الارشيف / حال الكويت

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الأربعاء 31 مايو 2023 10:14 مساءً - بكثير من الأسى على الوضع السياسي في لبنان، لكن من دون فقدان الأمل، وصفت رئيسة مجلس الإدارة رئيسة تحرير جريدة «النهار» اللبنانية نايلة تويني لبنان حالياً بأنه «حزينٌ في السياسة، وكل واحد صار يغني ويبكي على موّاله»، مشيرة إلى أن هناك حالة تفتيت وفقدان لرجال دولة كبار يفكرون بمصلحة الوطن.

ورأت في الكويت ولبنان شبهاً كبيراً لناحية الغنى في التنوع والثقافة والتعليم، مؤكدة أن الكويتيين واللبنانيين قريبون من بعضهم البعض ويشبهون بعضهم أيضاً، مشيدة بوقوف الكويت إلى جانب لبنان في جميع الأزمات التي مرّ بها.

تويني التي كانت نائباً في البرلمان لدورة من أربع سنوات بعد فوزها في الانتخابات العام 2009، اعتبرت أن الوضع الإقليمي هو الذي سيُحدّد من هو رئيس الجمهورية القادم، معربة عن الأسف لعدم قدرة أفرقاء الداخل على تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم لحل الأزمة التي أنهكت المواطن اللبناني.

وأكدت أن ما يحتاجه لبنان هو رئيس يفكر بمصلحة لبنان وليس بمصلحة حزبية أو فئوية، وأن يكون لديه خطة اقتصادية مالية واجتماعية تعيد الاحترام للبنان الذي كان مدرسة في الثقافة والتعليم والصحة وغيرها من المجالات.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• هل هذه أول زيارة لكِ... وكيف تنظرين إلى الكويت؟

- من بعد أزمة «كورونا» هذه أول مرة أزور الكويت... وسعيدة بأن ألتقي بالزملاء... وأرى في الكويت تشابهاً كبيراً بينها وبين لبنان... في الثقافة والتعليم والأسس والمبادئ... وهذا المجتمع المنفتح، حيث تجد كيف أن امرأة تعلمت وتطورت ووصلت لأعلى المناصب... تجد هنا في الكويت الثقافة والتعليم والمجتمع المدني الحيوي... أهل الكويت ولبنان قريبون من بعضهم ويشبهون بعضهم... ونحن كلبنانيين نتمنى دائماً الأفضل للكويت التي لم تبخل يوماً على لبنان بالوقوف إلى جانبه في أصعب الظروف وجميع المراحل.

• لماذا تراجعت المعارضة السيادية في لبنان؟

- لبنان في السياسة صار حزيناً وكل واحد صار يغني ويبكي على مواله، وأفضل مشهد كان مشهد 14 مارس 2005، عندما كان لبنان كله صوتاً واحداً... صحيح الآن هناك اتفاق بين المعارضة السيادية على بعض العناوين والخطوط العريضة أو على فكرة معينة، لكن عملياً كل حزب لوحده، وقد حاول البعض الاجتماع لكن الفكرة تغيّرت وحتى ثورة 2019 لم تكن مثل ثورة 2005 التي تريد لبنان أفضل والتخلص من الطبقة السياسية الموجودة... ونحن في (النهار) لم نطلق على أحداث 2019 تسمية ثورةK بل قلنا عنها مجرد انتفاضة، فالثورة تعني التغيير.

وعقب الانتخابات الأخيرة، رأينا النتيجة، فاللبنانيون هم من صوتوا وليس شعباً آخر... نحن نعلم الوضع السياسي ووضع «حزب الله» بالمنطقة وردود فعله تجاه لبنان وتحكمه في اختيار رئيس الجمهورية.

• كيف تنظرين إلى الأزمة الاقتصادية وهل هناك أمل بحلول قريبة؟

- المواطن اللبناني تعب والأزمة المالية أنهكته، وكنا نعتقد لو أن تراجع الليرة اللبنانية أمام الدولار وصل إلى رقم معيّن فإن الناس ستثور وتنزل إلى الشوارع وتقطع الطرقات وتنفذ عصياناً مدنياً، لكن التراجع كان أكبر بعشرات المرات من التوقعات ورغم ذلك لم يحصل شيء.

