خبيران لـ «العرب»: تعليم الأطفال في سن الثالثة يؤهلهم للمدرسة مبكراً

الدوحة - سيف الحموري - د. عبير عيسى: إلحاق الأطفال بمرحلة ما قبل الروضة يكسبهم كثيرا من المهارات

Advertisements

فهد المسلماني: سيحتاجون منهجا قائما على دمج اللعب بالتعلم

اعتبر خبيران نفسي وتربوي، في تصريح لـ «العرب»، إطلاق وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي مستوى إضافيا ما قبل الروضة في الرياض الحكومية خطوة مهمة تساعد الأطفال على الاستعداد للمدرسة وإكسابهم مهارات ومعرفة بشكل أسرع تساعدهم على بناء وتشكيل شخصيته في المستقبل وتحديد هواياته مبكرا.
وفي مطلع مايو الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي عن إضافة مشروع إضافة مستوى ما قبل الروضة إلى الرياض الحكومية لأول مرة، وذلك اعتبارا من العام الأكاديمي المقبل، وأن القرار يأتي بعد دراسات مستفيضة، لإضافة مستوى ما قبل الروضة (عمر ثلاث سنوات) إلى الرياض الحكومية كمرحلة تجريبية اعتبارا من العام الأكاديمي المقبل الذي يبدأ في أغسطس 2023.

اختارت الوزارة الرياض التجريبية لمشروع اضافة مستوى «سن 3 سنوات» بعناية ووفقا لمعايير محددة وراعت وجود هذه الرياض في البلديات الكبرى وفقا لبيانات السكان هي كالتالي: روضة أبي حنيفة للبنين – بلدية الدوحة. روضة المنار للبنين – بلدية الريان. روضة الخوارزمي للبنات – بلدية ام صلال. روضة زكريت للبنات – بلدية الظعاين.
وأعلنت الوزارة عن فتح باب التسجيل وفقا للمنطقة الجغرافية. وأضافت أنه تم تخصيص صفين في كل روضة يحتوي كل منهما على 16 مقعدا فقط.


وأكدت الدكتورة عبير عيسى – استشاري الطب النفسي بالمستشفى الأهلي- أن الأطفال في عمر ما قبل الروضة قادرون على التعلم، وأن الطفل في عمر سنتين يبدأ في التعلم، كالتدريب على التحكم في التبول وكذلك الكلام، وكيفية تناول الطعام والشراب، ما يعني أن الطفل في عمر 3 سنوات يمكن أن يتعلم، وأن الفكرة ترتبط بكيفية التعلم والكم الذي يتعلمه.
وقالت د. عبير عيسى لـ «العرب»: ما يجب التركيز عليه للتعلم في هذا العمر هو الجانبان القيمي والتعليمي على حد سواء، فيمكن أن يتعلم الطفل كيفية التعامل مع الآخرين، والمهارات الاجتماعية، ومهارات التواصل مع الآخرين ومع المراحل العمرية المماثلة له، والتعامل مع الأطفال في نفس عمره، إضافة إلى توجيهه إلى ألعاب مفيدة لبناء جسمه وشخصيته. وأضافت: كما يمكن أن نعمل على إيصال المعلومات للطفل في هذا العمر كالألوان والحروف، وكيفية الاعتماد وخدمة نفسه في بعض الأمور البسيطة، ما يسهم في تكوين شخصية معتمدة على نفسها سهلة التعامل مع ما حولها. 

تنمية المهارات 
وأكدت على تشجيع المختصين لإلحاق الطفل بالحضانة، حتى لو كانت الأم لا تعمل، لأن هذه الخطوة تنمي مهارات الطفل، وقدرته على الكلام وتكوين جُمل، لأن مكوث الطفل في المنزل، سواء كان بمفرده أو مع الخادمة وتركه أمام التلفاز، يمكن أن يكسبه أمورا خاطئة.
وأشارت إلى ضرورة توجيه قدرة الطفل على الاستيعاب والتركيز بإيصال معلومات بسيطة بطرق جذابة، عن طريق القصص البسيطة بالأشخاص الكرتونية، أو عن طريق التلوين، على أن تكون بسيطة جداً في حدود تقبل الطفل وإمكانياته في هذا العمر، فلا يُطلب منه أشياء صعبة بالنسبة لعمره تنفره من التعليم في سن مبكرة.
ونوهت إلى أهمية إدراك أن كل طفل يختلف عن الآخر في اكتسابه للمعلومة وقدراته، فالطفل المحب للرسم يتم توفير قصص بسيطة بها معلومات هادفة يمكن أن يتلقاها عن طريق الرسم، أما الأطفال المحبون لترتيب المكعبات، فيمكن إيصال القصص عن طريقها، ما يعني الاستفادة من قدرات الطفل، وهذا أفضل من توظيفها في أمور خاطئة كألعاب الفيديو لساعات طويلة أو مشاهدة الأفلام التي تحوي مقاطع عنف، فترسخ لنا شخصية عنيفة.

