ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 15 أكتوبر 2023 01:14 صباحاً - التاريخ: 15 أكتوبر 2023
حذر مختصون في العلاقات الأسرية من إحدى الآفات الاجتماعية التي تتسبب في تدمير الأسر أحياناً وهي ما تسمى بـ«التخبيب» وهو إفساد المرأة على زوجها أو العكس، والتي يفعلها بعض الناس وربما يجهلون خطورتها لإفساد صفو العلاقة الزوجية التي تعد أساس سعادة واستقرار الأسرة بأكملها، متجاهلين أن هذا الفعل اللاأخلاقي محرم بالقرآن والسنة، ومطرود صاحبه من رحمة الله.
وأرجع علماء دين ومحامون واختصاصيو علم نفس واجتماع، أغلب حالات الطلاق في المجتمع، والفرقة بين أفراد العائلة، إلى آفة «التخبيب»، التي اعتبروها «فيروساً» من فيروسات العلاقة الزوجية، وواحداً من الأسباب الرئيسية للفرقة بين الأفراد وتدمير البيوت وتشتت الأسر.
وقالوا لـ«حال الخليج» إن المخببين يرفعون لواء الفرقة لإفساد مثل هذه العلاقات بين الزوج وزوجته أو بين أفراد الأسرة، على الرغم من تحريم الشريعة الإسلامية الإفساد بين الزوجين بشكل خاص وبين الناس بشكل عام وإيقاع العداوة والفرقة بينهما، مقدمين حلولاً لمعالجة هذه الآفة المجتمعية، والحكم الشرعي والقانوني في مرتكبها، مؤكدين أن ثمة 5 أسباب رئيسية لها هي:
الرغبة في السيطرة والتحكم، الحسد والغيرة، الفشل الفردي، سوء التربية ونمط الحياة السلبي.
تعزيز الوعي
وأكد الدكتور عبدالله موسى مستشار الوعظ والإرشاد بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي خبير التحكيم الأسري بمحاكم دبي ومستشار أسري في جمعية النهضة النسائية، على ضرورة معالجة هذه الآفة عبر تعزيز الوعي والنصح والإرشاد لأفراد المجتمع من خلال خطب الجمعة أو الندوات والمحاضرات بخطورة وتحريم التخبيب.
وقال إن الإفساد بين أي طرفين مرض مجتمعي خطير محرم بالقرآن والسن، وأضاف أن هناك الكثير من العلاقات التي تم تدميرها بسبب التخبيب بين الزوجين سواء من ذويهما أو من أصدقائهما أو المحيطين بهما.
وذكر حالة أدت لجريمة قتل، وبدأت القصة حين دب خلاف بسيط بين زوجين كانا يعيشان حياة هنيئة تتمتع بعلاقات طيبة بين الطرفين وبين ذوي كل منهما، إلا أن النقاش احتد ذات يوم بينهما ولأن الشيطان يكون حاضراً ومتأهباً في مثل هذه المواقف فجعل الزوج يخطئ في حق أهل زوجته بكلمة.
وذكر أن الزوجة نقلت هذه الكلمة لأهلها وخببت بينهم وبين زوجها من دون قصد في ساعة غضب، فذهب الأخ لزوج أخته واحتد النقاش بينهما ووصل إلى حد التطاول باليد، وقام النسيب بتسديد ضربة مميتة لزوج أخته، وحكم عليه بالقصاص وأصبحت الزوجة أرملة، وكل ذلك بسبب التخبيب غير المقصود.
شر عظيم
من ناحيته قال الشيخ الدكتور عبدالله الكمالي مستشار أول بإدارة التثقيف والتوجيه الديني بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: «من الأمور التي لها ضرر عظيم على مختلف الجوانب في الحياة هي آفة التخبيب.
ولكم أن تتصوروا شناعة الأمر خاصة بين الزوجين، ففي بعض الأحوال قد يبدر من الزوجة خطأ يستدعي غضب الزوج فيبادر بمشاورة بعض زملائه فيشير عليه بما يهدم أسرته، وقد ينقاد الزوج لهذه المشورة بسبب شدة الغضب والانفعال.
وأضاف: يجب الحذر من المخببين والانتباه لمكرهم وشرورهم، ففي الحديث الصحيح: «من أفسد امرأة على زوجها فليس منا»، وفي بعض المجالس يقوم أحدهم بهذا الدور محرضاً الرجال على النساء وبعضهن عند النساء تقوم بهذا العمل فتحرض المرأة على زوجها وتطور هذا النوع من التخبيب فأصبح موجوداً في مختلف تطبيقات التواصل الاجتماعي للأسف الشديد.
