الدوحة - سيف الحموري - كشف الدكتور خالد العلي القائم بمهام الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي عن مشروع قانون جديد للتعليم العالي.. مشيرا إلى أن المشروع في مراحله النهائية وسيصدر قريبا بعد استكمال دورته التشريعية.
وقال الدكتور العلي في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن مشروع القانون يشمل كل ما يتعلق بسياسات التعليم العالي وحوكمة وترخيص مؤسسات التعليم العالي والرقابة عليها، وبرامجها وإحصاءاتها، بحيث تتولي وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي مسؤولية الإشراف العام وتكون بمثابة مظلة عامة لمؤسسات التعليم العالي مع الاحتفاظ باستقلالية الجامعات من خلال مجالس إدارتها والتي عادة ما يكون هناك ممثل للوزارة بها. وأشار إلى التوسع الكبير الذي شهدته الدولة في إنشاء مؤسسات التعليم العالي والتي وصلت حاليا إلى 34 مؤسسة حكومية وشبه حكومية وخاصة ومؤسسات تعليمية أمنية وعسكرية، تضم ما يزيد عن 40 ألف طالب وطالبة.
وأكد على حرص الوزارة على التقييم المستمر لهذه الجامعات وفق نظام حوكمة يضمن الحفاظ على معايير الجودة والتميز.. وقال «من هذا المنطلق صدر القانون رقم (31) لسنة 2020 بإنشاء اللجنة الوطنية لجودة التعليم والاعتماد الأكاديمي، وهي لجنة منفصلة عن جهاز الترخيص بالوزارة وتقوم بحوكمة ومراجعة عمل الجامعات بعد مرور فترة من افتتاحها وتشغيلها للتأكد من جودة برامجها التعليمية».
وأشار إلى أن تجربة جائحة كورونا «كوفيد -19» أثبتت مدى التواصل الوثيق بين الوزارة والجامعات من حيث التنسيق بشأن نمط الدراسة وتطبيق إجراءات السلامة وكل ما يتعلق بذلك أثناء الجائحة.
ونوه في سياق حديثه، بأنه تم رفع سقف متطلبات القبول لأي مؤسسة تعليمية ترغب في افتتاح فرع لها في قطر، بأن تكون من أفضل 300 جامعة على مستوى العالم، وذلك حسب التقييم الدولي للجامعات الذي يضم 3 تصنيفات عالمية هي «تصنيف التايمز للجامعات العالمية (THE) وتصنيف QS وتصنيف شنغهاي جيو تونق».
وذكر أن أي جامعة تحقق المعايير التي تجعلها من بين أفضل 300 جامعة في التصنيفات الثلاثة المذكورة، يحق لها أن تتقدم بطلب لفتح فرع لها في قطر «وفي كثير من الأحيان مع شريك أو مستثمر قطري شريطة أن تطبق نفس البرامج التي تطبق في الجامعة الأم، وتمنح نفس شهاداتها وبنفس شروطها عند قبول الطلاب».
ولفت إلى أن إحدى الجامعات الماليزية البحثية المتميزة طلبت فتح فرع لها بالدوحة وتقوم الوزارة حاليا بمراجعة واستيفاء كافة المتطلبات لإنشائها.. وتوقع أن تفتح أبوابها في أكتوبر القادم.. مضيفا أنه «كانت هناك عدة طلبات من أكثر من جامعة من دول مختلفة، ولكن هناك جامعة واحدة استطاعت استكمال الإجراءات والمتطلبات الضرورية لبدء الدراسة في العام الدراسي المقبل».
وقال إنه تم إيجاد جهاز رقابي لضمان جودة التعليم بمؤسسات التعليم العالي المرخصة يتمثل حاليا في اللجنة الوطنية لجودة التعليم والاعتماد التي تضم عددا من الخبراء والمختصين.. مضيفا «كانت هذه واحدة من التحديات التي واجهت التعليم العالي مسبقا، ولكن لله الحمد مع صدور قانون إنشاء اللجنة بدأ العمل نحو جودة التعليم وضمان جودة مخرجاته في قطاع التعليم العالي».
كما أشار إلى التحدي المتمثل في توجه بعض من الطلبة القطريين للدراسة في جامعات دون موافقات مسبقة من الوزارة «مما يسبب لهم الكثير من المتاعب بعد التخرج خاصة إذا كانت الجامعات ضعيفة أو لعدم استيفاء الشهادة الجامعية المعايير المتبعة بالدولة».
وأكد أن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي مستمرة في رفع مستوى وعي الطلبة بضرورة الحصول على الموافقات المسبقة للدراسة على النفقة الخاصة في الجامعات خارج الدولة.
