الارشيف / حال الإمارات

«الشهادات التدريبية الرقمية».. ارتقاء بالقدرات وإثبات للكفاءات

«الشهادات التدريبية الرقمية».. ارتقاء بالقدرات وإثبات للكفاءات

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 3 فبراير 2025 12:33 صباحاً - أثبتت الشهادات التدريبية الرقمية أهميتها عنصراً أساسياً لدعم الباحثين عن عمل، في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها قطاع التعليم والتدريب عالمياً، خصوصاً مع عدم كفاية المؤهلات الدراسية وحدها لتلبية متطلبات سوق العمل المتزايدة.

وأكد متخصصون لـ«حال الخليج» أن أصحاب العمل باتوا يبحثون عن مهارات عملية تكمل المؤهلات الأكاديمية وترتقي بالقدرات، ما يمنح الحاصلين على شهادات من جهات تدريبية عالمية ميزة تنافسية في التوظيف.

وفي المقابل، أشار خبراء إلى تزايد عمليات تزوير هذه الشهادات، ما يضع أصحابها في مواقف محرجة، ما دفع المتخصصين للمطالبة بتأمينها باستخدام تقنيات متطورة مثل NFT والبلوكتشين لضمان مصداقيتها وحمايتها من التلاعب.

وأكد أكاديميون أن هذه الشهادات تمثل تطوراً طبيعياً لدعم المتدربين بالمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، مشيرين إلى أن التركيز بات ينصب على الكفاءات والقدرات العملية إلى جانب المؤهل الدراسي.

وأجمع الخبراء على أن الشهادات الرقمية تمثل اتجاهاً عالمياً نحو توظيف أكثر مرونة وتعليم وتطوير مستمر، حيث تمنح الخريجين فرصة لإثبات قدراتهم، ومع التقدم التكنولوجي، من المتوقع أن تصبح هذه الشهادات معياراً رئيساً للتوظيف، ما يفتح آفاقاً واسعة لمجتمع المعرفة والابتكار.

ووفق المتخصصين فإن التكلفة المرتفعة وتطوير بنية تحتية تقنية متقدمة وتدريب الكوادر تمثل أبرز تحديات الاعتماد على التقنيات مثل NFT والبلوكتشين.

وأكدت التربوية الدكتورة عائشة السيار، أن الشهادات الرقمية تلعب دوراً محورياً في تعزيز مهارات الخريجين وتلبية متطلبات سوق العمل الحديث، وتشير إلى أن هذه الشهادات تركز على تقديم تدريب عملي وتخصصي في مجالات متنوعة، مثل تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي والتطوير البرمجي، ما يساعد على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.

وأوضحت السيار أن الشهادات الرقمية تسهم في تقليص الفجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل، حيث تكسب الطلبة مهارات عملية تطلب مباشرة في الوظائف، ما يجعلها خياراً مناسباً للتأهيل السريع مقارنة بالدراسة الجامعية التقليدية، كما توضح أن هذه البرامج التدريبية القصيرة تتيح إمكانية تحديث المهارات بشكل مستمر.

وتؤكد السيار أن الشهادات الرقمية تسهم في إعداد جيل قادر على العمل في قطاعات المستقبل، مثل التكنولوجيا المالية والحوسبة السحابية والروبوتات، وتستشهد بدراسة نشرت في 2024 تظهر أن مشاركة الشهادات المكتسبة عبر منصات مثل «كورسيرا» تزيد من فرص الحصول على وظائف جديدة بنسبة 6 %، مع ارتفاع بنسبة 8 % في الوظائف المرتبطة بهذه الشهادات.

نقلة نوعية

من جهته، قال الدكتور هاشم محمود الزيودي، خبير تدريب وتطوير مهني في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي: تمثل الشهادات الرقمية نقلة نوعية نحو مستقبل قائم على إثبات الكفاءة والجدارة، خصوصاً في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم، موضحاً أن تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) تعد أداة مبتكرة تسهم في تعزيز مصداقية الشهادات الرقمية، حيث تجعلها غير قابلة للتزوير أو التلاعب، وتوفر تخزيناً آمناً ودائماً لكل شهادة برمز فريد يمكن التحقق منه بسهولة وفي أي وقت، ما يقلل من التحديات المرتبطة بالوثائق التقليدية.

وأشار الزيودي إلى أن الاعتماد على تقنيات مثل NFT والبلوكتشين يواجه تحديات، أبرزها التكلفة المرتفعة لإصدار الشهادات ورسوم الشبكات المرتبطة، إلى جانب الحاجة إلى تطوير بنية تحتية تقنية متقدمة وتدريب الكوادر، ومع ذلك، أوضح أن ظهور شبكات بديلة مثل بوليجون وسولانا يقدم حلولاً أكثر كفاءة وأقل تكلفة، مؤكداً أن هذا التحول يعد استثماراً استراتيجياً طويل الأمد لتعزيز الثقة والكفاءة في أنظمة التوثيق الرقمي، داعياً إلى نشر الوعي والثقافة الرقمية لضمان نجاح التجربة، مشيراً إلى أن الإمارات تسعى، ضمن رؤيتها المستقبلية، لتكون نموذجاً عالمياً في الابتكار الرقمي وتعزيز مصداقية المهارات والكفاءات.

