جامعاتنا.. هل تواكب متغيرات سوق العمل؟

الدوحة - سيف الحموري - دعا عدد من الخبراء والمواطنين إلى تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وفقاً لأولويات الدولة في المرحلة المقبلة، ونوهوا بضرورة إنشاء دوائر متصلة داخل الجامعات توجه الطلبة وتبقى على اتصال دائم بحاجات سوق العمل والاتجاهات المستقبلية مع تنظيم زيارات مدرسية لتثقيف الطلاب بالتخصصات الحديثة التي تواكب احتياجات سوق العمل.
وأكدوا عبر «العرب» أن مواكبة التعليم والتدريب لمتطلبات سوق العمل المستقبلية من الأمور الحيوية لضمان نجاح البلدان والمنظمات في تحقيق أهدافها الاقتصادية، خاصة في ظل استحداث تخصصات جامعية حديثة بما فيها «تخصصات المستقبل» التي تركز على تكنولوجيا المستقبل ويتزايد الإقبال عليها في العديد من الجامعات.
ودعوا الجامعات إلى ضرورة استشراف المستقبل فيما يتعلق بالوظائف الجديدة ومواكبة سوق العمل المتغير سنوياً والذي تختلف متطلباته عاماً بعد آخر، مشيرين إلى أن دولة قطر تبذل جهوداً كبيرة لتوفير مخرجات تعليمية تتماشى مع توجهاتها المستقبلية خاصة وأن هناك مهناً يمكن أن نشهد تراجع الحاجة إليها مستقبلاً، بينما تظهر وظائف ومهن جديدة على ساحة العمل.

Advertisements

د. لطيفة النعيمي: تشجيع الشباب على التعليم المهني

قالت د. لطيفة شاهين النعيمي، أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر إن التعليم المهني والتقني يمهد الطريق نحو ثورة توظيف غير مسبوقة في وطننا، داعية إلى ضرورة أن نغير نظرتنا إلى سوق العمل والوظيفة، بحيث لا يكون أقصى طموح الشباب الجلوس على مكتب والقيام بمهام إدارية أو مكتبية فحسب؛ بل عليه أن يطمح نحو العمل الجاد الذي يعزز الإنتاجية في المجتمع، ويخدم نمو اقتصادنا الوطني.
واشارت إلى أن ذلك لن يتحقق ما لم تتوافر المدارس أو المعاهد، التي تمنح درجة الدبلوم المهني أو التقني، مع زيادة وعي الأهالي بأهمية دور الفنيين الذين يرفعون من شأن البلاد، عندما يزداد عدد المصانع بأنواعها، ويقوم الشباب القطري بإدارتها وزيادة إنتاجها، وتتحول النظرة المستقبلية للدولة نحو الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الواردات من الخارج من خلال وضع استراتيجيات في التطوير المهني وتوفير الكليات التخصصية للراغبين في تكملة تعليمهم المهني، مشيرة الى ما تمثله وسائل الإعلام من أهمية في توعية وترغيب الطلاب وإثبات ميولهم الفنية للراغبين في الالتحاق بالمدارس المهنية، التي لا بد من توفيرها في كافة أنحاء البلاد.
وأكدت د. لطيفة أن النظرة المستقبلية تتطلب من الجهات المعنية بالدولة أن تعمل على إعداد الكوادر الوطنية الفنية الماهرة والمؤهلة نظريا وعمليا لتلبية احتياجات سوق العمل في القطاعين العام والخاص، بما يدعم خطط التنمية المستدامة، بالإضافة إلى استقطاب الاستثمارات في مجال التعليم المهني، وتشجيع أفراد المجتمع على الالتحاق بالتعليم المهني مع إتاحة الفرصة أمام خريجي التعليم المهني لاستكمال دراستهم في المنشآت التعليمية المختلفة، لتمكينهم من القيام بدورهم الأساسي في رفد سوق العمل بمهارات مهنية من خلال توفير فرص التدريب المهني لإعداد القوى العاملة الفنية ورفع كفاءتها في مختلف تخصصات ومستويات التدريب المهني غير الأكاديمي، وكذلك تأهيل وتهيئة الشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة.
ودعت الشباب الذي ينخرط في التعليم إلى أن يثقف نفسه بدراسة احتياجات سوق العمل واختيار التخصص الذي تحتاجه المؤسسات ويتناسب مع شخصيته المهنية واهتماماته، لا التخصص الذي يقترحه عليه أصدقاؤه أو يراه سهلا في دراسته، إلى جانب تعزيز ثقافة وجود المرشدين المهنيين في المدارس والجامعات الحكومية الذين من الممكن أن يقوموا بدور فعال في مساعدة الطلاب والخريجين في اختيار التخصص المناسب وإعدادهم للمهارات الوظيفية الضرورية للتنافس في سوق العمل، كما يجب على الشباب استغلال الفترة الجامعية بالانخراط في البرامج المجتمعية التطوعية المختلفة، التي تساهم في تعريفهم بفرص العمل واكتساب خبرات مهنية قبل التخرج والبحث عن وظيفة، وذلك لسد الفجوة التي تنشأ بين مخرجات التعليم وسوق العمل؛ بسبب التطور المستمر في قطاعات الأعمال وصعوبة استدراك هذا التطور بالسرعة المناسبة أحيانًا من قبل المؤسسات التعليمية.

