في افتتاح المؤتمر العالمي للتحكيم الدولي.. وزير العدل: قطر مقر إقليمي للتحكيم وواحة لحل النزاعات التجارية بالوسائل البديلة

الدوحة - سيف الحموري -  تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي، الذي ينظمه مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم بغرفة قطر على مدار يومين تحت شعار "التحكيم في الشرق الأوسط - الحاضر والمستقبل".
وافتتح فعاليات المؤتمر سعادة السيد إبراهيم بن علي بن عيسى الحسن المهندي وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، بحضور سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم، وسعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بالمركز، وعدد من رجال الأعمال ونخبة كبيرة من المحكمين الدوليين والقانونيين والمهتمين بالتحكيم، فضلا عن 35 متحدثا في سبع جلسات عمل يتضمنها المؤتمر. وتم عرض فيلم وثائقي عن مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم.
وقال سعادة السيد إبراهيم بن علي بن عيسى الحسن المهندي، وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في كلمته: "إن هذا المؤتمر العالمي يأتي تماشيا مع الجهود الوطنية الحثيثة لدولة قطر في سبيل تعزيز دور الوسائل البديلة لفض المنازعات المدنية والتجارية، بما في ذلك التحكيم والوساطة، كما يأتي في سياق العمل على نشر وتعزيز ثقافة التحكيم كوسيلة فعالة وناجعة لحل وتسوية المنازعات، وبما يجعل دولة قطر مقرا إقليميا للتحكيم، وواحة لحل النزاعات التجارية بالوسائل البديلة، مستفيدة في ذلك من منظومتها القانونية الحديثة والمتطورة، والخبرة العالية لدى الجهات العدلية ومركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم".
وأكد سعادته حرص دولة قطر، عملا بتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، على أن تظل التنمية الشاملة للبلاد هي الهدف الأسمى الذي تعمل مختلف الأجهزة الحكومية بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص، على تحقيقه، كما تمضي مؤسساتنا جميعا، وبثبات في القيام بمتطلبات هذا الهدف على كافة الأصعدة وفقا لرؤية قطر الوطنية 2030، والغايات المرجوة منها، مشيرا إلى التشريعات التي تم إصدارها في مجال التحكيم.
وأوضح سعادة وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أن انعقاد المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي، يعكس أحد أوجه العناية التي توليها دولة قطر لإيجاد مناخ موات للتحكيم، والعمل على تعزيز البيئة التشريعية الجاذبة لرؤوس الأموال، والانفتاح الاقتصادي وفقا لأهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024 2030).
وأضاف أن وزارة العدل تضع التحكيم الدولي في مقدمة أولوياتها، وقد أكدت هذا التوجه بتضمين خطتها استراتيجيتها الجديدة إجراءات مستحدثة ستعزز جهود امتلاك الدولة لمنظومة تحكيم وطنية فعالة تتبنى المعايير العالمية في مجال التحكيم، وتعتزم الوزارة تنفيذ هذه الخطة بالتعاون مع الشركاء الوطنيين، ومراكز التحكيم والمحامين والمحكمين، فيما باشرت الوزارة العمل على تهيئة القرارات التنفيذية لإعداد البنية التحتية لهذه الخطة، بدءا باعتماد الهيكل التنظيمي لإدارة شؤون التحكيم في وزارة العدل وتعيين اختصاصاتها، وانتهاء باستصدار قرارات شروط وأحكام قبول المحكمين، وإجراءات منح التراخيص لمراكز التحكيم، التي يجري العمل على إعدادها حاليا.
وثمن سعادته إسهامات التحكيم في تخفيف أعباء القضايا أمام المحاكم، وتسوية النزاعات التجارية، قائلا:"وفي هذا الصدد أشير إلى أن عدد الدعاوى المرسلة لإدارة شؤون التحكيم بوزارة العدل والتي تم البت فيها خلال النصف الأول فقط من العام 2024 قد بلغ نحو 44 حكما، بنسبة زيادة بلغت 29 بالمئة مقارنة بالنصف الأول من العام 2023، فيما انخفضت مدة الفصل في النزاعات خلال نفس الفترة في المتوسط من 11 شهرا إلى 7 أشهر، بنسبة تراجع بلغت 30 بالمئة، وبلغ عدد الأحكام الصادرة في دعاوى التحكيم عن طريق مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم 30 حكما من مجموع الأحكام بما نسبته 68 بالمئة من إجمالي الأحكام الصادرة خلال النصف الأول من عام 2024. وقد صدرت كافة تلك الأحكام وفقا لقانون التحكيم القطري، مما يعكس أهمية هذا القانون، ويدل على مواكبته لأحدث الإجراءات القضائية، وتوفيره لمختلف الحلول المناسبة للنزاعات التجارية".

Advertisements

كما ثمن سعادة السيد إبراهيم بن علي بن عيسى الحسن المهندي، وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، دور غرفة قطر ممثلة بمركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم في التوعية بأن يكون للتشريعات الوطنية والوسائل البديلة لحل النزاعات قبول وتأثير إيجابي لدى الشركات وأصحاب الأعمال والأفراد، مؤكدا حرص وزارة العدل على دعم جهود الغرفة في تبني أحدث التقنيات ومواءمتها مع جهود المركز لتعزيز الأداء وزيادة معدلات الثقة والرضى لدى جميع المتعاملين، بما في ذلك الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوفير البنية التحتية وتقنية المعلومات اللازمة لتسهيل إجراءات التحكيم.
وأشار سعادته إلى أن المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي يعد فرصة ثمينة لتأكيد أهمية التحكيم وإعلاء دوره في مختلف المجالات، بما في ذلك تنمية الوعي المجتمعي بالتحكيم التجاري الدولي ونشر ثقافته وبيان أهميته بالتعاون والتنسيق مع شركائنا الوطنيين والدوليين، والعمل على إنشاء منظومة متكاملة للتحكيم التجاري الدولي، تعتمد التخصص والكفاءة والفعالية والسرعة في تسوية المنازعات وبناء الثقة بين مختلف الأطراف التجارية مع ضمان أعلى مستويات العدالة، بما يعزز كفاءة العملية التحكيمية وجودة حوكمتها.
وشدد سعادة السيد إبراهيم بن علي بن عيسى الحسن المهندي على ثقته بأن ما سيقدمه المشاركون في هذا المؤتمر من أفكار ومقترحات سيسهم في تحقيق أهدافه، وفي تبادل الخبرات والتجارب بهدف تعزيز منظومة التحكيم في قطر ودول الخليج والمنطقة العربية عموما، والعمل على التغلب على التحديات التي تواجهها.
من جانبه، قال سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، رئيس مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم: "إن المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي يعكس الأهمية الكبيرة التي يحملها التحكيم الدولي في عالمنا المتسارع، وأهمية تعزيز مفهوم العدالة السريعة والفعالة بما يلبي تطلعات المجتمع وقطاع الأعمال على حد سواء"، مشيرا إلى أن التحكيم اليوم لم يعد مجرد وسيلة بديلة لحل النزاعات، بل أصبح ضرورة ملحة تتطلبها تعقيدات العلاقات التجارية والاقتصادية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وأشار سعادته في كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر إلى أن النمو الاقتصادي والانفتاح العالمي، أدى إلى ازدياد التعاملات الاقتصادية، مما زاد من الحاجة إلى منظومة قضائية متطورة ومرنة تستطيع أن تواكب هذه التغيرات وتحافظ على استقرار العلاقات التجارية، موضحا أن مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم يتبع أحدث المبادئ القانونية المستقرة دوليا وفي مقدمتها قواعد التحكيم النموذجية التي اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال) بصيغتها المنقحة في عام 2010 بخصوص إجراءات التحكيم وكافة ما حدث من تطورات وتحديثات بشأنها مما يجعله متسقا ومتوافقا مع المبادئ والإجراءات المعمول بها لدى كبرى مراكز التحكيم الدولية.
وشدد سعادته على حرص المركز على نشر ثقافة التحكيم ومتابعة أحدث التشريعات القانونية العالمية، حيث يعقد المركز على مدار السنة الندوات والمحاضرات والدورات التدريبية المتخصصة، فضلا عن استضافة خبراء في التحكيم والقانون محليين وعالميين.

