ناصر الخلف لـ «العرب»: المزارع المحلية تحتاج خبرات وطنية

الدوحة - سيف الحموري - الخبرات المستوردة لا تجدي نفعاً في مواجهة ظروف المناخ

Advertisements

1016 مزرعة نشطة في البلاد ونقص في الخضراوات في نهاية كل موسم

نقص الإنتاج المحلي يصاحبه ارتفاع في أسعار المستوردة

توجد في قطر 1016 مزرعة نشطة في البلاد تشكل 83% من إجمالي الحيازات الزراعية، ومع ذلك نشهد نقصا في بعض أنواع الخضراوات مع نهاية كل موسم زراعي. 
وأرجع الخبير الزراعي ناصر أحمد الخلف صاحب مزرعة وشركة «اغريكو» السبب إلى غياب التقنيات الزراعية التي تتلاءم مع المناخ في دولة قطر.
وقال في تصريحات لـ العرب: هناك حاجة إلى تطبيق التقنيات الزراعية الحديثة مثل «الهايدروبونيك والاكوا بونيك» وغيرها لزيادة عدد المزارع النشطة طوال العام.
وأضاف هناك 95% من المزارع المحلية ما زالت على تقنيات الزراعة التقليدية، و5% فقط هي التي تنتج طوال العام، موضحاً أن السبب في ذلك يعود إلى اعتماد المزارعين على خبرات مستوردة تعمل وفقاً لخبرتها بالتقنيات الزراعية في بلادها، وهي لا تتناسب مع المناخ في دولة قطر.
وشدد الخلف على الحاجة لتدريب وتطوير الخبرات المحلية، بحيث تكون الخبرات مبنية على ظروف المناخ بدولة قطر لتحسين الإنتاج وحسن استخدام التقنيات الزراعية والبيوت المحمية المبردة، لافتاً إلى ضرورة تقديم الدعم على الوجه الصحيح للمزارع من خلال توفير الخبرات المحلية والدعم العيني المتمثل بالبيوت المحمية المبردة والتقنيات الزراعية التي تساعد على استمرار الإنتاج. 

تطور ملحوظ
في سياق متصل قال الخلف إن القطاع الزراعي شهد خلال السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً، أدى إلى تغطية الإنتاج المحلي من الخضراوات لاحتياجات السوق في الموسم الزراعي، إلا انه بعد انتهاء الموسم يصبح الاعتماد على المستورد، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وأرجع ارتفاع الأسعار إلى نهاية موسم الزراعة التقليدية لبعض أنواع الخضراوات مثل الطماطم والكوسة وغيرهما، لافتا إلى أن هناك حاجة لدى المزارع للانتقال للزراعة بواسطة التقنيات الحديثة، حتى يتسنى لهم الإنتاج على مدار العام دون الارتباط بالموسم الزراعي التقليدي. وأضاف: إن التقنيات الزراعية الذكية تسمح بالإنتاج طوال العام، وأن وزارة البلدية تقدم دعماً مستمراً لأصحاب المزارع لتحسين الإنتاج وزيادته، وقد وضعت الوزارة خطة لتقديم 3500 بيت محمي مبرد يسمح بالإنتاج حتى بعد انتهاء الموسم التقليدي. 
وتحدث الخلف عن تقنية الهايدروبونيك، ودورها في استمرار عملية الإنتاج طيلة العام، مع زيادة إنتاج المتر المربع، وتقليل استهلاك المياه، وأكد أن هذه التقنية تضمن أدق التفاصيل التي تساهم في استمرار الإنتاج وجودة المنتجات، من خلال درجة حرارة مياه السقاية والتربة والأسمدة المستخدمة.
وأوضح أن الخطأ الذي يقع فيه معظم المزارعين في الإنتاج صيفاً هو استخدام بيوت مبردة للزراعة التقليدية، وهذا الأمر لا ينجح بسبب درجة حرارة التربة والمياه التي تصل إلى 45 درجة مئوية مما يؤدي إلى هلاك النبتة. 

تطوير البيوت المحمية 
وعن تطوير البيوت المحمية قال الخلف: إن تطوير هذه البيوت يتضمن معالجة نوع الحديد المستخدم في تشييدها، بحيث يعكس درجة الحرارة، وكذلك نظام التظليل المستخدم في البيوت المحمية التي ابتكرتها بعض المزارع القطرية يختلف عن الأنظمة المستخدمة عالمياً، فهي توفر المناخ المناسب للنباتات للنمو والإنتاج. 

