الدوحة - سيف الحموري - أكد عدد من المثقفين والكتاب أن اتفاق غزة الأخير والخاص بوقف الحرب على قطاع غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، يعد خطوة مهمة نحو تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ووقف العدوان الإسرائيلي المستمر.
وشددوا في تصريحات خاصة لـ «العرب» على أهمية الدور الكبير الذي لعبته دولة قطر في الوساطة، مشيرين إلى قدرتها الفائقة على تعزيز الحوار وتحقيق التوافق بين الأطراف المتنازعة. كما أكدوا على أن هذا الاتفاق يمثل بداية مرحلة جديدة نحو تحقيق السلام العادل والشامل، مؤكدين أن القضية الفلسطينية سوف تظل على قائمة أولويات السياسة القطرية، ويجب أن تبقى في صدارة الاهتمامات الدولية، وتستمر الجهود لضمان حقوق الفلسطينيين وفقًا للقرارات الدولية.
د. عائشة الكواري: نافذة أمل للاستقرار
أكدت الكاتبة الدكتورة عائشة جاسم الكواري الرئيس التنفيذي لدار روزا للنشر، أن اتفاق غزة يمثل شهادة حية على الدور الكبير الذي تضطلع به دولة قطر في دعم استقرار المنطقة ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
وأضافت: أثبتت قطر، مرة أخرى، التزامها العميق والمستمر بالقضية الفلسطينية، من خلال جهودها الدؤوبة والفاعلة لضمان وقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية التي تمس حياة الفلسطينيين بشكل مباشر، مؤكدة أن هذا التوجه يعكس رؤية قطر الاستراتيجية التي ترتكز على تحقيق السلام العادل والشامل، حيث لا يتم تحقيق الاستقرار إلا عبر معالجة جذور الأزمة.
وأكدت أن الاتفاق نافذة أمل لتحقيق استقرار نسبي في ظل الأوضاع الراهنة، ولكنه لا يمكن أن يكون حلاً نهائيًا. فلا بد من الاستمرار في معالجة القضايا الأساسية، مثل حقوق الفلسطينيين، من أجل الوصول إلى حل دائم وعادل يعيد لهم حقوقهم ويعزز من كرامتهم الإنسانية.
وأكدت الدكتورة عائشة الكواري أن الدور المحوري الذي قامت به دولة قطر في الوساطة، مع الوسطاء الآخرين وتفعيل قنوات الحوار بين الأطراف المختلفة، هو دليل على قدرة قطر على تقديم حلول واقعية في أوقات الأزمات. وأن هذه الوساطة تعكس أهمية الدبلوماسية النشطة والفاعلة في تخفيف التوترات، ليس فقط بين الفلسطينيين وسلطة الاحتلال الإسرائيلية، بل على مستوى المنطقة بأسرها. من خلال تعزيز الحوار وبناء جسور الثقة، تمكنت قطر من خلق بيئة ملائمة لتحقيق الاستقرار الذي يساهم في توفير الأمل للشعب الفلسطيني والمنطقة ككل.
واختتمت قولها بأن في هذه اللحظة التاريخية، يُظهر هذا الاتفاق كيف يمكن للدبلوماسية القطرية أن تكون عاملًا حاسمًا في تحويل التوتر إلى فرصة للسلام، ويؤكد على أهمية الاستمرار في العمل السياسي والإنساني المشترك من أجل استقرار دائم في المنطقة.
د. خالد الجابر: دبلوماسيتنا جسر الإنسانية
أكد الباحث والأكاديمي الدكتور خالد الجابر، أن دولة قطر من خلال جهودها المستمرة أثبتت قدرتها الفائقة على ترسيخ مكانتها كوسيط محوري وفعّال في حل الأزمات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأزمة المتفاقمة في غزة. فقد أصبحت قطر في الآونة الأخيرة بمثابة جسر إنساني ذو مصداقية عالية بين الأطراف المتنازعة، حيث عُرفت بحيادها وثبات مواقفها.وأشار الجابر إلى العديد من إنجازات قطر في الدبلوماسية الدولية وكانت تُعتبر شبه مستحيلة، حتى بالنسبة للقوى الكبرى. بدءًا من الوساطة الفاعلة في المفاوضات المعقدة، مرورًا بتقديم المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات، وصولًا إلى نجاحها في تبادل الأسرى والرهائن والتوصل إلى اتفاقات نهائية هامة، كانت هذه الجهود بمثابة طوق نجاة إنساني لشعب غزة في واحدة من أعتى المآسي الإنسانية في العالم.وقال إن التوصل إلى هذا الاتفاق النهائي يعد بمثابة شهادة قوية على التزام دولة قطر الثابت بدورها الدبلوماسي النبيل، الذي وصفه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بأنه “واجب إنساني قبل أن يكون سياسيًا”. وقد عبّر سموه عن أمله في أن يسهم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في إنهاء العدوان والتدمير الذي طال القطاع والأراضي الفلسطينية المحتلة، ليكون بداية لمرحلة جديدة تُعيد للقضية الفلسطينية العادلة مكانتها الحقيقية على الساحة الدولية. كما أضاف سموه أن هذا الاتفاق يشكل بداية طريق نحو حل شامل وعادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، قائم على قرارات الشرعية الدولية، ويأخذ بعين الاعتبار حق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة.