إفساد الحياة
وذكر المحامي والمستشار القانوني عيسى بن حيدر حالات تسبب فيها التخبيب إلى إفساد الحياة بين الزوجين حتى وصلت إلى الطلاق، ومنها حالة طلبت الخلع بسبب عدم مقدرة زوجها على الإنفاق بالقدر الذي كانت تجده في بيت ذويها.
حيث إنها من عائلة ميسورة بينما يعاني زوجها من قلة ذات اليد، وإمعاناً في إقناعها يوحي لها بأنها ابنة عائلة مرموقة وأنها مازالت صغيرة وستتزوج مرة أخرى بمجرد أن تحصل على الطلاق لأن ألفاً يتمنونها على حد تعبيرهم.
وأضاف أن هذه الزوجة حصلت بالفعل على الطلاق وما زالت تنتظر الزوج الذي تحلم به منذ ما يقارب العشرين عاماً، حيث أصبح عمرها اليوم 45 عاماً، بينما تزوج طليقها ورزق بأبناء من زوجته الجديدة وترقى في عمله وتحسنت ظروفه.
وذكر بن حيدر حالة أخرى لزوجة كانت تعاني من إدمان زوجها للخمر ورغم ذلك صبرت عليه ولم تطلب الطلاق، وفي ذات الوقت تنفس عما بداخلها عن طريق التخبيب لجارتها على الرغم من أن زوجها يتقي الله ويرعى حقوق أولاده إلا أنها تنصحها بطلب الطلاق للحصول على حريتها، لشعورها بالغيرة والحسد من جارتها ذات الوضع العائلي المستقر، مشيراً إلى أن جارتها وللأسف الشديد انصاعت لنصيحتها وكادت تفقد بيتها وحياتها.
مات قهراً
أما الحالة الثالثة فهي لزوجة، وفر لها زوجها مسكناً وأغدق عليها وعلى أطفاله الستة من ماله حتى أنه كان يغير لها السيارة الخاصة بها كل عامين، على الرغم من أنها لا تعمل، وألحق أبناءه جميعهم في مدارس خاصة، ولم يكتفِ بذلك بل اشترى لهم شقة في لندن.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك كله إلا أنها طلبت الطلاق منه وعللت ذلك بأنه غير رومانسي بحسب ما خببت لها صديقة بذلك، فلم يتردد الزوج الذي لم يدخر وسعاً لإسعادها في تنفيذ طلبها دون تردد لما أصابه من قهر للنفس، بل أنه باع كل ما يملك وهاجر إلى دولة أخرى وتركها وأبناءه تبحث عن من يسد نفقاتهم.
تشويه العلاقات
من ناحيته أوضح علي مصبح ضاحي، المحامي والمستشار القانوني، أنه تلقى العديد من القضايا سواء الأسرية أو الاجتماعية التي اتضح أن سببها آفة التخبيب، حيث تم كشفها وعقد الصلح بين أطرافها في عدد منها بينما مضت الأخرى إلى ما لا يحمد عقباه.
وأفاد أن قانون العقوبات الاتحادي ينص على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة التي لا تزيد على 20 ألف درهم من أسند إلى غيره بإحدى طرق العلانية واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو للازدراء».
الأجدر والأكفأ
من جهتها قالت ناعمة الشامسي مستشارة أسرية وزوجية ونفسية أن ظاهرة التخبيب تمتد إلى محيط العلاقات في العمل، حيث يلجأ المخبب إلى الحديث عن آخرين بغير الحقيقة مثل أنهم لا يساعدونه في مهام العمل أو أنهم كسالى ليظهر أنه الأكفأ والأجدر بالوظيفة، وقالت إن العاقل هو من يغلق أذنيه للمفسد، مع ضرورة تعزيز الوعي الديني في المجتمع.
آثار سلبية على النفس
وقال الدكتور محمد علي النجفي الخبير النفسي بدبي إن هناك 5 أسباب رئيسية للتخبيب وهي: الرغبة في السيطرة والتحكم، الحسد والغيرة، الفشل الفردي، سوء التربية، نمط الحياة السلبي.
وحول العواقب النفسية والاجتماعية للتخبيب أكد النجفي أنها تترك آثاراً سلبية، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية، فالنتائج النفسية لهذا الفعل تؤثر بشكل كبير على صحة الشخص النفسية وتؤدي إلى الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق وحتى الانفصام الذاتي.
وهذه العواقب تمتد إلى الأطفال أيضاً، حيث ينعكس الجو المشحون بالتخبيب عليهم ويؤثر في تكوين شخصياتهم فيكتسبون مراجع سلبية للحياة الزوجية في مرحلة مبكرة من حياتهم ويتأثر المستقبل الزوجي لديهم.
تابعوا أخبار الإمارات من حال الخليج عبر جوجل نيوز
أخبار متعلقة :