الارشيف / حال الكويت

... هكذا انهارت التكنولوجيا دفعة واحدة حول العالم

كتب ناصر المحيسن - الكويت في السبت 20 يوليو 2024 10:28 مساءً - واشنطن - وكالات - من المعروف أن شركات الأمن السيبراني تجري تحديثات منتظمة لمنتجاتها للتعامل مع التهديدات الإلكترونية، لكن عندما تعطلت أجهزة الكمبيوتر وأنظمة التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تعطل المطارات وتوقف خدمات شركات، الجمعة الماضي، كان لدى الكثير من الناس سؤال واحد: كيف يمكن أن يحدث هذا في العام 2024؟

كان تحديث البرنامج من شركة واحدة للأمن السيبراني، هي «كراود سترايك» ومقرها الولايات المتحدة، هو السبب الجذري للفوضى، مما يسلط الضوء على هشاشة الاقتصاد العالمي واعتماده على أنظمة الكمبيوتر التي يفكر فيها عدد قليل نسبياً من الناس.

ليس هجوماً

لم يكن ما جرى هجوماً سيبرانياً كما يظن البعض عادة عند حدوث وضع كهذا، بل المشكلة تتعلق بالجانب البرمجي بأحد البرامج الكثيرة التي تقدمها شركة «كراود سترايك» لعملائها يدعى «كراود سترايك فالكون» (CrowdStrike Falcon).

تصف الشركة البرنامج بأنه يوفر «مؤشرات هجوم في الوقت الفعلي، وكشفاً دقيقاً للغاية، وحماية آلية» من التهديدات السيبرانية المحتملة، وتستخدمه آلاف الشركات حول العالم لحماية بياناتها، وليس «مايكروسوفت» فقط. ويُعتقد أن الخادم الخاص بذلك المنتج قد تعطّل، وأدى إلى العطل العالمي في منتجات «مايكروسوفت».

وفي هذا السياق، قال الباحث في مجال الأمن السيبراني كوستين رايو، لشبكة «سي إن إن»: «يعتقد معظم الناس أنه عندما تأتي نهاية العالم، فسوف يسيطر الذكاء الاصطناعي على نوع ما من محطات الطاقة النووية ويغلق الكهرباء، بينما في الواقع، من المرجح أن يكون ذلك نوعاً من التعليمات البرمجية الصغيرة في تحديث فاشل، مما يتسبب في تفاعل متسلسل في الأنظمة السحابية المترابطة.»

وتعد تحديثات البرامج وظيفة مهمة في المجتمع للحفاظ على أجهزة الكمبيوتر محمية من المتسللين، لكن عملية التحديث بحد ذاتها ضرورية للحصول على المعلومات الصحيحة والحماية من العبث.

وقد تزعزت الثقة المتأصلة، والتي يقول البعض إنها في غير محلها، في تلك العملية، بسبب ماجرى الجمعة.

هيمنة الشركات

تستخدم العديد من الشركات برنامج الأمن السيبراني الخاص بـ«كراود سترايك» لاكتشاف تهديدات القرصنة وحظرها.

وتعطلت أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام التشغيل «مايكروسوفت ويندوز»، وهو أحد البرامج الأكثر شهرة في العالم، بسبب الطريقة الخاطئة التي يتفاعل بها تحديث التعليمات البرمجية الصادر عن «كراود سترايك» مع «ويندوز».

وقامت شركة «كراود سترايك»، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بتوسيع نطاق تواجدها في جميع أنحاء العالم خلال أكثر من عقد من ممارسة الأعمال التجارية.

وبسبب هذا، أصبحت العديد من الشركات والحكومات محمية الآن من التهديدات السيبرانية، لكن هيمنة عدد قليل من الشركات في سوق مكافحة الفيروسات واكتشاف التهديدات تخلق مخاطرها الخاصة، وفقاً للخبراء.

هشاشة النظام

وقال مونيش فالتر بوري، المدير السابق لشؤون المخاطر السيبرانية لمدينة نيويورك: «نحن نثق بمقدمي خدمات الأمن السيبراني على نطاق واسع ولكن من دون تنوع، لقد خلقنا هشاشة في نظامنا البيئي التكنولوجي».

وأضاف بوري: «الفوز في السوق يمكن أن يؤدي إلى تجميع المخاطر، ومن ثم فإننا جميعاً - المستهلكين والشركات على حد سواء - نتحمل التكاليف».

القطاعات المتضررة

المطارات

من أمستردام إلى زوريخ ومن سنغافورة إلى هونغ كونغ، أبلغ مشغلو مطارات عن مشكلات فنية تعطل خدماتهم.وبينما أوقفت بعض المطارات جميع الرحلات الجوية، اضطر موظفو شركات طيران في مطارات أخرى إلى تسجيل الركاب يدوياً.

وأمرت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية في البداية بوقف جميع الرحلات الجوية «بغض النظر عن الوجهة»، وإن أعلنت شركات طيران في ما بعد إعادة تشغيل خدماتها.كما أعلنت شركة «إينديغو» أكبر شركات الطيران الهندية عن «حل» المشكلة السبت.

في أوروبا، أفادت مطارات رئيسية، من بينها برلين التي علقت كافة الرحلات الجوية في وقت سابق الجمعة، أن رحلات المغادرة والوصول استؤنفت.

وذكرت الخطوط الجوية التركية أنها واجهت مشكلات في أنظمة الحجز وتسجيل وصول الركاب وإصدار التذاكر، فيما أعلنت إسبانيا أن كل المطارات عانت من العطل.كما أشارت شركة «إير فرانس» إلى اضطرابات في عمليات «بعض المحطات»، لكن المطارات الباريسية ظلت بمنأى عن العطل.

