الدوحة - سيف الحموري - د. العربي عطاء الله
قد تتصور أن المراهقة مرحلة عمرية تبدأ في عمر 14 سنة وتنتهي مع حلول 18 أو 19 عاما بحد أقصى، لكن في عالمنا الحديث وبسبب مجموعة من العوامل تطول فترة المراهقة وتمتد أحيانا إلى منتصف العشرينات، وبدلا من أن تبدأ مرحلة المراهقة في السنوات الإعدادية، وتنتهي مع آخر سنوات المدرسة وأولى سنوات الجامعة، فإننا نجد أن جيلنا الحالي تبدأ مراهقته حين يكون في أواخر مرحلته المدرسية، وتنتهي ربما بعد تخرجه من الجامعة بسنوات، فقد أكدت العديد من الدراسات أن متوسط مرحلة المراهقة في العالم حاليا صار ينتهي عند سن 25 عاما، أي أن الشاب أو الفتاة قبل بلوغه لـ 25 عاما سيكون مراهقا في مشاعره، في علاقاته مع الآخرين، في تعامله مع مشاكل الحياة اليومية وفي فهمه وتصوره عن حقائق الأشياء وطبائع الأمور.
لقد تم تسمية الجيل الحالي من الشباب بجيل «رقائق الثلج» من طرف العديد من المحللين وذلك لسببين أساسين:
الأول – لأن رقائق الثلج هشة جدا وسريعة الإنكسار، لا يتحمل أي ضغط عليها بأي شكل من الأشكال، إذا تعرض هيكلها الضعيف لأدنى لمسة خارجية له ستجعله يتفكك ويتكسر بالكامل.
وهذا هو جيل رقائق الثلج، هش نفسيا، ويتحطم شعوريا مع أول ضغط يواجهه في الحياة، لا يشعر إلا بالضعف ولا يجيد لعب دور الضحية، رقيق الجلد وسريع الانكسار وتركيبته النفسية خالية من أي هيكل صلب يقويها ويدعمها ويساعدها في مواجهة مشاق الحياة.
أما السبب الثاني لتشبيه جيل الشاب برقائق الثلج فهو شعور كل فرد من هذا الجيل بالتفرد، ويتم تغذيته دائما بأفكار التميز والريادة، ويحس دائما بالاستحقاق أي أن له توقعات عالية من جميع علاقاته الاجتماعية، يتوقع معاملة راقية له وحفاوة زائدة تجاه وجوده، وولاء خالصا لأفكاره، وكأن الأمور حقوق خاصة له وحده دونا عن سائر الخلق.
ولوحظ أن هذا الجيل يرفض أحيانا أن يكبر، بمعنى أنه يرفض أن يتولى مسؤوليات مرحلة الرشد، ويظل طفلا في تعامله مع متطلبات المعيشة، ويتحطم مع أول صدام حقيقي له مع مشاكل وضغوط للحياة الواقعية، ورغبتهم الدائمة في التهرب من أي ثقل واستبعاد أي ضغط من حياتهم ما يجعلهم أطفالا كبار في المجتمع.
ولقد ظهرت الهشاشة النفسية بين جيل المراهقين لأسباب كثيرة أهمها عدم تحمل هذا الجيل للمسؤوليات منذ صغره حتى في أبسط الأمور، وتعوده الدائم على الاعتماد على غيره في إنجاز أهدافه، أو مذاكرة دروسه، أو إنهاء مشاغله هذا الانفكاك الكامل بين الخبرة الشباب وبين الحياة الحقيقية تجعله أكثر دلالا وأكثر انهزاما أمام الضغوط.
ولهذا مطلوب من الشباب اليوم لكي يتفادى الهشاشة النفسية أن يدرب نفسه على المرونة النفسية، لأنه سيعود بالفائدة العظيمة عليهم والتي تتمثل في:
- تحسين صحتهم النفسية والذهنية.
- تحسين الأداء الإدراكي المعرفي.
- الحفاظ على الهدوء الداخلي في المواقف المجهدة.
- النظر إلى الحياة على أنها سلسلة من التحديات لا المشاكل.
- الاستقرار في مواجهة الأزمات.
- القدرة على الثبات والاستقرار والازدهار في حالات الضغط المستمر.
- القدرة على الارتداد إلى الوراء والتعافي بسرعة من الانتكاسات.
كل هذه الأمور تضيف إلى رصيد إدراكك بواقع الحياة، فتحسن من مهاراتك الاجتماعية وتضيف إلى خبرتك في التعامل مع المشاكل، وإدارة الوقت وتنظيم الأولويات وترتيب حياتك، الأمر الذي يؤهلك للنضج النفسي لتكون مستعدا بشكل أكفأ لطبيعة مرحلة الرشد.
❚ التفكير الإيجابي
- لا تكن مثل من يقضي الشطر الأول من حياته في انتهاء الشطر الثاني، ويقضي الشطر الثاني في التأسف على الشطر الأول، فعش يومك.
- احرص على العمل الصالح بالطريقة الصحيحة من أجل الوصول إلى الهدف الصحيح.
- بمزيج من المعرفة والمهارة يمكن تحقيق النجاح والرضا عن النفس دون إجهاد.
- تذكر أنك كلما كرست وقتا كافيا للاسترخاء وتمكنت من السيطرة على حياتك الذهنية كلما أحسنت استغلال طاقاتك الإبداعية.
- الشخص الذي يرغب في الوصول إلى الارتقاء بأعماله يتعين عليه أن يقدر قوة العادة.
- احذر المتشائم فإنك تريه الزهرة فيريك شوكها، وتعرض عليه الماء فيخرج لك منه القذر وتمدح له الشمس فيشكو حرارتها.
❚ همسات
1. إن تربية الأبناء من أعظم الأمور التي يجب أن تُصرف فيها الطاقاتُ والأموال والأوقات
2. إن تربية الأبناء الصحيحة تتسم بالعلم والعمل، ولا يُمكن أن تكون بالمزاج والتقليد.
3. التربية الصحيحة للأبناء متكاملةٌ، لأنها تُعنى بالروح والعقل والجسد، فهي دائماً في توازنٍ متميزٍ وفريد.
4. إذا أردت أن تقرَّ عينك ويرتاح أبناؤك فربِّهم على مراقبة الله وحده بعيداً عن تربية الرياء.
5. معرفُتك القيم والمعتقداتِ ومراحل النمو عند الأطفال تفتح أمامك آفاقاً لتربية رائعة وممتعة بإذن الله.
6. أبناء اليوم رجال الغد، وما نبذله اليوم في تربيتهم إنما هو إسهام منا رائعٌ في نصر أمتنا وعِزها في المستقبل.
أخبار متعلقة :