تحديات وضعف

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور المهندس خالد النابلسي، نائب رئيس الاتحاد العربي لمكافحة التزييف والتزوير، أن تزوير الشهادات ومنها الشهادات التدريبية يمثل إحدى التحديات الكبرى التي تواجه أصحاب الأعمال في المستقبل، حيث يضعف الثقة بين الأطراف المختلفة ويؤثر على مصداقية الكفاءات المهنية.

وأوضح أن تحدي التزوير والتزييف زاد تعقيداً من جراء التقدم السريع في التكنولوجيا، التي أتاحت فرصاً جديدة لظهور شهادات تدريبية غير حقيقية، موضحاً أن الحل يكمن في تعزيز آليات التوثيق الآمن باستخدام تقنيات حديثة مثل البلوك تشين.

وأشار النابلسي إلى أن إثبات الكفاءات العملية أصبح ضرورة ملحة في العصر الرقمي، حيث لم يعد الاعتماد على المؤهلات الدراسية كافياً لتقييم المهارات، وبين أن الشهادات التدريبية الرقمية تقدم دليلاً عملياً على ما يملكه الفرد من قدرات، ما يعزز فرصه في الحصول على وظائف تتطلب مهارات محددة، وتطرق إلى أن المؤسسات الأكاديمية تحتاج إلى التركيز على التطبيقات العملية، وذلك من خلال إتاحة التدريب العملي للطلبة سواء خريجي المرحلة الثانوية أو التعليم الجامعي وذلك من أجل اكتساب الخبرة والتمكين المهاري.

ملف رقمي

وفي السياق ذاته اعتبر التربوي الدكتور محمد البستاوي، أن الشهادات الرقمية تمنح المتعلم القدرة على بناء ملف رقمي شامل يعرض كفاءاته وإنجازاته في مختلف المجالات، ولفت إلى أن هذا الملف الرقمي يتيح للمتعلمين تقديم أنفسهم بشكل احترافي للشركات والمؤسسات، ما يعزز فرصهم في الحصول على وظائف أو مشاريع تتناسب مع مهاراتهم، مؤكداً أن هذه الشهادات لا تقتصر على المهارات التقنية فقط، بل تشمل جميع المجالات بما فيها الفنون والعلوم الإنسانية، ما يجعلها أداة شاملة لتطوير المهارات.

تعليم مستمر

من جهتها، رأت التربوية الدكتورة أسماء سعيد خذيل، مشرفة على عدد من المدارس، أن اعتماد الشهادات الرقمية سيغير مفهوم التوظيف في المستقبل بشكل جذري، مضيفة: أن الشركات ستعتمد على تقييم كفاءات المتقدمين بناء على مهاراتهم المثبتة بدلاً من التركيز على المؤهلات الأكاديمية أو سنوات الخبرة، وأن هذا النهج يتماشى مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على الابتكار والإبداع بدلاً من الأنظمة التقليدية التي قد لا تلبي احتياجات السوق.

في السياق ذاته، شدد الدكتور نزيه خداج ملاط، نائب رئيس جامعة العين لشؤون الاعتمادات وضمان الجودة، على أهمية دور المؤسسات التعليمية في تعزيز مفهوم الشهادات الرقمية، وقال الدكتور ملاط: «إن هذه المؤسسات يجب أن توفر منصات تعليمية مرنة تدعم منح الشهادات التدريبية الرقمية التي تمنح تدريبات حقيقية، وتتيح للمتعلمين فرصة تقييم ذاتهم بشكل دوري وفقاً لمعايير عالمية، ويشير إلى أن هذه الشهادات تمثل وسيلة لتحفيز المتعلمين على اكتساب مهارات جديدة وتحديث معارفهم باستمرار.

إحصاءات

من جانبه، قال قيس الزريبي، المدير العام لشركة كورسيرا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: «إن سوق العمل المستقبلي يتطلب مزيجاً من الخبرات الفنية والمهارات البشرية الأساسية، موضحاً أن هناك طلباً متزايداً على مهارات مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، لا سيما في مجالات إدارة المخاطر وتحليل البيانات، إلى جانب مهارات الأعمال»، مؤكداً أن هذه الكفاءات الفنية يجب أن تعزز بمهارات الاتصال والتعاون لمواكبة تعقيدات بيئات العمل الحديثة. كما أشار إلى تزايد أهمية المهارات الخضراء نتيجة الوعي المتنامي بمواجهة التغير المناخي، وسعي الشركات لتحقيق أهداف الاستدامة.

ولفت إلى أن تقنيات مثل البلوك تشين والرموز غير القابلة للاستبدال تسهم في إعادة تشكيل قطاعات عدة، ما يفتح فرصاً جديدة للمهنيين لتطوير مهارات متخصصة في هذه المجالات الناشئة. وأكد أن منصات التعلم عبر الإنترنت، مثل كورسيرا، توفر للمتعلمين مرونة كبيرة للوصول إلى المهارات الأكثر طلباً وذات الصلة بالوظائف الحالية، واستشهد بتقرير نتائج المتعلمين لعام 2024 الصادر عن كورسيرا، الذي أشار إلى أن 77 % من المتعلمين، و91 % منهم في الاقتصادات النامية، أفادوا بتحقيق فوائد مهنية ملموسة، من بينها تأمين وظائف جديدة، والحصول على ترقيات، واكتساب مهارات قابلة للتطبيق في مكان العمل.

Advertisements

قد تقرأ أيضا