الرياض - ياسر الجرجورة في الثلاثاء 4 أبريل 2023 11:46 صباحاً - قد نسمع بين الحين والآخر عن بعض عمليات النصب البارعة التي تحصل حول العالم, والتي كان أشهرها بيع منزل من قبل المستأجر أو بيع سيارة مستأجرة, أو حتى بيع قطعة أرض حكومية. لكن في قصتنا اليوم الأمر مختلف تماماً, فبرج إيفل بأكمله كان ضحية أكبر عملية نصب مزدوجة على مر التاريخ.
فى أحد الأيام وبعد الأحداث العالمية الأولى، كان يجلس “فيكتور لوستيج” أمام مقهى فى باريس يتصفح الجرائد، حتى وقعت عيناة على مقال يتحدث عن تدهور الحالة التى وصل اليها برج” إيفل” وأنه يحتاج الى تكاليف باهظة لإعادة ترميمه.
في تلك الأحان كان برج إيفل أيلا للسقوط،..لم تمر تلك المقالة على أشهر نصابي العالم مرور الكرام ولكن خبرته فى النصب والاحتيال ، جعلته يقرأها من منظور أخر وأن يستغلها فى عملية نصب هى الأشهر فى العالم .
اختمرت فى عقل النصاب الوسيم “فيكتور”، فكرة شيطانية لا تخطر على بال أى شخص وقرر أن يبيع “برج” إيفل “،حيث كان مشوها بسبب الدمار الذى طاله بعد الحرب العالمية الاولى.
عرض “فيكتور” فكرة بيع برج” إيفل” على 6 من رجال الأعمال، واجتمع بهم فى أحد الفنادق وكان معه “الطٌعم” الذى يستخدمه لايقاع ضحيته وهى أوراق مزورة عبارة عن بطاقة مزورة.
كانت الأوراق تثبت أن “فيكتور” يعمل متحدثا رسميا بإسم الحكومة الفرنسية، ولم يكتفى بذلك بل قدم لهم أوراقا مزورة تثبت أنه نائب المدير العام لوزارة البريد والتلغراف، ليطمنئوا له.
وتحدث معهم بكل لباقة عن خطة الحكومة الفرنسية، فى إصلاح برج “ايفل” وأن الحكومة غير قادرة على تكاليف ترميمه ،لذلك قررت هدمه وبيعه “خردة” .
أخبر “فيكتور” التجار بأن عملية البيع ستكون سرية فى الوقت الراهن، بسبب أن قرار بيع “برج “إيفل” سيحدث ضجة كبيرة, لذلك ستكون عملية البيع سرية.
وكان ضحاياه التجار ينصتون له باهتمام، بل وصدقوه وأبلغهم أنهم تم اختيارهم لما يتمتعون له من سمعة طيبة وسط التجار، وأن مهمته هى اختيار واحدا منهم للفوز بعملية شراء برج إيفل .
ظل “فيكتور ” يراقب ردود أفعال ضحاياه من التجار الستة، لإختيار واحدا منهم يكون الأكثر حماسا فيما بينهم ،حيث اصحبهم فى جولة الى برج “إيفل ” واستقل معهم سيارة “ليموزين” استأجرها لاستخدامها فى عملية النصب .
وقع اختيار “فيكتور على “اندريه بوسيون”، واحدا من التجار الستة بعدما رأى فيه حماس واقتناع بعملية بيع برج “إيفل”، ولكن واجه النصاب الشهير عائق فى أن زوجة الضحية كانت تشك فى الأمر.
مما جعل “فيكتور” يستخدم خبرته فى الخداع والنصب حيث اجتمع مع ضحيته “اندريه” وأخبره بأنه يعمل موظفا ومرتبه لا يكفيه للعيش فى مستوى راقى.
ففهم “اندرية” أن “فيكتور” ما هو الا موظف مرتشى واطمان بأن العرض سيسرى عليه، مقابل اعطائه رشوة من المال .
