معهد الأبحاث والتطوير في جنوب أستراليا بإجراء أبحاث وتجارب مشتركة حول إنتاج أصناف من البرسيم مقاومة للأراضي الملحية وعالية الحموضة تتناسب مع بيئة الكويت.

إنجازات «برقان» الزراعية

عدّد الفريح إنجازات شركة برقان الزراعية ومنها، إنشاء أول وأكبر بيت زجاجي في العام 1982 بمساحة 20 ألف متر مربع وينتج 700 طن من الخضار في السنة.

كما شملت الإنجازات أن «برقان الزراعية» أول من أضاف بابين للعزل لدخول البيت الزراعي يكون الباب بجانب خط المراوح، كما أنها أول من سوق سماد سريع الذوبان إضافة إلى أنها الشركة الوحيدة التي لديها مركز تجارب في الوفرة والعبدلي لتجربة البذور والتقاوي قبل طرحها في سوق الكويت.

نصائح متنوعة

تضمّن الكتاب مقالات زراعية متنوّعة للفريح، تناولت دعوة أصحاب السيارات إلى غسل سياراتهم باستخدام ماء الجردل (السطل) لا ماء الهوز، حفاظاً على المياه العذبة المصنعة المكلفة في الكويت، كما دعا في مقال «خطر على الأمن الغذائي تحويل القسائم الزراعية لمتنزهات واستراحات» إلى دعم المزارع الكويتي كي لا يعزف عن الإنتاج الزراعي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا