الدوحة - سيف الحموري - ناقشت الندوة التاسعة من " الخيمة الخضراء" ، التي ينظمها برنامج " لكل ربيع زهرة" ، تحديات تربية النشء في العالم العربي، وتأثير التقنيات المعاصرة في مجال المعلومات على شخصية الشباب، بالإضافة إلى دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية في مواجهة المخاطر والتحديات العالمية، وتأثير الانفتاح على الصغار في ظل انهيار منظومة القيم، وأزمة تراجع اللغة العربية في المؤسسات التعليمية.
وقال الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة"، إن قضية تربية النشء في العالم العربي تزيد عمقا وتعقيدا كلما تقدمنا في الزمن، إضافة إلى انفتاح العالم والتقاطع مع العولمة ومع قضايا أخرى كثيرة، فضلا عن التقنيات المعاصرة التي دخلت كمؤثر سلبي على النشء ومستقبلهم وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم.
وأضاف أن التربية هي عملية تتضمن جوانب التعليم والقيم والأخلاق والصحة النفسية والجسدية، بهدف تحقيق التغير الإيجابي في سلوكيات ومفاهيم الأفراد، مشيرا إلى أنه لا تربية دون تغير في السلوك، شريطة أن تكون مبنية على قيم العدل والمساواة والتحضر والتسامح والتعايش السلمي، وتعليم المهارات واكساب القيم اللازمة للحياة والتعايش الإيجابي في المجتمع.
وأكد أهمية العمل على تغيير التوجهات وتطوير قدرات النشء في العالم العربي، ورفع معدلات التعليم والتدريب المهني وتوسيع العمل الإبداعي والابتكار، وتشجيع الثقافة العلمية والتكنولوجية.
واعتبر أن التربية تواجه الكثير من التحديات في العالم العربي، منها تراجع جودة المناهج التعليمية ومكانة المعلم والبيئة المدرسية، ما يؤثر سلبا على النشء وعلى إدماجهم في سوق العمل مستقبلا، وكذلك التحديات التقنية وعدم الاستفادة الكاملة من الثورة الرقمية، إما لقلة أو انعدام الأجهزة الرقمية، أو عدم التدريب على استخدامها.
من جانبهم، تطرق المتحدثون في الندوة إلى مخاطر الاستخدام المفرط للتقنيات الرقمية على النشء، مشيرين إلى أن الانغماس في استخدامها قد يؤدي إلى فقدان البعد السمعي والحسي، وهو الأمر الذي يزعج المعلمين داخل قاعات الدرس، فضلا عن أن هذه الأجهزة لا تساهم في عملية التربية بشكل جيد، بل تزاحم أولياء الأمور في التربية.
ونوهوا باستراتيجية 2018 - 2022 لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، والتي ركزت في محورها الرابع على المواطنة والقيم، حيث تحدد الاستراتيجية الخطة والجهود التي تبذل في هذا الجانب.
ودعا المتحدثون إلى اعتماد المنظومة الإيمانية الإسلامية في تربية النشء، مؤكدين أن الإسلام قدم طرحا متكاملا في التربية، سواء الإيمانية أو التعبدية أو العقلية أو النفسية والعاطفية أو الأخلاقية، مشيرين إلى أن النشء في حاجة إلى تكامل التربية من كافة الجوانب التي ركز عليها الإسلام، الأمر الذي ينتج عنه شخص مفيد لمجتمعه ودولته وأمته.
واستعرض المشاركون في الندوة تأثير التقنيات المعاصرة في مجال المعلومات على شخصية النشء العربي، موضحين أنه لا يمكن إنكار أن التقنيات والأدوات والأجهزة الذكية هي ركيزة أساسية في الحياة اليومية، ووسيلة هامة لتوفير الوقت والجهد والمال، لكنهم نبهوا إلى أن الإفراط في استخدام التقنيات الحديثة له العديد من الأضرار، منها الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، وإصابة النشء بالمشكلات السلوكية، ومنها العدوان والكسل واللامبالاة والاعتمادية، كما يزيد من الشعور بالوحدة، والضعف، والابتعاد عن الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والترفيهية.
ونوهوا بأهمية دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية في مواجهة المخاطر المحدقة بالنشء العربي، من خلال غرس الأخلاق، والقيم، والوعي اللازم لاستخدامات للإنترنت، بما يحمي النشء، فضلا عن التعريف بأصول التنشئة الصحيحة في مواجهة مخاطر شبكة الإنترنت وتنمية مهارات الآباء في استخدام التقنيات الحديثة، مع توعية الأبناء بالمخاطر بين الحين والآخر.
ونصح المتحدثون في الندوة بضرورة تنظيم استخدام الإنترنت والأجهزة اللوحية، ووضع الكمبيوتر في مكان مرئي بالمنزل، والتنبيه على الأبناء بعدم إعطاء أي معلومات شخصية كالعنوان أو رقم الهاتف أو اسم المدرسة وعنوانها أو اسم أحد الوالدين لأصدقائهم على شبكة الإنترنت، وأن يكون استخدام شبكة الإنترنت لتحقيق غرض إيجابي محدد.
وحددوا عدة آليات يمكن أن تسهم في التصدي للمخاطر المعاصرة، بينها إعداد برامج علمية لتأهيل القائمين على الفعل التربوي، مما يساهم في إعادة الدور الأول والأهم للمربي في التربية قبل التعليم، وتعزيز قيم المواطنة، وإضافة مقررات دراسية تقوم بالأساس على تعليم وتوعية المتعلمين بطرق وأساليب يستطيعون من خلالها حماية ووقاية أنفسهم وغيرهم، بالإضافة إلى تضافر الجهود وحشد الطاقات والإمكانات بهدف خلق فرد مؤهل للدفاع عن نفسه من المخاطر التي تهدد صحته وسلامة مجتمعه.
أخبار متعلقة :