ابوظبي - ياسر ابراهيم - الثلاثاء 8 أبريل 2025 12:05 صباحاً - أبوظبي - صبري صقر، وسامح الليثي
تتميز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات والهند بالقوة والتنوع، حيث تعد الهند من أكبر الشركاء التجاريين للإمارات. ففي السنوات الأخيرة، ارتفع حجم التجارة الثنائية، حيث يتم تصدير العديد من السلع من الإمارات إلى الهند، بما في ذلك الذهب والآلات والمركبات.
بينما تقوم الهند بتصدير المنتجات الزراعية، النسيج، والكيمياويات إلى الإمارات. إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين مستمرة في النمو والنضج في ظل التوجهات العالمية الحالية لتؤسس لمستقبل أكثر ازدهاراً.
كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين انطلاقة قوية خلال الفترة الماضية لتفتح آفاقاً جديدة للتعاون والعمل المشترك بهدف تعزيز الاستقرار والسلام والتنمية، وتعكس نموذجاً مهماً للتعاون على خريطة العلاقات الاقتصادية الإقليمية والدولية وتتمتع الإمارات والهند بعلاقات تجارية مميزة.
تستند إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين بهدف تعزيز التدفقات التجارية الثنائية خلال السنوات المقبلة من خلال عقد شراكات جديدة طويلة الأجل في مختلف القطاعات.
تبادلات تجارية
بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين 916 مليار درهم خلال 4 سنوات (منذ انقضاء الجائحة)، وفق أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء. وأوضحت البيانات أن الهند تبوأت مكانة متقدمة ضمن الشركاء التجاريين للإمارات خلال تلك الفترة من حيث إجمالي التجارة المحققة بين الجانبين.
وبحسب البيانات الرسمية، تجاوزت تجارة الإمارات غير النفطية مع الهند 240 مليار درهم في 2024 مقارنة بـ 199.3 مليار درهم في 2023، كما بلغت 312 مليار درهم في 2022، ووصلت إلى 164.6 مليار درهم في 2021.
وطبقاً لتوزيع أنشطة التجارة خلال الفترة ما بعد 2020، كانت الواردات إلى الإمارات صاحبة الحصة الأكبر من التجارة بين الجانبين خلال تلك الفترة بنسبة 52 % من إجمالي التجارة المحققة وبقيمة تجاوزت 375.3 مليار درهم.
فيما تلتها الصادرات الإماراتية إلى الهند بنسبة 25 % من إجمالي التجارة السلعية غير النفطية بين الجانبين في فترة ما بعد 2020، حيث بلغ إجمالي الصادرات 182.5 مليار درهم، بينما كانت حصة السلع معاد تصديرها 23 % من إجمالي التجارة وبقيمة بلغت 167.2 مليار درهم.
أما على صعيد السلسلة الزمنية لبيانات التجارة بين الجانبين، فقد بلغت التجارة السلعية غير النفطية بين الدولتين إجمالي قيمة تجاوزت 172.4 مليار درهم خلال الشهور التسعة الأولى من 2024، كانت الواردات في مقدمتها بحصة تجاوزت النصف بقيمة 86.6 مليار درهم، ثم الصادرات بحصة 31 % وبقيمة 53.5 مليار درهم، ثم السلع المعاد تصديرها بحوالي 28 % من إجمالي التجارة خلال الأشهر التسعة وبقيمة 32.5 مليار درهم.
وتعد الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام 2022 - 2023. كما أن الهند هي ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات. وجاءت الهند في مقدمة الوجهات للصادرات الإماراتية غير النفطية خلال 2024 واستحوذت على 13.5 % من صادرات الإمارات غير النفطية وبنسبة نمو تجاوزت 75 % مقارنة مع 2023.
وأفادت البيانات بوصول حجم الاستثمار المتبادل بين الجانبين إلى 20 مليار درهم (5.3 مليارات دولار) وذلك عن عام 2023، حيث تجاوز إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الهند 12.1 مليار درهم (3.3 مليارات دولار)، بينما تجاوز إجمالي الاستثمار الهندي في الإمارات حاجز الملياري دولار بما يناهز 8 مليارات درهم بنهاية 2023.
مزايا جديدة
ودخلت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند حيز النفاذ اعتباراً من تاريخ 1 مايو 2022، وبموجبها ستتمكن الشركات الإماراتية من الاستفادة من المزايا الجديدة التي توفرها الاتفاقية لتصبح الهند أول دولة توقع معها الإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة.
