خبراء: «وسائل التواصل» ليست بديلاً عن المجالس في عيد الفطر

الدوحة - سيف الحموري - يعد عيد الفطر فرصة لتعزيز أواصر الترابط الاجتماعي، وذلك من خلال التزاور والمقابلات المباشرة، وتفعيل دور المجالس القطرية لتكون للجميع، فالعيد فضلا عن أنه مناسبة دينية تدخل السرور على الكبار والصغار، له أيضا خصوصية ثقافية واجتماعية، فهو يحمل أجمل المعاني، ويعزز أرفع القيم في نفوس جميع أفراد المجتمع.
وأكد خبراء في العلوم الاجتماعية والتراث أن وسائط التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تكون بديلا عن الحضور للتهنئة بمثل هذه المناسبات الدينية والاجتماعية لما للحضور والمشاركة من أثر لا يمكن أن تحدثه تلك الوسائل مهما حملت من كلمات، لتبقى جامدة غير فعالة إلا لضرورة مثل البعد المكاني أو نطاقات المعارف الكبيرة، ليبقى التزاور والمواجهة المباشرة الأصل في تعزيز الروابط الاجتماعية.
وقال الدكتور عبد الناصر اليافعي أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة قطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: إن عيد الفطر مناسبة دينية واجتماعية مهمة تشترك فيها دولة قطر مع الدول العربية والإسلامية، حيث تتقارب وتتشابه العادات والتقاليد، ولكن تبقى خصوصية السياق الثقافي لكل بلد، بدءا من الاستعدادات التي تسبق عيد الفطر على المستوى الشعبي، فنرى الأسواق تعج بالزائرين استعدادا لشراء مستلزمات العيد، وتنتعش أسواق الملابس والحلوى، وتحرص الأسر على إضفاء جو من البهجة، فتتزين المنازل ويتم تجهيز المجالس لاستقبال الضيوف.
وأوضح أن عيد الفطر مناسبة عائلية تجمع الجميع، سواء على مستوى الأسرة الصغيرة أو الأسرة الممتدة (العائلة الكبيرة)، فيسود الترابط والتراحم والتعاطف، وهو فرصة كذلك للتصالح وصفاء الأنفس، وزيادة الترابط المجتمعي قبل الأسري، لافتا إلى أن العيد في قطر يرتقي إلى أن يكون مناسبة وطنية جامعة لكل من يعيش على أرضها، حتى وإن كان من غير المسلمين، تسود مظاهر وأجواء وفرحة العيد في كل مكان من حدائق ومجمعات تجارية ووسائل إعلام، تجعل الأجواء العامة في الدولة في كل مكان احتفالية للجميع من مواطنين ومقيمين.
وأكد د. اليافعي أن العيد له بعد اجتماعي مهم في المجتمع القطري، تتجلى مظاهره في الزيارات المتبادلة، فهو فرصة للتلاقي والتزاور وتقوية العلاقات، مشيرا إلى أن هذه الأمور لن تتحقق بغير المقابلات المباشرة والمواجهة الحية، ولا يمكن أن تزيد الروابط الاجتماعية إذا انتقلنا إلى الواقع الافتراضي واللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنقل التهاني بالعيد دون ضرورة، فوسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مفيدة في النطاقات الكبيرة، عندما يكون القريب أو الصديق في دولة أخرى أو مدينة بعيدة ويصعب الانتقال إليه، لكن من غير المتوقع والمأمول أن يكتفي أحد أفراد العائلة بإرسال رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأهله وأفراد عائلته، محذرا من التأثير السلبي على المدى البعيد إذا تم الاعتماد على مثل هذه الوسائل لتكون بديلة عن المقابلات والتلاقي وجها لوجه.
واستطرد قائلا: «مع متغيرات أنماط الحياة ومستجداتها تم فرض واقع جديد تصعب معه زيارة الجميع، ولكن هناك أفراد ومجموعات لا يمكن أن تصبح الرسائل الإلكترونية بديلة لزيارتهم مثل الوالدين والجد والجدة والأهل والأقارب، في حين تكون هذه الرسائل إيجابية وفعالة في تعزيز التواصل المجتمعي ليسود بشكل عام ففي محيط الدوائر الأخرى من الأصدقاء والزملاء والمعارف والأقارب خارج الحدود تكون هذه الرسائل فعالة ومؤثرة، ولكن بشرط أن تكون موجهة للصديق ذاته، فتخاطبه أخي فلان أو بكنيته، فيشعر بالاهتمام، ولا تكون صورة أو رسالة منسوخة يتم نقلها لأنها تتحول إلى رسالة روتينية صامتة لا تؤدي الغرض منها في تقوية الروابط الاجتماعية».
ونوه إلى أن الإنسان الحكيم يوزن الأمور ويعرف حدود علاقاته الاجتماعية والعلاقات الواجب تقويتها أكثر وأكثر، ويحرص على إدخال البهجة والسعادة في نفوس كبار السن من الآباء والأجداد وكذلك الصغار، فالعيد فرصة لإشاعة البهجة والسعادة في النفوس، ولا بد من استثمارها، خاصة أن العيد لا يكون في مجالسنا القطرية فقط بل يتم الاحتفال في كل مكان، وقد أسست الدولة بنية تحتية من حدائق وأماكن عامة تساهم في الاستمتاع بأجواء العيد، خاصة في ظل الطقس المعتدل الذي يعم بلادنا حاليا.
ومن جانبه، قال السيد حمد حمدان المهندي الخبير في التراث، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن عيد الفطر يمثل فرحة لجميع أفراد المجتمع القطري شأن المجتمعات الإسلامية، ففي السابق كان الاحتفال بعيد الفطر في المجتمع القطري يتم من خلال الزيارات على مدار اليوم، وكنا نزور الجميع من الأهل والأقارب والجيران وكل بيوت المنطقة، وكان هناك تقارب مجتمعي أكبر، ولكن مع التغير ودخول الحداثة وتغير الوضع الاقتصادي انعكس ذلك على الناس، ليس في قطر وحدها ولكن في معظم البلدان، فأصبح الترابط المجتمعي أقل من الماضي.
وأضاف أن العيد وما يحمله من معان جميلة للجميع، خاصة الصغار الذين ينتظرون العيدية والحلوى، ومن قيم وإيجابيات ما زالت قائمة، فرصة لتعزيز الترابط الاجتماعي، خاصة التواصل مع كبار السن (الجد والجدة)، مؤكدا أن المرأة عليها دور كبير في تعزيز هذا الجانب حاليا، حيث لها دور مهم للغاية في تعزيز الترابط الاجتماعي، فتحث الأم أبناءها الذكور على زيارة الأهل، وكانت الجدة هي المحرك الأساسي لهذا الدور الاجتماعي، مشيرا إلى أنه مع المتغيرات الاجتماعية وخروج المرأة للعمل تراجع هذا الدور إلى حد كبير.
وأوضح المهندي أن المجالس القطرية عليها دور كبير في تعزيز الترابط الاجتماعي، ولا بد من استحضار دورها الاجتماعي والتربوي، لافتا إلى أن المجالس سواء في عيد الفطر أو غيره من مناسبات فرصة لتعزيز هذا الترابط المجتمعي، لافتا إلى أن وسائل التكنولوجيا الحديثة والرسائل لا يمكن أن تبلغ تلك المشاعر الدافئة للأهل، خاصة مع كبار السن الذين ينتظرون التقرب والاستماع إليهم والحديث معهم، وهذه الوسائل مهما تقدمت لا يمكن أن تحقق هذه الغايات النبيلة.

Advertisements

أخبار متعلقة :