بمناسبة اليوم العالمي للترجمة.. مترجمون يناقشون تحديات الترجمة خلال ندوة لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي

الدوحة - سيف الحموري - نظم الفريق الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، ندوة عبر تقنية " زوم" بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يوافق الثلاثين من سبتمبر من كل عام شارك فيها خمسة من المترجمين والمترجمات من لغات مختلفة.

Advertisements

وقدم المشاركون خلال الندوة التي حملت عنوان " تحديات الترجمة في عالم متغير" رؤاهم بشأن دور الترجمة كفعل حضاري في التجسير بين الأمم والثقافات والشعوب، وناقشوا واقع حركة الترجمة استنادا إلى تجاربهم الشخصية في هذا المجال، وتطرقوا إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أثناء عملهم.

ومن جانبها، عرفت الكاتبة الكويتية سعدية مفرح خلال إدارتها للندوة، بدور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في تكريم المترجمين وتقدير إسهامهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه، ومكافأة التميز، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع والتعددية والانفتاح.

وقالت الكاتبة سعدية مفرح : إن الجائزة تسعى إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب.

ومن جهته تحدث المترجم الجزائري الدكتور الهواري غزالي عن ترجمة الشعر العربي في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، معرفا بقسم " ماستر ترجمة" في جامعة باريس التي يعمل أستاذا محاضرا فيها، وبطريقة العمل المنهجية لتكوين مترجمين يركزون على مجموعة مشتركة من الدروس وخيارات تعزيز التخصص الأكاديمي.

وأوضح أن هذا البرنامج التأهيلي المهني يوفر مهارة مزدوجة، نظرية وعملية، ويجمع بين أساسيات النظريات المتنوعة في مجالات الترجمة المختلفة، كما يقترح مسارا يتيح تعزيز المهارات الترجمية المتخصصة في الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية وكذلك في مجال الإنسانيات الرقمية.

وقال الدكتور الهواري غزالي : إن الطلبة يمكنهم اكتساب هذه المهارات بلغات أخرى متاحة ضمن البرنامج، وذلك بفضل الدروس الاختيارية كدروس الترجمة التي تتم باللغة العربية، وهو ما يمثل فائدة كبيرة للطلبة الذين يرغبون في الحفاظ على لغة ثانية، بل وحتى ثالثة. مشيرا إلى أن قائمة اللغات المعتمدة ضمن مجال تكوين المترجمين تضم: الألمانية، والإنجليزية، والعربية، والإسبانية، والإيطالية، والبرتغالية، والروسية؛ بالإضافة إلى الفرنسية، التي تعد اللغة المحورية في البرنامج.

وأشار إلى دخول الذكاء الاصطناعي مجال العمل بوصفه من أبرز الصعوبات التي يواجهونها؛ ما دفعهم فيما بعد إلى "تبني خيارات منهجية مختلفة جعلت الطلبة يتموقعون ضمن الترجمة كمصححين لغويين يقومون بتقديم تأويلات لخيار لغوي دون آخر". ولذلك، فإن معظم النصوص التي يقترحونها نصوص مترجمة من قبل الذكاء الاصطناعي، لكنها تخضع إلى تحكيم طلبة يختصون في علم الترجمة وليس في الترجمة بحد ذاتها.

وبدورها، تحدثت المترجمة السورية بثينة الإبراهيم عن المغامرات التي يخوضها المترجمون في الترجمة، وبالتحديد مغامرتها في واحد من آخر الأعمال التي ترجمتها، وقالت إنها تحرص على السلامة اللغوية والتأكد من خلو النص من الأخطاء اللغوية والنحوية، لكنها قررت أن تتخلى عن هذا الحرص في ترجمتها لرواية " الفتاة ذات الصوت العالي" الصادرة عام 2023.

وذكرت المترجمة الإبراهيم : إنها عمدت إلى " تكسير" اللغة، إذ لن يجد من يقرأ الرواية صفحة تخلو من الأخطاء، لأن البطلة تتحدث بلغة إنجليزية مفككة وتعج بالأخطاء، وإن حاولت أن تتفاصح في استخدام بعض الكلمات الكبيرة، لافتة إلى أن هذه المغامرة أحد التحديات التي يواجهها المترجم في سبيل إيصال صوت الكاتب وأسلوبه كما اختار.