الاستغناء عن الوالدين
وحول قدرة الطفل في هذا العمر على الاستغناء عن والديه وقضاء ساعات بعيداً عنهما، قالت د. عبير عيسى: إن تمت هذه العملية بالتدريج، فنعم يمكنه أن يصل إلى هذه المرحلة، فالطفل في هذه المرحلة يكون متمسكا بأمه معظم ساعات اليوم، فيمكن أن يتم عمل يوم تعريفي بالمكان وترفيهي يحبب الطفل في المكان، على أن تقضي الأم معه هذا اليوم، ويتم إطالة فترة بقاء الطفل وحده في المدرسة بصورة تدريجية.
وأضافت: يمكن زيادة بقاء الطفل في المدرسة لتصل إلى عدد ساعات معقولة كأربع ساعات على سبيل المثال، على أن نراعي تحبيب الطفل في المكان، مع اعطائه الأمان والوقت ليتعرف على زملائه والمعلمة والمساعدة.
وتابعت: ترك الطفل لساعات طويلة بالمدرسة منذ بدء التحاقه بها، يمكن أن يتسبب في هلع الدراسة، ما ينعكس عليه بعد ذلك في دراسته مستقبلاً في مختلف المراحل الدراسية.
وأوضحت أنه حتى وإن كانت الأم لا تعمل وتقضي وقتها في المنزل، فالتحاق الطفل بمرحلة ما قبل الروضة يُكسبه مهارات لا يكتسبها بالبقاء مع والدته، وهذا بالتعامل مع أطفال في نفسه عمره، وهو ما لا يمكن للأم أن تُكسبه للطفل، فلا يمكنها أن تنزل لهذا العمر، أو أن تظل تلعب مع الطفل لساعات طويلة.
وأشارت إلى أهمية مهارات التواصل التي يكتسبها الطفل من التعامل مع اقرانه، إضافة إلى تنمية المشاعر والعواطف لدى الطفل بالتعامل مع الآخرين، وزيادة الحصيلة اللغوية بالاعتماد على نفسه في طلب ما يريد، لأن الأم في المنزل تساعد الطفل في كل الأمور، ودائماً ما يُعتمد عليها في فهم ما يريده الطفل.

مهارات جديدة 
وقالت د. عبير عيسى: عندما نضع الطفل في موقف يستوجب منه أن يعبر عن نفسه، سيتعلم أن يعبر عن نفسه، إضافة إلى ما يمارسه من ألعاب بدنية تسهم في تحسن صحته، وما يحمله من حكايات عن يومه الدراسي ينقله لأمه، سواء من تعامله مع الآخرين أو ما اكتسبه من حصيلة تعليمية، وكل هذا يسهم في بنية الطفل العقلية والذهنية وذكائه وبنيته الجسمانية أيضاً.
وأضافت: في مرحلة ما قبل الروضة يتعلم الطفل اكتساب المهارات أكثر من الأمور العلمية، إضافة إلى المفردات اللغوية، وبعض الأرقام الحسابية، ومهارات التواصل مع الناس والاعتماد على النفس، والأكل بمفرده، وغيرها من المهارات.
وتابعت: ومع كل مرحلة يكبر فيها الطفل نضيف له تعلم بعض المهارات، إضافة إلى تعلم بعض الأمور الدراسية، بما يتناسب مع سنه، وصولاً إلى المراحل التعليمية المختلفة.

اكتساب المهارات
من جانبه، قال الخبير التربوي فهد المسلماني، إن إقدام وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي على وضع مستوى ما قبل الروضة الحكومية خطوة سيثبت الوقت أهميتها في تأسيس النشء الصغار بطريقة مختلفة عن الطرق التقليدية المتبعة في مدارس الدولة في الفترة الحالية، معتبرا أن دعم التعلم باللعب سيساعد الأطفال بأعمار الثلاث سنوات من اكتساب مهارات تأهلهم للدراسة بشكل أفضل في المراحل المتقدمة في التعليم.
وأضاف المسلماني، في تصريح لـ»العرب»، إن الكثير من الدول الأوروبية تتبع هذا النهج وليس وليد اللحظة خاصة في الدول التي لا يعتمد تعليمها على الحفظ والمذاكرة بل على اكتساب المهارات، معتبرا أن تلك الخطوة ستساعد في تشكيل علاقة وطيدة بين الطفل والتعلم، مما يؤهل أجيالا ذات مهارات مميزة ومختلفة عن غيرها.
وأكد الخبير التربوي أن نجاح هذا الخطوة سيتوقف على عدة عوامل أولها، حسن اختيار الكادر التعليمي المؤهل للتعلم مع هذه السن وتلبية رغباته، ثانيا مدى تفاعل الأسر في المجتمع القطري مع تلك الخطوة، ثالثا استخدام أساليب تعليمية حديثة تعتمد على دعم اللعب بالتعلم.
وأشار إلى أن الوزارة لا تتخذ قرارا إلا بعد دراسات شاملة ودقيقة، ولابد أن هناك تخطيطا بين الوزارة وجهات مثل كلية التربية باعتبارها لديها قسم متخصص في التعليم المبكر ومركز أيضا ذو صلة بالأمر، معتبرا أن المرحلة التجريبية للمستوى الجديد إذا لم تنفع فلن تضر.
وأكد أن المستوى الجديد يعكس حرص الوزارة الجديد على بناء مسار تعليمي جديد يبدأ من مرحلة الطفولة من أجل فتح آفاق الطلبة الصغار نحو تعليم قائم على المعرفة والمهارات تنفعهم في الحياة العملية والتعليمية.
وأوضح أن الأطفال صغار السن يكونون عبارة عن نبتة صغيرة تحتاج للرعاية من أجل أن تكبر وبدء تعليمهم في هذه المرحلة سيساعد في تشكيل شخصية الإنسان وتنشئته التنشئة السليمة، وغرس القيم والمهارات والابتكار والمسؤولية لمواجهة تحديات المستقبل وحل المشكلات الحياتية.
واعتبر أن انخراط الأطفال في سن مبكرة في برامج تعليمية مخصصة لسنهم ستعزز أدوارهم العقلية والاجتماعية والبدنية ويسهم في تكوين شخصية الطفل وبناء المفاهيم والمهارات والقيم الاجتماعية لديه، ويزيد استعداده للمدرسة.

أخبار متعلقة :