التحكم بدرجة الحرارة 
وتطرق الخلف إلى بعض تفاصيل هذه الزراعة التي تتيح التحكم بدرجة الحرارة، بالقول: تتيح هذه التقنية التحكم بدرجة حرارة مياه الري والبيت المحمي، والتحكم في درجة الحرارة يساعد على نجاح الموسم الزراعي، حيث إن الزراعة التقليدية تفشل أحياناً، لأن النبتة تزرع في أرض حارة، وحتى إذا سُقيت بمياه باردة، فإن ذلك لا يحدث فرقاً، فتموت جذور النبتة التي تمتص الغذاء من الماء. 
التحكّم بدرجة حرارة التربة 
وبالعودة إلى تقنية الهايدروبونيك أشار الخلف إلى أنها عبارة عن استخدام أكياس زراعية تتيح التحكم بدرجة حرارة التربة والبيت المحمي ومياه الري وأشعة الشمس، بحيث لا تقل أشعة الشمس عن الحد المطلوب، ولا تزيد عنه فتموت النبتة، لافتا إلى أن النظام الجديد من خلال إمكانية التحكم بدرجة الحرارة ونسبة الرطوبة وما إلى ذلك داخل البيت المحمي، فإنه يتيح المناخ المناسب للنبتة، ولذا فإنها تنتج بكامل طاقتها.

تقليل استهلاك المياه 
وعن تقليل نسبة استهلاك مياه الري في النظام الجديد، أوضح الخلف أن ذلك يتم من خلال استخدام ألياف جوز الهند، أو الصوف الصخري، في الأكياس الزراعية، التي تقلل استهلاك المياه بنسبة 90% لخلوها من العناصر الغذائية.
وأشار إلى أن تطوير التقنيات الزراعية أسهم في تمديد الموسم الزراعي، حيث كانت بداية الموسم في شهر يناير ونهايته في شهر أبريل، ووفقاً للتطوير الجديد أصبحت بداية الموسم مطلع نوفمبر ونهايته في شهر يونيو. 

الاكتفاء الذاتي
وعن مساهمة المزارع في تحقيق الاكتفاء الذاتي، أكد الخلف أن الدولة ليست بحاجة لإنشاء مزارع جديدة، فالعدد الحالي (1400 مزرعة) كافٍ لتحقيق الاكتفاء الذاتي إذا تحولت المزارع إلى التقنية الجديدة.
وقال: «إن الدعم الذي تقدمه الحكومة للمزارع يشكل فرصة كبيرة للمزارعين القطريين، ويتيح المجال للابتكارات والتطوير الزراعي، كما يساهم في زيادة المحصول اليومي الذي يتم توريده إلى الأسواق ويعزز جودة المنتج، وذلك من خلال نتائج الأبحاث التي تقدمها وزارة البلدية في المجال الزراعي، إضافة إلى دعم المزارع بالبذور والبيوت المحمية، فضلاً عن البرامج التسويقية التي تنظمها الوزارة كأحد أشكال الدعم للمزارعين.

برنامج لمد السوق بالخضراوات 
تحرص وزارة البلدية على التأكيد أن الاستراتيجية الزراعية بدولة قطر ترتكز على التوسع في المنتجات الزراعية، مثل الخضراوات والفواكه والتمور وغيرها، مع مراعاة المحافظة على الموارد الطبيعية في البلاد والعمل على حسن استغلالها، مما أدى إلى تضاعف الإنتاج المحلي بما يزيد على 400%.
وقد وضعت الوزارة برنامجاً لتأهيل المزارع، بحيث تستطيع توريد إنتاجها من الخضراوات ذات الجودة العالية إلى السوق المحلية بشكل يومي، وقد تم تأهيل نحو 200 مزرعة في هذا البرنامج من خلال تطوير قدراتها الإنتاجية للخضراوات.
وتتبنى الوزارة مبادرات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع الزراعية، مثل طرح المشاريع الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق توفير الفرص لمستثمري القطاع الخاص في المجال الزراعي، ومنها طرح أربعة مشاريع استراتيجية كبيرة لإنتاج الخضراوات بمساحة قدرها مليون متر مربع للمشروع الواحد، إضافة إلى طرح عشرة مشاريع زراعية من أصل 34 مشروعاً.
 كما تضطلع وزارة البلدية بمسؤولية تنمية الموارد الطبيعية لزيادة الإنتاج وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مع المحافظة على البيئة القطرية وتنميتها بصورة مستدامة، لا سيما أن التنمية المستدامة نتاج لسياسات وخطط تقوم على أسس علمية مدروسة، يتم على ضوئها اتخاذ القرارات السليمة التي تشجع مسيرة التقدم الاقتصادي، مع المحافظة على الموارد الطبيعية في وقت ترتكز فيه الاستراتيجية الزراعية على زيادة نسب الاكتفاء الذاتي، وإنتاج السلع الزراعية التي تتمتع بها الدولة بميزة نسبية.

أخبار متعلقة :