وكشف الدكتور العلي في حواره مع «قنا» أن سياسة الابتعاث المطبقة في الوزارة تخصص 75 بالمئة من المبتعثين للجامعات داخل دولة قطر و25 في المئة للابتعاث الخارجي.. مشيرا إلى حوالي 3000 مبتعث قطري يدرسون في جامعات مختلفة « داخل قطر وخارجها»، 75 في المئة منهم من الإناث.
وأفاد الدكتور العلي أن معظم طلاب البعثات في برنامج «طموح» الذي يغطي حاجة مدارس الوزارة من المعلمين، يلي ذلك دراسة تخصصات مهمة أخرى في مقدمتها الهندسة والطب والحاسب الآلي.
وذكر أن قائمة البعثة الأميرية تضم 30 جامعة حاليا يدرس فيها ما يزيد عن 40 طالبا قطريا.. مشيرا إلى أن معظم هذه الجامعات في الولايات المتحدة، إضافة إلى بريطانيا وكندا وأستراليا واليابان وجامعات في قطر.. مضيفا أن أي طالب، يحصل على قبول في هذه الجامعات من حقه أن يتقدم للحصول على بعثة أميرية».
وأكد أنه لم يطرأ أي تغيير جوهري على سياسة الابتعاث المطبقة.. مبينا أن التخصصات الموجهة من قبل ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي لطلاب البعثات القطريين تتركز في 3 مجالات رئيسية هي التربية والهندسة وفروعها وهندسة الحاسوب وفروعه والطب وفروعه، فضلا عن تخصصات أخرى مثل الطب البيطري والزراعة وغيرها من التخصصات التي تندرج أيضا في إطار البعثات داخل قطر وخارجها.
ونوه بأن «الجامعات المحلية، التي أضحت في مصاف الجامعات العالمية، تستقطب النسبة الأكبر من الطلبة المبتعثين»، واستشهد بجامعة قطر التي حازت على المرتبة 208 وفقا لتصنيف QS للعام 2023 علاوة على المستويات المتميزة لجامعات المدينة التعليمية وجامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا.
زيادة نسبة الابتعاث
وكشف عن توجه الوزارة لزيادة نسبة ابتعاث الطلبة القطريين إلى دول مثل الصين وكوريا واليابان وفرنسا وغيرها من الدول التي تتميز بقوة وجودة جامعاتها، بغية تنويع البيئات والجامعات التي يتوجه إليها الطلبة القطريون لإثراء المجتمع القطري بخريجين لديهم تجارب وخبرات ومهارات متنوعة تتماشى مع توجه الدولة وانفتاحها على العالم.
كما شدد على أهمية التنوع في البيئات التعليمية التي يبتعث إليها الطلبة القطريون «حيث يكتسبون لغات جديدة ويتعرفون على ثقافات مختلفة وهذا أمر مهم لدولة قطر في ظل انفتاحها على مختلف دول العالم».
وأضاف أن «هذا التنوع في اختيار الدول والجامعات في نظام الابتعاث يواكب توسع علاقات دولة قطر مع مختلف دول العالم.. وقال إن «دولة قطر تبني علاقات متينة مع كثير من دول العالم فأصبحت الحاجة ماسة لوجود خريجين من هذه الدول لمواكبة وتوطيد أواصر هذه العلاقات».
حصر المبتعثين
وأشار القائم بمهام الوكيل المساعد لشئون التعليم العالي بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في حواره مع /قنا/ إلى أن الوزارة تعكف حاليا على بناء قاعدة بيانات لكافة طلاب التعليم العالي داخل وخارج قطر.. مضيفا أن «لدينا حاليا قاعدة بيانات الطلبة المبتعثين عن طريق الوزارة، ونعكف على حصر كافة المبتعثين عن طريق جهات ومؤسسات أخرى بالدولة والدارسين على النفقة الخاصة».
وعن معادلة الشهادات، ذكر أن هناك نظامين أحدهما «معادلة الشهادة» والذي يعني التأكد من أن الشهادة مستوفية للمعايير المتبعة في دولة قطر بما يتيح لصاحبها استكمال الدراسة أو العمل، بينما النظام الآخر يسمى بالمصادقة على الشهادة للعمل فقط لغير القطريين.
وأوضح الدكتور العلي أن المصادقة على الشهادات تعني دراسة الشهادة والتأكد من أنها صادرة من جامعة مميزة ومعتمدة، وخالية من التزوير ورفعها لجهة العمل التي تمتلك القرار النهائي للموافقة على عمل صاحب الشهادة لديها.. مضيفا أن هذا الإجراء متبع فيما يتعلق بالتوظيف في القطاع الخاص لاسيما في الوظائف البسيطة التي قد لا تتطلب مهارات عليا.
الرسوم الدراسية
وأكد أن الرسوم الدراسية في الجامعات الخاصة تختلف من جامعة إلى أخرى لكن هناك حرصا على ألا تزيد الرسوم عن الجامعة الأم.. وقال «معظم الرسوم المطبقة في الجامعات بالدولة تتساوى مع الجامعة الأم أو أقل».. مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بعض الجامعات تقدم منحا للطلاب القطريين وغير القطريين حسب معدلاتهم وأخرى بعد اجتياز الطالب سنة أو سنتين بتميز بالجامعة.