وتتضمن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند 18 فصلاً و11 ملحقاً وتهدف إلى الوصول بالتجارة غير النفطية بين الإمارات والهند إلى 100 مليار دولار سنوياً خلال 5 أعوام من توقيع الاتفاقية وقبل حلول 2030.
وتهدف الاتفاقية إلى توفير وصول أكبر للصادرات الإماراتية إلى السوق الهندية من خلال إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على أكثر من 80 % من السلع، وكذلك خلق بيئة مفتوحة وغير تمييزية للتجارة عبر الحدود مع الهند.
كما تهدف الاتفاقية إلى تعزيز وصول مزودي الخدمات في الإمارات إلى الأسواق عبر 11 قطاعاً رئيسياً وأكثر من 100 قطاع فرعي، بالإضافة إلى إزالة المعوقات الفنية غير الضرورية (المعوقات الفنية أمام التجارة) للمصدرين من الإمارات والهند، واستخدام المعايير الدولية كأساس للوائح الفنية.
وتستهدف الاتفاقية كذلك تعزيز وصول الشركات الإماراتية إلى فرص المشاركة في المشتريات الحكومية الهندية، ودعم الشركات الإماراتية من خلال منح أفضلية سعرية بنسبة 10 % في مناقصات المشتريات الحكومية الإماراتية، وضمان أن المنتجات الإماراتية لن تخضع لتحقيقات مكافحة الإغراق في الهند.
حيث يتم نقل هذه المنتجات فقط. كما تهدف إلى إنشاء لجنة مشتركة لتقييم ومراجعة واقتراح أي تعديلات على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الجانبين، بما في ذلك تحسين الوصول إلى الأسواق.
شركات ناشئة
وتخصص اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين فصلاً كاملاً للتعاون بين الإمارات والهند في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة واشتملت على توفير منصة للشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات للتوسع دولياً من خلال منحها إمكانية الوصول إلى عملاء وشبكات وسبل تعاون جديدة.
إضافة إلى توفير آلية لتبادل المعلومات فيما يتعلق بجميع الجوانب المتعلقة بالتجارة، بما في ذلك القوانين واللوائح والإجراءات وتسجيل الأعمال واللوائح الفنية والمعايير وبرامج الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتأسيس لجنة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتمكين مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتزويدها بالأدوات للاستفادة من الفرص المتاحة في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
وأطلقت الإمارات والهند «جسر الشركات الناشئة بين الإمارات والهند» الذي يوفر منصة مشتركة للشركات الصغيرة والمتوسطة تضم جميع المزايا والمعلومات للشركات في البلدين منها تبادل المعرفة وتنفيذ البرامج المشتركة وبناء القدرات.
وذلك بهدف توفير فرص استثمارية للشركات الناشئة في كلا البلدين تمكنها من مواصلة النمو، وتحقيق أفضل استفادة ممكنة من الفرص والإمكانيات المطروحة، ودفع العلاقات الاقتصادية المشتركة نحو مستويات وغير مسبوقة.
وشكلت التجارة أساساً قوياً للعلاقات الثنائية بين البلدين بهدف الاستفادة من موقع الإمارات الاستراتيجي كمركز عالمي لاستقطاب الكفاءات والمهارات والشركات العالمية كونها توفر فرصاً تجارية هائلة للأشخاص في جميع أنحاء العالم، ما يجعلها مركزاً للشركات الهندية الناشئة.
نموذج
إن التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الإمارات والهند يعد نموذجاً للتعاون الإقليمي بين الدول لدعم الاستثمارات والتجارة البينية، وخلق مزيد من فرص النمو المستدام المشترك لاقتصاد البلدين.
ويشهد التعاون الاقتصادي بين البلدين زخماً متواصلاً في مجالات وأنشطة الاقتصاد الدائري والسياحة والطيران وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتكنولوجيا والتحول الرقمي والنقل، ما يعكس الفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة بين البلدين.
وتتضمن الاستثمارات الإماراتية في الهند قطاعات متعددة أبرزها: الطاقة المتجددة والمعادن والبرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والمواد الكيميائية وتصنيع المعدات الأصلية للسيارات. وتعتبر الجالية الهندية أكبر جالية أجنبية في الإمارات، وتسهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي.