«الأوقاف» تختتم فعاليات الموسم الثقافي الأول.. مشاركون: «المجالس» حواضن مجتمعية لنشر القيم وتعزيز الوعي

الدوحة - سيف الحموري - استعرض خبراء وباحثون أبرز المفاصل التاريخية الرئيسية والتحديات التي مرت بها المجالس العربية خلال حقب زمنية مختلفة، في ضوء التطور الرقمي الذي شهده العالم اليوم، مشددين على أهمية تلك المجالس كحواضن ثقافية في نشر القيم والموروث الثقافي والإنساني بين الأجيال لتنشئة المجتمع وترسيخ وتعزيز مفهوم الوعي.
جاء ذلك خلال ندوة: الحواضن الثقافية: «المجالس أنموذجا» التي عقدتها إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ختام فعاليات الموسم الثقافي الأول، ضمن سلسلة مشروعها الثقافي وندواتها العلمية والفكرية «ندوة الأمة» في قاعة مركز عبدالله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي، بحضور سعادة السيد خالد شاهين الغانم وكيل الوزارة المساعد للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وأشار الخبراء والباحثون خلال الندوة إلى مفهوم مصطلح المجالس وماهيته، ووظيفتها الاجتماعية والأدبية والعلمية عبر التاريخ، وعن دورها في تحقيق التراكم المعرفي والمحافظة على العادات والثقافات عبر الأجيال، وكيف ألقى التغير في أنماط الحياة على استمرارية المجالس في زمننا الحاضر، فضلا عن تأثير وسائل التواصل الحديثة على البعد الثقافي المتوارث لرسالة المجالس، وإمكانية المحافظة على دور المجالس كحواضن ثقافية للفرد والمجتمع.
وفي ذات السياق، قال سعادة السيد خالد بن غانم العلي المعاضيد عضو مجلس الشورى، إن المجتمعات اليوم تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل وسائل التواصل الحديثة، مشددا على أهمية تعزيز الهوية الوطنية التي تستقي قيما من الدين، واللغة، والتاريخ المشترك، والموروث.
ونوه سعادته بأن عملية تعزيز مكونات هوياتنا في الأجيال القادمة ونقلها إليهم تتطلب ترسيخ مفهوم الوعي، مشيرا إلى أهمية التنشئة الاجتماعية التي تعد العملية المستمرة التي يقوم فيها الجيل الراشد بنقل القيم إلى الجيل الجديد.
وأضاف أن مسألة التنشئة الاجتماعية تنقل الفرد من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي لديه القيمة التي تحدد ميوله ونزعاته واتجاهاته، وبالتالي سلوكه، لافتا إلى أن للتنشئة الاجتماعية وسائل تستخدم لهذا الغرض كالأسرة والمدرسة والأصدقاء والأقارب والمجالس وبيئة العمل.
بدوره، قال الدكتور محمد بن خليفة الكواري عضو هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، إن المجالس لعبت دورا حيويا في حياة الناس، حتى لو اختلف هذا الدور بين الماضي والحاضر كنتيجة للتطورات التي حدثت في المجتمع لكثير من العوامل التي طرأت على مناحي الحياة.
وأضاف أن المجلس هو من تولى تصريف شؤون هذه التجمعات الأسرية، والتي كان في بدايتها تعرف بمجلس القبيلة الذي يتولى كافة الشؤون الحياتية لها، موضحا أن المجالس اليوم تشعبت في ظل التطور الذي شهدناه في حياة البداوة من خلال التحول إلى المدن الحديثة، إلا أن دورها ما زال هام جدا في حياة هذه الحواضر التي اقترنت بمناطق خاصة بالقبائل القطرية من شمال قطر إلى جنوبها.
ومن ناحيته، أكد السيد محمد بن سعيد البلوشي مستشار في وزارة الثقافة، أن الأدباء والمؤرخين العرب والمسلمين أدركوا أهمية هذه المجالس وقيمتها الحضارية فألفوا كتبا ما كان يدور فيها من وقائع علمية وأدبية، مستذكرا كتاب مجالس العلماء لعبدالرحمن الزجاجي الذي عرض فيه جوانب لعشرات من المجالس العلمية التي كانت تعقد في بلاط بعض الخلفاء والأمراء والوزراء والعلماء وما كان يجرى فيها من مناقشات ومناظرات في اللغة والأدب والتاريخ والفقه، إضافة لكتاب الأشباه والنظائر للمؤرخ والأديب جلال الدين السيوطي الذي خصص فيها فصلا كبيرا للحديث عما أطلق عليه اسم المناظرات والمجالسات والفتاوى والمكاتبات والمراسلات. وأوضح أن جذور هذه المجالس تعود إلى تاريخ العرب قبل الإسلام، إذ من المعروف أنه كان للعرب مجالس يجتمعون فيها لمناشدة الأشعار ومبادلة الأخبار والمسامرة، وكانوا يسمون تلك المجالس بالدار، والمثال دار الندوة الذي أقيم بجوار الكعبة كمقر لتنظيم شؤون الكعبة.
الجدير بالذكر أن سلسلة الحواضن الثقافية، شغلت موسما كاملا من مواسم ندوة الأمة الثقافية، تمثلت فيها أهمية أربع ميمات: المكتبات، المؤسسات التعليمية، المساجد، والمجالس، وذلك لما انتهضت به هذه المحاضن أو الحواضن الثقافية من دور كبير في تعزيز الثقافة ونشر العلم وتقوية الصلات العلمية، وإنارة المجتمعات وتوعية عقولها، وتنمية مداركها.

Advertisements

أخبار متعلقة :