د. عوني العتوم: نساير في جامعة الدوحة للعلوم المستجدات بتخصصات جديدة

قال الدكتور عوني العتوم عميد كلية تكنولوجيا الهندسة في جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، إن معظم التخصصات التي تطرحها كلية الهندسة غير موجودة في الجامعات الأخرى بالدولة، مشيرا إلى أن طرح تلك التخصصات جاء بعد المؤشرات الإيجابية من سوق العمل بالحاجة إليها، موضحا أن الكلية تضم 22 برنامجاً في الدبلوم والبكالوريوس مع وجود مؤشرات إيجابية تجاه برامج الماجستير في تخصصات صناعة النفط والغاز بالدولة.
وأرجع سبب إقبال الطلبة القطريين على الكلية إلى مواكبة برامج الكلية التكنولوجية المتطورة ووجود توازن بين تدريس العلوم الهندسية والتطبيق العملي خلال الدراسة، فضلا عن جاهزية خريجي الكلية الى سوق العمل دون الحاجة إلى تدريب.
وحول البرامج المطروحة حاليا في كلية الهندسة أوضح أن الكلية تضم 6 تخصصات وكل تخصص منها يطرح 3 درجات مختلفة وهي الدبلوم والدبلوم العالي والبكالوريوس بإجمالي 22 برنامجاً على كافة الدرجات، وتشمل التخصصات الهندسة الكيميائية وهندسة الاتصالات والشبكات، وهندسة التشييد والبناء، وهندسة الأتمتة والتحكم الصناعي، وهندسة القوى الكهربائية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى ذلك هناك برامج شهادات فنية مخصصة لشركات الطاقة في الدولة بحيث يتم تدريب المتدربين لمدة عامين على برامج مثل الكهرباء والكهرميكانية والآلات الدقيقة والعمليات، وهؤلاء الطلبة هم موظفون مبتعثون من شركات النفط والغاز في الدولة.
وبيّن أن البرامج المقدمة في جامعة الدوحة تتميز بالحداثة ومواكبتها للتكنولوجيا المتطورة في جميع أنحاء العالم، وتخصصات الكلية من الأكثر طلبا في قطر والمنطقة، مشيرا الى ان معظم التخصصات التي تطرحها كلية الهندسة غير موجودة في الجامعات الأخرى بالدولة، وتم طرح تلك التخصصات بعد المؤشرات الإيجابية من سوق العمل بالحاجة إليها ودعم الصناعة لتأسيس هذه البرامج.
وأضاف د. العتوم إن من بين البرامج الجديدة برنامج بكالوريوس الهندسة الميكانيكية في تخصص التصنيع الذكي الذي سيستخدم التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الصناعي والتعلم الآلي في عمليات التصنيع الميكانيكية أو الكهربائية والكيميائية، موضحا أن البرنامج يعد تخصصا جديدا يطرح لأول مرة في المنطقة ويستهدف قبول 60 طالبا سنويا وستكون مدة الدراسة به 4 سنوات.
وأضاف إن تخصص الهندسة البحرية مثلا يحتاج إليه السوق المحلي نظرا للتوسع الاقتصادي في عمليات نقل الغاز المسال التي ستجعل قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، موضحا أن هذه النقلة الاقتصادية ستخلق حالة ملحة لمهندسين بحريين يعملون على متن السفن الناقلة للغاز المسال. وأشار إلى أن الجامعات يجب أن يكون لها دور في تقديم متخصصين في هذا المجال ومتدربين على صيانة وتصميم السفن وتلبية المتطلبات العالمية لهذا القطاع.