وقال سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم: "إن التحكيم ليس فقط وسيلة لتحقيق العدالة، بل هو رافد مهم من روافد الاستثمار والتنمية الاقتصادية، حيث أثبتت الدراسات والتجارب العملية أن وجود نظام تحكيم متقدم وفعال يشجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويوفر بيئة اقتصادية جاذبة وآمنة، ومن هنا، فإن رؤيتنا الاستراتيجية تتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030، التي تهدف إلى تعزيز البيئة الاستثمارية المستدامة ودعم مكانة دولة قطر كمركز اقتصادي عالمي".
واستعرض سعادته بعض الإنجازات التي حققها مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم في مجال التحكيم في دولة قطر، حيث تمكن المركز من تطوير البنية التحتية القانونية والتشريعية لتعزيز ثقة المستثمرين وحماية حقوقهم، لافتا إلى أن من أبرز هذه الإنجازات هو تحديث التشريعات المتعلقة بالتحكيم، واعتماد قوانين تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية.
وأشاد سعادته بالتعاون مع وزارة العدل ومختلف المؤسسات، مما كان له الأثر البالغ في تحقيق هذا التقدم الملحوظ، منوها بإطلاق المركز لمجموعة من خدماته الإلكترونية في الآونة الأخيرة.
وأكد سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني أنه اعتبارا من الأول من يناير 2025 سيبدأ مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم بتطبيق قواعد التحكيم الجديدة والتي شارك في إعدادها ومراجعتها نخبة من المحكمين والمتخصصين والخبراء على الصعيد الوطني والدولي، لتأتي متوافقة مع أحدث التوجهات العالمية المتعلقة بالتحكيم الدولي.
وأشار سعادته إلى أن انعقاد المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي، يأتي في ظل تحديات عالمية معقدة، وتحولات اقتصادية وسياسية تؤثر على الأنظمة القضائية والتحكيمية في جميع أنحاء العالم.
وأضاف قوله: "لذلك، فإننا نحتاج إلى تكاتف الجهود وتبادل الخبرات، لنرتقي بممارسات التحكيم ونستجيب بفعالية لهذه التغيرات"، لافتا إلى أن محاور هذا المؤتمر تمثل فرصة ذهبية لمناقشة موضوعات حيوية، مثل التحكيم في العقود التجارية الدولية، والتحديات التي يواجهها التحكيم في المنطقة، والتحديات القانونية الناشئة عن العقود التحكيم التي تشمل الجهات الحكومية ودور القانون واجب التطبيق أمام هيئات التحكيم.
وأكد سعادته التزام مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم بمواصلة العمل الجاد من أجل تقديم خدماته بصورة متطورة ومتميزة واستقطاب خبراء ذوي كفاءة عالية، وتطبيق أحدث الابتكارات التكنولوجية وبناء شراكات استراتيجية مع مراكز التحكيم الدولية لتعزيز التعاون وتبادل المعرفة.
بدورها، نوهت السيدة آنا جوبين بريت، الأمين العام للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال)، رئيس قسم القانون التجاري الدولي في مكتب الشؤون القانونية للأمم المتحدة، في كلمة عن طريق الاتصال المرئي، باستضافة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم للمؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي، معربة عن أهمية دعم هذا المؤتمر الهام من جانب (الأونسيترال)، وعن أملها بأن يختتم أعماله بنتائج وتوصيات هامة.
ولفتت بريت إلى أن قطر عضو فاعل في اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958) المعروفة باسم اتفاقية نيويورك، وكذلك في اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة، منوهة بأن قطر تبنت عام 2010 تشريعات تتماشى مع القواعد النموذجية للجنة (الأونسيترال)، وأن مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم يتبنى قواعد (الأونسيترال) الخاصة بالتحكيم بشكل مستحسن.
وخلال أعمال الجلسة الافتتاحية وقع مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم اتفاقيتي تعاون مع مؤسستي تحكيم دوليتين بهدف وضع إطار عام للتعاون بين المركز والمؤسسات الدولية، وذلك بحضور سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم.
ووقع الاتفاقية الأولى من جانب المركز سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني عضو مجلس الإدارة للعلاقات الدولية بالمركز مع السيدة كاثرين ديكسون الرئيس التنفيذي للمجمع الملكي البريطاني للمحكمين.
ووقع سعادته الاتفاقية الثانية مع الدكتورة نايلة قمير عبيد عضو المجلس التنفيذي للمجلس الدولي للتحكيم التجاري وأستاذ القانون بالجامعة اللبنانية.
وفي سياق متصل، استعرض سعادة الشيخ الدكتور ثاني بن علي آل ثاني في الجلسة الأولى بالمؤتمر نجاحات وتحديات التحكيم في قطر، مشيرا إلى أن المشرع القطري حرص على خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية. كما تناولت جلسة العمل الثانية قواعد وإجراءات مؤسسات التحكيم.

أخبار متعلقة :