الخدمات الصحية

أشارت التقارير الواردة من هولندا وبريطانيا إلى احتمال أن تكون الخدمات الصحية تأثرت بالاضطرابات، ما يعني أن الحجم الكامل للضرر قد لا يكون معروفاً بعد.

الإعلام

وتأثرت مؤسسات إعلامية أيضاً، حيث أفادت قناة «سكاي نيوز» البريطانية أن الخلل أدى إلى وقف بثها الإخباري صباح الجمعة، فيما أبلغت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية بدورها عن صعوبات كبيرة.

البنوك والهواتف

وأفادت بنوك في كينيا وأوكرانيا عن مشكلات تتعلق بخدماتها الرقمية، فيما تعطلت بعض شركات الهاتف المحمول وخدمات الزبائن في عدد من المؤسسات.

أولمبياد باريس

كما أعلنت اللجنة المنظمة لـ«أولمبياد باريس 2024»، أن العطل «عرقل العمليات المعلوماتية» لمنظمي الألعاب الأولمبية.

وأضافت اللجنة، في بيان: «نحن على علم بالمشكلات التقنية العالمية التي تؤثر على برامج (مايكروسوفت)، وهذه المشاكل تعطل عمليات المعلوماتية في (باريس 2024)».

وقال مصدر في اللجنة المنظمة إن نظام الاعتمادات تم تغييره، مما منع بعض الأشخاص من سحب بطاقاتهم.

النفط والغاز

خلال الفوضى العالمية، قالت 6 مصادر في الصناعة لوكالة «رويترز» إن كثيراً من مكاتب تداول النفط والغاز الرئيسية في لندن وسنغافورة كافحت لتنفيذ الصفقات بسبب الانقطاع الإلكتروني.

خدمات أخرى

كما عانت منصة الأخبار والبيانات «وورك سبيس»، التابعة لمجموعة «بورصة لندن»، من انقطاع، ما أثر في وصول المستخدمين في جميع أنحاء العالم.وسجّل موقع «داون ديتكتور»، الذي يتتبع انقطاعات الإنترنت التي يبلِّغ عنها المستخدمون، انقطاعات متزايدة في الخدمات في «فيزا»، و«أمازون»، و«إيه دي تي سيكيورتي».

ما حجم الخسائر؟ ومن هم المستفيدون؟

توقع المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات رولان أبي نجم أن تكون «الخسائر بالمليارات وأن تُسرع الحكومات بإيجاد حلول وإجراءات سريعة في كل العالم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».

وأضاف: «المستفيدون كثر لا مجال للحصر، في مقدمهم الشركات المنافسة في دول مثل الصين وروسيا التي صارت مستقلة ولديها أجهزة خاصة بها».

وتابع: «أما المستفيدون على الصعيد السياسي فهي الدول التي تعتبر نفسها منافسة للشركات الأميركية في عالم التكنولوجيا، لذا يجب عدم القبول بالاشتراك بمزود خدمة واحد».وأضاف أبي نجم: «في الواقع كل شيء تعطّل، إنما لم يتم الإعلان عنه إلا تدريجياً».

الوضع يعود إلى طبيعته... تدريجياً

عواصم - ا ف ب، رويترز - عاد الوضع تدريجياً إلى طبيعته، أمس، عقب العطل المعلوماتي غير المسبوق الذي أدى إلى اضطرابات لدى شركات طيران عالمية ومصارف ومؤسسات مالية، ونجم عن تحديث فيه خلل لبرنامج مضاد للفيروسات.

وازدحمت مطارات بالركاب عبر العالم الجمعة الفائت بعد إلغاء عشرات الرحلات، فيما بذل المشغلون جهوداً حثيثة لمواصلة العمليات، بعدما تسبب تحديث يشوبه خلل لبرنامج للأمن السيبراني لمجموعة «كراود سترايك» الأميركية بعطل عالمي عند تنزيله على أنظمة تشغيل «مايكروسوفت ويندوز».

وأفادت شركات طيران أميركية ومطارات في أنحاء آسيا عن بدء استئناف عملياتها مع عودة خدمات تسجيل الركاب في هونغ كونغ وكوريا الجنوبية وتايلند والهند وإندونيسيا وفي مطار شانغي في سنغافورة اعتباراً من بعد ظهر أمس.

وأعلنت «مايكروسوفت» أن المشكلة بدأت الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينتش يوم الخميس الماضي (أي التاسعة مساء بتوقيت الكويت)، وأثرت على مستخدمي برنامج «كراود سترايك فالكون».

من جهتها، أفادت شركة «كراود سترايك» أنها نشرت برمجية لإصلاح المشكلة، وقال رئيسها جورج كورتس لقناة «سي إن بي سي» الإخبارية الأميركية إنه يريد «الاعتذار شخصياً من كل مؤسسة وكل مجموعة وكل شخص طاله الضرر».

وأضافت الشركة أن عودة الوضع إلى طبيعته ستستغرق بضعة أيام.وقد سارعت الشركات لإصلاح أنظمتها ومسح الأضرار وحاول المسؤولون الحد من الذعر باستبعاد حصول أي هجوم إلكتروني.

وقال كورتس من «كراود سترايك» في بيان إن فرقه «معبأة بالكامل» لمساعدة الزبائن المتضررين، و«تم نشر برمجية» تصليح الخلل.

لكن الأستاذ في جامعة لوبورو البريطانية أولي باكلي كان واحداً من العديد من الخبراء الذين شكّكوا في سهولة نشر برمجية مناسبة لمعالجة المشكلة.

وأضاف «فيما يمكن للمستخدمين ذوي الخبرة تنفيذ الحل البديل، فإن توقع قيام الملايين بذلك أمر غير عملي».

Advertisements

قد تقرأ أيضا