د. سيف الحجري: المرونة في أنظمة التعليم

دعا الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج «لكل ربيع زهرة»، مراكز الدراسات والأبحاث إلى تقديم العون للتنبؤ بمصائر أعداد من المهن المرشحة للاختفاء، مقابل توقع مهن أخرى ليست ضمن سوق العمل الحالية، موضحاً أن مهمة التنبؤ شاقة جدا، فضلا عن مشقة إعداد الأجيال القادمة لهذه السوق المجهولة لنا، والأصعب، إعادة تأهيل الأفراد المهرة في مهن معرضة للانقراض.
وأكد في هذا السياق أنه لم يعد كافيا التعرف على ملامح سوق العمل المستقبلية، مشيرا الى انه يستحيل الفصل بين دور واضع الأنظمة التعليمية والتدريبية وخبير سوق العمل، بسبب التسارع الشديد في التغير في متطلبات السوق إلى جانب الاستقرار العالمي على وجوب التدريب المستمر، للطلاب أو الموظفين. وشدد رئيس برنامج «لكل ربيع زهرة» على أهمية التكامل بين مخرجات الجامعة والتعليم التقني ومتطلبات المجتمع وسوق العمل، مع تحقيق المرونة اللازمة في أنظمة التعليم والتدريب العربية، منوها بضرورة عمل الحكومة وقطاع التعليم والتدريب بشكل مشترك لتصميم مناهج قائمة على المهارات وإعداد الأفراد لمواكبة تكنولوجيا المستقبل وتطبيقاتها، وينبغي أيضًا إطلاق مبادرات لمنح الطلاب فرصا للتدرب والعمل في مجالاتهم مع توفير الحوافز اللازمة للمهن النادرة وتوطينها.
ولفت إلى أهمية أن يكون التعليم والتدريب في سوق العمل قائمًا على الابتكار والتكنولوجيا والانفتاح على العالم الخارجي، حيث يشمل التدريس الإلكتروني والتعلم التفاعلي والتنقل المرن ويمكن تصميم التعليم والتدريب ليكون أكثر فاعلية، مع الحرص على تعزيز الإنتاجية وتحسين القدرات لتحقيق المزيد من النجاح في سوق العمل.
وحول التعليم التقني واتجاه سوق العمل، نوه بأهمية أن تأخذ أنظمة التعليم والتدريب التقني الوطنية بعين الاعتبار الاحتياجات الحالية والناشئة للأسواق، والتقييمات التي تحدد المهارات الصعبة والخفيفة والمطلوبة في سوق العمل فضلاً عن إعادة ترتيب البرامج والشهادات القائمة، حسب الحاجة، لافتا إلى أن التعليم والتدريب التقني والمهني جزء لا يتجزأ من بنية التعليم الوطنية وتدعم التنمية الاقتصادية.