وقال إن الدولة تقدم الكثير من الحوافز للجامعات الخاصة ومنها مخاطبة الجهات المعنية لتخصيص قطعة أرض لها مستقبلا بعد تخريج أول دفعة من الطلاب لبناء مقر دائم لها، كما أكد أن الوزارة تعمل عن كثب مع هذه الجامعات لحل كافة الإشكالات والمعيقات التي تواجهها. وقد بدأت بعض الجامعات عملية البناء لمقرها الدائم.
وأفاد بأن الشكاوى التي ترفع للوزارة من بعض طلاب الجامعات الخاصة تحال مرة أخرى على الجامعات لحلها، وكل جامعة لديها آلياتها للتعامل مع هذه الشكاوى من خلال لجان مشكلة لهذا الغرض.. مشيرا إلى أن هذا هو النمط المتبع في مختلف جامعات العالم.
ولفت إلى حرص الوزارة على تبني سياسات مدروسة فيما يتعلق بالتعليم العالي مستندة إلى بيانات وتجارب وخبرات خليجية وعربية وعالمية.. وقال «تحرص الوزارة على تبني سياسات مدروسة بدقة ونحاول التعرف على ما هو معمول به خليجيا وعربيا وعالميا، ثم نقدم ما يتناسب مع دولة قطر وما يتواءم مع واقعها ويستجيب لتطلعاتها وخططها في التعليم العالي».
وأشار إلى أن هناك آليات خليجية يتم من خلالها تبادل التجارب والخبرات ومنها الشبكة الخليجية لجودة التعليم والتي تهتم بدراسة جودة التعليم العالي بدول الخليج، ومناقشة تجارب جامعات دول المجلس، كما قدمت الشبكة ندوات في مجالات عدة منها التحديات المتعلقة بضمان أدوات تقييم الطلبة في التعليم الالكتروني، ومدى تأثير جائحة «كورونا» على عمل الجهات المعنية بالاعتماد الأكاديمي، ومناهج التعليم العالي في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، والتصنيفات الدولية لمؤسسات التعليم العالي.
تخصصات تكنولوجية
وأكد أن الاستراتيجية القادمة لدولة قطر تركز على خلق وظائف جديدة لمستقبل البلاد.. وقال من المتوقع أن نشهد تحولات مهمة في سوق العمل وفي الوظائف المطلوبة للعقود القليلة المقبلة.
وأشار إلى أن التركيز حاليا ينصب على التخصصات التكنولوجية مثل العلوم الحاسوبية والبرمجيات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.. مبينا أن التخصصين الأخيرين مهمان للمستقبل، وخاصة الذكاء الاصطناعي الذي يتوقع أن يكون مطلوبا في مختلف القطاعات.
ونوه بالإقبال الملحوظ من الطلبة على هذه التخصصات التكنولوجية في الوقت الراهن سواء عن طريق البعثات أو في الجامعات الحكومية والخاصة داخل الدولة والتي اهتمت بطرح مثل هذه التخصصات.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي تدرك حجم التحديات في نوعية الوظائف المطلوبة مستقبلا وتعمل جاهدة لخلق جيل واع ومدرك لهذا التحدي ومستوعب للاحتياجات المستقبلية لسوق العمل.
وأوضح أن ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي يحدد سنويا طبيعة التخصصات المطلوبة في الدولة، وفي ضوء ذلك يتم الابتعاث وتوجيه الطلبة في برامج الابتعاث وغيره، مما يعزز من خطط ربط الخريجين بسوق العمل.
وأكد حرص الوزارة على أن تكون برامج الابتعاث مدروسة بعناية ودقة وتستجيب للاحتياجات الفعلية للدولة «حيث لا يتم الابتعاث في تخصصات أصبح لدينا فيها تشبع، كما أن الوزارة تشجع الطلاب للدراسة في تخصصات أخرى في الأدب أو الفن وغيرها وفق ضوابط وشروط تسهم في التحكم في أعداد المبتعثين لهذه التخصصات».
وأشار إلى أن الوزارة تعمل حاليا بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي على إطلاق برامج إرشاد أكاديمي للطالب في المدارس الحكومية من الصف التاسع بغية معرفة ميوله وتوجهه العلمي حتى يتم توجيهه للتخصص الذي يحقق قدراته وموهبته.
وأضاف «نسعى لأن تكون هناك برامج إرشاد وتقييم وبرامج تستطيع أن تكتشف من خلالها مواهب الطلاب في تخصصات معينة حتى يتم توجيههم الوجهة الصحيحة لدراستها».
أخبار متعلقة :