لكن بنفس الوقت، المواطن اللبناني أصبح ظاهرة في التأقلم مع تدهور الأوضاع، إذ إن هناك حالات مأسوية وفي الوقت نفسه هناك استمرار للسهر والتسوق، لدرجة أن هناك حالياً 264 مطعماً جديداً يتم افتتاحها... كما أن الفنادق والشواطئ ممتلئة بالحجوزات للصيف، وهذه ظاهرة غريبة.

أما البنوك فلا يبدو أن هناك أملاً بأن تعيد أموالنا، ويقول البعض إنه في شهر يونيو سيتم انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان (بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي في نهاية يونيو)... والناس متفائلة بعد اتفاق السعودية وإيران برعاية الصين، لكن برأيي أن لبنان غير موجود على أي طاولة وأنه يجب على السياسيين أن يفكروا ولو لمرة واحدة بحل أزماتهم من دون تدخلات خارجية.

• هل كانت مناورة «حزب الله» العسكرية الأخيرة بمثابة رسالة للسعودية حتى بعد اتفاقها مع إيران، أم رسالة لإسرائيل؟

- بالتأكيد خلفها رسالة إقليمية أكثر من رسالة لإسرائيل، بكل أسف. فالحزب يخطط ويعمل ضمن استراتيجية، وبالتأكيد مناورته الأخيرة لها هدف... وهذا التصرف يستفزنا كلنا في لبنان لأنه يظهر المشهد وكأن لبنان هو فقط مجرد «حزب الله» علماً أن الحزب لا يمثلنا وهذا المشهد ليس مشهد لبنان الحقيقي.

• هل هناك تفتيت للبنان؟

- بالتأكيد هناك حالة تفتيت ونشتاق لرجال كبار يفكرون بمصلحة الوطن... لأن المذاهب دمّرت لبنان، والتشدد المذهبي رأينا نتائجه.

• هل تعتقدين أن سعد الحريري دفع ثمن وسطيته، وهل يمكن أن يعود للعب دور سياسي؟

- هناك مقولة للرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران معناها بالعربية (السياسي لا يموت إلا عندما يموت فعلاً)... فلا أحد يعلم ماذا يمكن أن تفعل السياسة وماذا يمكن أن تكون عليه الأدوار السياسية.

• من هو الشخص الذي تأملين أن يكون رئيساً للبنان؟

- لن أسمي شخصاً بعينه، فلا يوجد اسم فعلاً... لم يعد هناك رجال سياسة... هناك من يمكنه التغيير لكن لا نراه، خاصة مع ما آثره البعض في اعتزال المشهد السياسي... نحلم بوجود رئيس جمهورية قوي.. كان لدينا رئيس جمهورية يوصف بالقوي مع احترامي الشديد للناس التي تحبه لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً بل وصلنا للدمار.

نحتاج إلى رئيس يفكر بمصلحة لبنان ولا يوجد لديه حزب أو مصلحة حزبية، ويكون قادراً على ضبط الأوضاع اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، ولن أقول سياسياً لأنها واضحة بالنسبة لنا، لكن على الأقل يُعيد الثقة العربية والدولية والخليجية بلبنان وأن يكون لديه خطة اقتصادية مالية واجتماعية تعيد الاحترام للبنان... لبنان كان مدرسة في الثقافة والتعليم والصحة وغيرها، لكنه مع الأسف يخسر حالياً الكفاءات فالرواتب لا تكفي والعملة الوطنية منهارة... لذلك نرى الأطباء مثلاً يسافرون إلى دول الخليج أو أوروبا أو أميركا لتحسين أوضاعهم.

• ما رأيك بالأسماء والمعادلات المطروحة، ومن بينها المعادة الشهيرة: سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام رئيساً للحكومة؟

- ما يتم الحديث عنه هو لائحة شاملة بالأسماء (رزمة كاملة) تتضمن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والقيادات في الدولة وحاكم مصرف لبنان، باتفاق مسبق بالطبع.

وما أراه حالياً هو حرق أسماء... ولا بد من الاتفاق للوصول إلى تسوية.

وبالتأكيد أن سليمان فرنجية هو المرشح الأول لـ«حزب الله» لكن الوضع الداخلي وفي المنطقة هو الذي سيحدد مسار الأمور... وكنت أتمنى أن يكون قرارانا داخلياً ونكون قادرين على تحديد خيارنا.

لبنان تغيَّر... و«النهار» تبقى الصوت العالي المُزعج للسياسيين

تطرقت نايلة تويني إلى دور جريدة «النهار» في الحياة السياسية اللبنانية، مشيرة إلى أن الإعلام اللبناني كله تغيّر، لكن «النهار» تبقى دائماً الصوت المُزعج للسياسيين والصوت العالي الذي يسعى للتغيير، «فلا يزال الإعلام يلعب دوره، وإن كان تغيّر من ناحية صناعة الرؤساء واختيارهم، فلبنان تغيّر وبالتالي طبيعة دور الإعلام تغيّرت أيضاً».

ورداً على سؤال عن أن الصفحة الأولى في «النهار» كانت تؤثر في تشكيل حكومات، قالت تويني إن ذلك لم يعد موجوداً حالياً، لأن التركيبة والطريقة كلها تغيّرت، والأحزاب الموجودة تضع أو تقيل من تريد في المناصب، وتشلّ البلد من دون أن تنزعج.

غسان «الديبلوماسي» وجبران «الثورجي»

ورأت تويني أن «النهار» بنفس قوة «نهار غسان تويني وجبران تويني»، لكن الزمن تغيّر مثل ما تتغيّر التكنولوجيا، فكل واحد من الراحلين كان له طريقة، فغسان تويني مثلاً تجده في الديبلوماسية والسياسة وصناعة الرؤساء. أما جبران فكان «ثورجياً» وكان يمضي بالسياسة والتكنولوجيا في مؤسسة «النهار»، وعندما بدأ ثورته التقنية لم يكن هناك «آيفون» وهواتف ذكية وقت استشهاده، ولم يكن هناك «سوشيال ميديا»، لكنه كان دائماً يحرص على صدور «النهار» إلكترونياً وأن يكون موقعها فعالاً وقوياً، وأن يستخدم الصحافيون الكمبيوتر، كما نقل مقر «النهار» من مبنى إلى مبنى جديد.

«لولا التماسكُ لما كنا موجودين»

وقالت تويني إنه في ظل وضع البلد والتهديدات والاغتيالات تراجع الاهتمام بالنسخة الورقية ومعها الإعلانات، لا سيما مع دخول «السوشيال ميديا» ووسائل التواصل الحديثة... كل شيء تغير ومرّت «النهار» بأزمة مالية قبل أزمة لبنان المالية، «وظللنا سنة ونصف السنة من دون رواتب والزملاء بالجريدة انتظروا، ولولا ذلك التماسك ما كنا إلى الآن موجودين، ثم تبع ذلك أزمة انفجار مرفأ بيروت وأزمة لبنان المالية و(كورونا)، فلم يمرّ علينا أحداث مشابهة بما حدث في الـ18 عاماً الأخيرة، ولكننا حرصنا على التطوّر».

مواصلة التطوير

وشدّدت على أهمية استكمال مسيرة التطوير، مشيرة إلى أن الاشتراك المدفوع «البريميوم» نجح منذ انطلاقته قبل نحو 6 أعوام.

ولفتت إلى أن الأزمة المالية في لبنان أثرت على كل شيء، وأفرزت صعوبات لناحية تسديد الاشتراكات، مؤكدة أن «النهار» مستمرة في التطوير ومواكبة الحداثة، على جميع المستويات.

Advertisements

قد تقرأ أيضا