د. خالد محمود: نجاح بفضل الانفتاح في علاقاتها
قال الباحث والكاتب الدكتور خالد محمود، إن نجاح الوساطة القطرية في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يعود إلى عدة عوامل رئيسية، أولها انفتاح الدوحة في علاقاتها الطيبة مع الأطراف المؤثرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ثانيًا التزامها بالحياد والنزاهة والالتزام والحياد التكتيكي الذي أكسبها ثقة الأطراف المتنازعة.
وتابع بالقول «ثالثا تقديمها مساعدات إنسانية مباشرة لسكان غزة، مما دعم مصداقيتها كوسيط يسعى للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني. وليس أخيراً قدرتها على التعامل بمرونة مع الضغوط الإقليمية والدولية دون التخلي عن مبادئها».
ورأى أن الدوحة اعتمدت على إستراتيجية الحوار المباشر والمستمر مع جميع الأطراف المعنية، كما أنها حافظت على توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية والدولية، مما ساعدها على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، مضيفا أن الدوحة أيضا أظهرت مرونة في التعامل مع التحولات السياسية المعقدة، ما ساهم في تجاوز العقبات التي واجهتها خلال الوساطة وفي ظني أن هذه الوساطة كانت الأصعب في تاريخ الدبلوماسية القطرية.
واعتبر محمود أن نجاح الاتفاق في غزة يعزز من مكانة قطر كوسيط موثوق على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أثبتت قدرتها على إدارة ملفات معقدة والوصول إلى نتائج ملموسة. كما يُظهر دورها الفاعل في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد أن نجاح الوساطة القطرية يرسل رسالة واضحة بأن الحوار والوساطة النزيهة يعتبران الأداتين الأهم لحل النزاعات.
سعد بورشيد: تجسيد لأخلاقيات السياسة القطرية
قال المخرج والإعلامي سعد بورشيد عضو هيئة التدريس في برنامج الفنون المسرحية بكلية المجتمع من منطلق ثقافي وإنساني، أرى في اتفاق غزة الذي تم بجهود الوساطة القطرية وآخرين خطوة هامة نحو إرساء نوع من الاستقرار في المنطقة، يعكس الالتزام القطري العميق والدائم بالقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن دولة قطر منذ سنوات طويلة تبذل جهودًا كبيرة لدعم الفلسطينيين على كافة الأصعدة، وليس فقط من خلال المواقف السياسية، بل أيضًا عبر الدعم الإنساني والاقتصادي الذي يسهم في تخفيف المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني. وهذا الاتفاق يأتي ليجسد هذا التوجه المستمر نحو تأكيد الحق الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة.
وشدد بورشيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية إقليمية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية، ومواقف قطر تعكس رؤية شاملة ترتكز على مبادئ العدالة والحقوق الإنسانية.
وأضاف أنه من خلال الاتفاق تؤكد قطر على أهمية إيقاف العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، الذي عانى ويعاني من ويلات الحرب والممارسات القمعية. وهذا التوجه لا يعكس مجرد اهتمام بسياسة المنطقة، بل هو تجسيد حقيقي لأخلاقيات السياسة القطرية التي تضع الإنسان في صلب اهتمامها.
وتابع أن وقف العدوان من خلال هذا الاتفاق يمثل حماية حقيقية لحياة الفلسطينيين، ويمنحهم الفرصة للتنفس بعيدًا عن جحيم الحرب المستمرة التي استمرت نحو عام وثلاثة اشهر. لكن الأهم من ذلك، هو أنه يعطي الشعب الفلسطيني الأمل في إمكانية العودة إلى البناء والتطوير، في ظل بيئة أكثر أمانًا. فيمكن أن يعود تدريجيًا إلى مساره الطبيعي، ويتيح للأجيال القادمة فرصة أكبر لبناء مستقبل مزدهر بعيدًا عن الحروب والدمار.