جاسم إبراهيم فخرو: السؤال الأهم.. هل سوق العمل جاهز لطلابنا ؟

قال جاسم إبراهيم فخرو في مقال له مؤخرا بشأن هذه القضية: جامعاتنا أصبحت بوفرة ومتنوعة في دولتنا الحبيبة قطر سواء عامة أو خاصة وكل رئيس ومدير جامعة لا يكاد يذكر في مقابلاته نحن نهيئ الطلاب لسوق العمل وفقاً لمتطلبات السوق.. وبالفعل وبفضل الله يتخرج مئات الطلبة وهم على أتم الاستعداد للمساهمة في نهضة وطنهم.. ولكن السؤال هنا هل سوق العمل جاهز لاستقبالهم بعد سنوات من الجهد والسهر والدراسة؟.
وأضاف: الواقع يقول غير ذلك، فالخريج ينتظر سنوات لتوظيفه، وعندما يتم ذلك يكون قد نسى ما درسه وتلاشت روح الحماسة وقد يعمل في غير تخصصه حفاظاً على كرامته من مد اليد لأهله لأخذ مصاريفه الحياتية، وهذا الكلام ينطبق على غير الجامعيين أيضا الذين هم جزء مهم ورئيسي في سوق العمل، وأهميتهم لا تقل أبداً عن الجامعيين. وهكذا أصبح الشباب يعيشون في دوامة الحاجة والبحث عن الحقوق، وكل يبحث عن الواسطة التي نهشت جسد الوطن والعدالة وحقوق المواطنين.
وتابع فخرو: يحدث هذا في مجتمع متعلم تعليماً راقياً، وأبناؤه وبناته من خريجي أفضل الجامعات العالمية وفي عصر التكنولوجيا الرقمية بل وصلنا إلى الذكاء الاصطناعي، ولا أرى انعكاس ذلك على واقع الحياة!.
وواصل: لم تكن في أيامنا هذه الصعوبات والعقبات التي يمر بها شباب اليوم، فخريج الجامعة يجد وظيفته المناسبة في غضون فترة بسيطة وبدون واسطة ويقدم للارض فيحصل عليها في فترة بسيطة بدون واسطة وبأحجام متساوية بالنسبة لكبار الموظفين وكذلك للراغبين في السكن بجوار أهلهم. فكانت كرامة المواطن مصونة بالنظام والقانون بالرغم من الفارق الكبير بين الزمنين. كان هناك نظام واضح لم نعد نراه الآن. فما نفع ارتفاع مستوى التعليم والتكنولوجيا إذا لم يخدما الوطن والناس؟.
واختتم جاسم فخرو المقال بالقول: الوضع حالياً ليس صحياً ولا يرقى لوطن يريد بلوغ هام السحب علما بأن عدد المواطنين لم يزدد كثيرا.لا يهم استعراض إنجازات كل وزارة بأنشطتها في وسائل الإعلام وغيرها وأغلبها بالونية ولكن الأهم هو ماذا أنجزت على أرض الواقع وحققت للمواطن والوطن. وهل مجتمعنا المتعلم وصل إلى مبدأ النظام فوق الجميع بدون محاباة وواسطة وعدل اجتماعي حقيقي؟.

برامج متطورة تتسق مع القطاعات الناشئة

تسعى العديد من الجامعات والكليات في قطر إلى طرح المزيد من التخصصات الجديدة والبرامج الدراسية التي تواكب التطور الموجود بالعالم، بيما فيها برامج البكالوريوس في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، وهندسة التشييد، وهندسة الأتمتة ونظم التحكم، والتسويق الرقمي، وهندسة القوى الكهربائيَّة، والطاقة المُتجددة، والتكنولوجيا المصرفية والمالية (FinTech)، والتسويق الرقمي، والتخزين السحابي، والأمن السيبراني، وتكنولوجيا الصيدلة، والتصوير الإشعاعي الطبي، والهندسة البيولوجية، وعلوم تحاليل المختبرات، والحوسبة السحابية، والبحوث الفيروسية والمخبرية، والخدمات الطبية المساندة بمختلف تفرعاتها.
وفي هذا السياق، أكد طلبة جامعيون أهمية مواكبة التوجهات المهنية الحديثة واستشراف مستقبل المهن في تحديد المسار الدراسي، متوقعين أن تشهد الجامعات القطرية استحداث تخصصات جديدة في المرحلة المقبلة، ونوهوا بضرورة دراسة احتياجات السوق بصورة مستمرة ضمن خطة مدروسة لاستحداث واعتماد البرامج الجديدة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. ولفتوا الى ضرورة تقديم المشورة المهنية المبكرة للطلبة الجدد بهدف توجيههم ومساعدتهم على اختيار التخصصات المناسبة لحياتهم ومستقبلهم المهني مع تحديث عملية تقديم المشورة الأكاديمية لضمان التوجيه المبكر من قبل أعضاء الهيئة التدريسية في التخصصات الأكاديمية المسقبلية.
ومن بين التخصصات التي طرحتها جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا لأول مرة في قطر برامج البكالوريوس في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، وهندسة التشييد، وهندسة الأتمتة ونظم التحكم، وهندسة القوى الكهربائيَّة والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المصرفية والمالية (FinTech)، والتسويق الرقمي، وتكنولوجيا الصيدلة، ورعاية مرضى السكري وتثقيف المرضى، والتصوير الإشعاعي الطبي، بينما تسعى الجامعة الى طرح برامج جديدة من نوعها في قطر منها ماجستير في التنمية المستدامة، وماجستير علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، كما سيتم طرح برامج بكالوريوس أخرى على سبيل المثال في الضيافة والسياحة وهندسة البرمجيات ومجالات عديدة أخرى.

أخبار متعلقة :