النصاب الدولى فيكتور لوستيج في أحد الجولات المخادعة
نجح “فيكتور” فى اتمام أشهر عملية نصب فى التاريخ، وحصل من ضحيته ثمن بيع البرج وعمولة والرشوة ،ولم يستطع التاجر “اندرية” إبلاغ الشرطة الفرنسية عن الواقعة.
واكتشف أنه تعرض لأكبر عملية نصب فى حياته بينما هرب “فيكتور و سافر الى النمسا .
لم يكتفى النصاب الشهير فى النصب على “أندرية” عن طريق ايهامه ببيع برج ايفل بل عاد الى فرنسا مرة أخرى ونصب على شخص اخر بنفس الطريقة، ولكن ضحيته الثانية أبلغ عن الشرطة واستطاع ” فيكتور” أن يهرب بذكائه.
من أكثر عمليات النصب التى نجح فيها “فيكتور لوستيج” ،هى بيع صندوق ماكينة نسخ العملة، حيث كان يعرض على الناس صندوقا أدعى أنه ينسخ 100 دولار كل 6 ساعات.
واستطاع النصاب الشهير فى بيعه لأكثر من شخص بـ30 ألف دولار وكان الصندوق بالفعل ينسخ 100 دولار كل 6 ساعات، ولكن بعد مرور 12 ساعة ينسخ أوراقا بيضاء بعد نفاذ النقود،ليكتشف ضحاياه أنهم وقعوا لعملية نصب بامتياز .
سقط “فيكتور لوستيج” فى قبضة الشرطة بعد اتهامه بتزييف العملية، بعدما ابلغت عنه عشيقته الشرطة بسبب الغيرة لارتباطه بأخرى، وتم الحكم عليه بالسجن الى أن توفى فى عام 1947 بعد اصابته بمرض التهاب رئوى.
تحتفل فرنسا بالذكرى الـ130 للافتتاح الرسمى لبرج إيفل، وهو أشهر معالم العاصمة باريس.
والذى افتتح فى مارس 1889، وفي ذكرى افتتاح البرج، نتعرف على قصة بنائه، وبعض معلومات عن برج إيفل، وكيف رأى الفرنسيون هذا البرج العملاق عند بنائه بين مؤيد ومعارض.
بحسب كتاب “هذا اليوم في التاريخ – المجلد الثالث: آذار/مارس” لـ نجدة فتحي صفوة، فإن العمل انتهى فى بناء برج باريس فى 31 مارس 1889.
وارتبط بناء البرج من حينها فى أذهان الناس بباريس، وأصبح مركزا لها، فقد بنى هذا البرج “الرشيق القوام” بمناسبة معرض باريس الدولى الذى أقيم فى تلك السنة.
وكان صاحب فكرة بناء هذا البرج مهندس فرنسى شهير هو ألكساندر جوستاف إيفل، وهو متخصص فى بناء الجسور والقناطر العظيمة فى فرنسا وخارجها، وهو مصمم هيكل تمثال الحرية فى مدخل ميناء.
يذكر الكتاب أن المشروع شكك الكثير فى مدى نجاحه، وقوبل بكثير من الاعتراضات والانتقادات، ووصفه البعض بأنه “كابوس لا مفر منه”.
و”مبعث عذاب مستمر” لأنه كان سيشاهد باريس من جميع المناطق ووصفه آخرون بأنه “هيكل عظمى لعملاق قبيح”، و”عمود الكهرباء المأساوى”، و”عار باريس”.
فيما يذكر الزعيم الهندى الشهير غاندى فى كتابه “غاندى – السيرة الذاتية: قصة تجاربى مع الحقيقة” أن البرج عند تشييده مجَّده البعض وانتقده البعض الآخر.
وكان تولستوى أهم من انتقد تشييده، فقال إن برج إيفل هو نصب تذكارى يخلد حماقة الإنسان لا حكمته.
أخبار متعلقة :