ونوه بأن الموقف القطري القوي في هذا السياق يعتبر بمثابة نموذج يحتذى به في العمل السياسي الذي يركز على المصلحة الإنسانية، بعيدًا عن المصالح الضيقة.
واختتم المخرج سعد بورشيد تصريحه قائلا: هذا الاتفاق ليس فقط خطوة نحو وقف العدوان، بل هو دعوة للتفكير العميق في السلام الشامل والعادل، الذي يستحقه الشعب الفلسطيني والشعوب العربية كلها.
إيمان الكعبي: الدوحة عاصمة الوساطة
قالت السيدة إيمان الكعبي مدير المركز الإعلامي القطري، إن عيون العالم بأسره اتجهت يوم الأربعاء الماضي نحو الدوحة، التي أكدت مجددًا أنها عاصمة الوساطة والسلام بامتياز، ومنها أُعلن عن التوصل إلى الاتفاق التاريخي بوقف إطلاق النار في غزة. وأكدت أن هذا الإنجاز يعكس الدور الريادي لدولة قطر في معالجة الأزمات الإنسانية والسياسية، ويُبرز مكانتها كشريك موثوق لدى المجتمع الدولي.
وأضافت أن هذا الإعلان توّج الجهود الحثيثة التي بذلتها قطر تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي تابع عن كثب تطورات الأزمة وسعى لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني. وجاء هذا الاتفاق ليؤكد رؤية سموه الراسخة بأن دور قطر في مثل هذه الأزمات هو “واجب إنساني قبل أن يكون سياسيًا”.وتابعت أن نجاح الوساطة المشتركة بين قطر ومصر وأميركا لوقف إطلاق النار يُبرز مجددًا قدرة قطر على تحقيق اختراقات دبلوماسية نوعية، ويعكس براعتها في بناء جسور الحوار المستدام. هذا الإنجاز ليس فقط شهادة على مكانة قطر الدولية، بل أيضًا تأكيد على دورها كفاعل محوري يسهم في تعزيز السلام والاستقرار بالمنطقة.
الدبلوماسية القطرية أظهرت مجددا حكمتها ومرونتها، لتثبت أنها نموذج عالمي في التعاطي مع الأزمات بأسلوب حكيم وديناميكي، يضع الإنسان في مقدمة الأولويات.
صالح غريب: مؤشر قوي على دعم الدوحة للاستقرار
أكد الكاتب والإعلامي صالح غريب أن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية في غزة هو خطوة هامة ومؤشر قوي على الدور الكبير الذي تضطلع به قطر في دعم استقرار المنطقة ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
وقال: من المؤسف أن التوصل إلى هذا الاتفاق استغرق وقتًا طويلًا، ورغم كل الجهود المبذولة، فإن الجانب الإسرائيلي كان يسعى دائمًا إلى إضافة بنود جديدة أو تعديلها في اللحظات الأخيرة، مما كان يعطل الاتفاق في أكثر من مرة. وكان يعتقد نتنياهو، خطأً، أن الخيار العسكري سيحقق النجاح ويعيد الأسرى، لكن الواقع أثبت فشل هذا النهج، حيث لم يتم إطلاق أي أسير فلسطيني نتيجة لهذه العمليات العسكرية.
وقال غريب إنه منذ نوفمبر 2023، وبعد مقترح الرئيس الأمريكي بايدن في مايو 2024، كانت المفاوضات في الدوحة والقاهرة تسير على قدم وساق، لكن للأسف كانت تتعثر في كل مرة، والسبب هو الرغبة الإسرائيلية في إبقاء المجال مفتوحًا للجانب العسكري. ورغم هذه العراقيل، كانت جهود قطر، إلى جانب مصر، ثابتة وقوية.
وأشار غريب إلى أن هذا الاتفاق يمثل خطوة إيجابية نحو وقف العدوان، لكنه شدد على ضرورة استمرارية الجهود لتحقيق حلول دائمة. وقال: نأمل أن يكون هذا الاتفاق نقطة انطلاق نحو وقف دائم لإطلاق النار، ويجب أن يكون أساسًا لحل شامل للفلسطينيين. نحن ككتاب ومثقفين نؤمن بأن هذه الحرب كانت محاولة للإبادة الجماعية التي سعت إليها إسرائيل، ورغم ذلك، فقد سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي.
أخبار متعلقة :