حال الرياضة

السعودية وإندونيسيا.. علاقة أبعد من ميدان الرياضة

دبي - هبه الوهالي - قبل بضعة أيام من وصول المنتخب السعودي الأول لكرة القدم إلى جاكرتا، الجمعة الماضي، لملاقاة نظيره الإندونيسي، الثلاثاء، ضمن تصفيات كأس العالم، حطَّ ممثلو 21 شركة سعودية متخصصة في صناعة الأغذية رِحالهم في المدينة ذاتها، للمشاركة في معرض إندونيسي رائد، على مستوى جنوب شرق آسيا، في مجال الأغذية والمشروبات، استغرق أربعة أيام واختُتِم السبت. أتى هذا الحضور بعد أيامٍ من إعلان مسؤول دبلوماسي إندونيسي عن ازدياد النشاط التجاري بين البلدين، المنتمين إلى مجموعة العشرين الاقتصادية العالمية.
يتمتّع البلدان، اللذان يتواجهان كرويًا للمرة الثانية في أقل من ثلاثة أشهر، بعلاقات ثنائية وطيدة وتاريخية، تتجاوز ميدان الرياضة.
قبل أكثر من قرنٍ من الزمان، ركِبَ إندونيسيون البحر قاصدين ميناء جدة، على ساحل البحر الأحمر، من أجل أداء الشعائر الدينية وتعلّم العلوم الشرعية وممارسة التجارة. كانت تلك بواكير وجود أبناء البلد الأرخبيلي، المنتمي جغرافيًا إلى جنوب شرق آسيا، في السعودية. وبها، رُسِمَت صورةٌ مبكّرةٌ لرابطٍ توطَّد وتنوَّعت أشكاله بمرور الزمن بين البلدين والشعبين، ومنها وجود سائقين أو عاملات منزليات من إندونيسيا في منازل السعوديين، حتى أصبحت عباراتٌ مثل «أبا كابار» و«بايك بايك»، وتعنيان توالِيًا «كيف الحال» و«أنا بخير»، دارجةً في المجتمع المحلي.
في السعودية، يعيش قرابة 180 ألف إندونيسي، وتنتشر المطاعم والبقالات الإندونيسية في عددٍ من المدن، بينها مكة المكرمة وجدة.
وقبل عامين، كتبت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن عدد المقيمين من الشعب الإندونيسي يصل إلى 178 ألفًا و946، بينهم 61 ألفًا يعملون في القطاع الخاص و1172 طالبًا في الجامعات السعودية.
في الاتجاه المقابل، يضع السعوديون، الذين يقصدون شرق آسيا للسياحة، إندونيسيا وسط خياراتهم المتقدمة.
تتألّف إندونيسيا، إحدى أهم وجهات السفر والسياحة عالميًا، من 17 ألفًا و500 جزيرة، ما يجعلها أكبر بلد أرخبيلي، ويصل عدد جزرها المأهولة بالسكان إلى 6 آلاف تقريبًا.
وخلال العام الماضي، بلغ عدد السياح السعوديين في إندونيسيا 107 آلاف و684، وفق موقع «بي بي إس ستاتيستيكس إندونيسيا» الإلكتروني المتخصص في الإحصاءات الخاصة بهذا البلد.
هذا العدد شكّل أغلبية السياح القادمين من الشرق الأوسط، الذين وصلوا إلى 181 ألفًا و558.
ومثلما توجد مطاعم إندونيسية في جدة، تحمل متاجر ومطاعم في مدينة بونشاك الإندونيسية أسماء عربية وتقدّم منتجات وأطباقًا سعودية وخليجية.
دبلوماسيًا، يبلغ عمر العلاقات الرسمية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا 74 عامًا.
وفي ظل متانة العلاقات بين الشعبين، كان طبيعيًا انعكاسُها على ساحة الاقتصاد.
وبمناسبة الذكرى الـ 79 لاستقلال إندونيسيا، نظّمت سفارتها في الرياض، حفل استقبالٍ، الشهر الجاري، شهِد إعلان عبد العزيز أحمد، السفير الإندونيسي، عن ارتفاع قيمة التجارة بين البلدين، العام الماضي، إلى 6.15 مليار دولار، بزيادة 10.81 في المئة عن نظيرتها عام 2019.
وخلال النصف الثاني من عام 2022، أشار إيكو هارتونو، القنصل العام الإندونيسي السابق في جدة، في مقالٍ لصحيفة «سعودي جازيت» إلى ارتفاع الميزان التجاري بين البلدين، بنسبة 31 في المئة مقارنةً بـ 2021، وزيادة الطلب السعودي على الصادرات الإندونيسية، مثل الأسماك والقمح والأغذية المصنّعة والخضروات والدهون الحيوانية والنباتية وفي مقدمتها زيت النخيل، مؤكدًا نمو العلاقات الثنائية في مختلف المجالات الاقتصادية. وبلغت قيمة الصادرات السعودية لإندونيسيا، في العام ذاته، 4.8 مليار دولار، وفق موقع البيانات الاقتصادية الإلكتروني «أو إي سي»، وشكّل البترول الخام أكثر من 50 في المئة منها.
وبينما كان إداريو المنتخب السعودي يرتّبون إجراءات السفر إلى جاكرتا والسكن فيها، احتفى موسم الرياض بالثقافة الإندونيسية عبر تنظيم أسبوع فعاليات خاص بها، أواخر الشهر الماضي وأوائل الجاري، شَمِل عروضًا تراثية وموسيقية وفنونًا شعبية وامتد إلى ثقافة الطعام والملابس والمقتنيات التقليدية، في أحد مظاهر العلاقة الوطيدة بين الشعبين.

Advertisements

قد تقرأ أيضا