من ناحيته، أكد المترجم الأردني الدكتور باسم الزعبي، في الندوة التي نظمت عبر تقنية " زوم" بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يصادف اليوم ،أن الترجمة "بوابة مهمة تطل من خلالها الأمم والشعوب بعضها على بعض، ومن خلال تعرف الإنسان على أخيه الإنسان فإنه يرى نفسه في الآخر، وهذا يعينه على رؤية ذاته وتميزه عن الآخر".

وقال الدكتور الزعبي : إن تحديات الترجمة الأدبية لا تنفصل عن تحديات الترجمة بشكل عام في العالم العربي، ومن أبرز هذه التحديات: قلة عدد المترجمين المحترفين الذين يترجمون عن اللغات العالمية، باستثناء نسبي للمترجمين عن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتدني الوعي العام بأهمية الترجمة، وبدورها في نشر المعرفة وانتقالها، وبالتفاعل الحضاري.

وتابع: إن عدم إجادة المترجم اللغة التي يترجم عنها، سيؤدي إلى ترجمة غير أمينة، قد تضر القارئ ثقافيا ومعرفيا، والأمر نفسه إن لم يجد المترجم لغته التي سيترجم إليها، كما أن المترجم عليه أن يكون مطلعا جيدا على بيئة الكاتب الذي يترجم له بجميع أشكالها: الطبيعية، والثقافية، والاجتماعية، والسياسية، وأن يكون ملما بالحقبة التاريخية التي ظهر فيها الكتاب، موضحا أن الترجمة الأدبية لا يمكن أن تكون ترجمة حرفية، وأنه لا بد للمترجم أن يكون ذا معرفة واسعة بالفكر والثقافة والسياسة والتاريخ والاجتماع وعلم النفس وغيرها.

وبدورها، تحدثت المترجمة الكويتية دلال نصرالله عن الاستعارة في ميزان الترجمة الأدبية، وقالت إن الترجمة الأدبية تستلزم من المترجم إتقانا لغويا للغتي المصدر والهدف، واطلاعا واسعا بالاستعمالات الاصطلاحية فيهما.

وأردفت قائلة : إن الترجمة الأدبية تختلف عن أنواع الترجمة الأخرى، لأنها تسعى إلى تحقيق أهداف جمالية تتطلب سعة الخيال، ودقة التعبير، والقدرة على التحكم في اللغة باختلاف بناها التركيبية، وضرورة إيهام القارئ أنه أمام نص أصلي لم يترجم من لغة إلى أخرى.

وأشارت نصر الله إلى مهارات خاصة لا غنى للمترجم الأدبي عنها، هي: امتلاك ناصية الكتابة، والدراية الكبيرة بثقافة الشعبين، والقدرة على الإنشاء والتعبير عن الأفكار بدقة، وحب الأدب والقدرة على تقمص شخصية الكاتب لاقتباس تفكيره، والدراية الواسعة بالاستعمالات الاصطلاحية والقدرة على تفكيك الخطاب الأصلي ونقله بكفاءة.

أما المترجمة السورية المقيمة بباريس ريم السيد فتحدثت عن ترجمة الشعر في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وقالت إن ترجمة الشعر العربي تمثل تحديا فريدا نظرا للخصائص التي يتميز بها هذا النوع الأدبي، مستشهدة بقصيدتها " ذات العقد" كمثال.

وأوضحت أن الثقافة والسياق من أبرز التحديات التي تواجه المترجمين بشكل عام، إذ يتضمن الشعر العربي إشارات ثقافية وتاريخية عميقة، ويتعين على المترجم أن يكون على دراية بالثقافة العربية لفهم هذه الإشارات والمعاني الكامنة وراء الكلمات وتقديم ترجمة دقيقة، وقد يحتاج إلى تقديم شروحات إضافية أو هوامش لتوضيح هذه الإشارات للقارئ غير الناطق بالعربية.

واختتمت المترجمة ريم السيد قائلة : إن من التحديات أيضا، البلاغة الفنية، إذ يمتاز الشعر العربي بلغة غنية بالبلاغة والأساليب الفنية مثل الصور والتشبيهات، والاستعارات، والجناس، وهذه العناصر التي تساهم في خلق جمالية النص قد تفقد عند ترجمتها بعض قوتها التعبيرية. كما أن الكلمات في اللغة العربية حمالة لمعان متعددة ومختلفة، كلمات مثقلة بالعواطف ولها مدلول مختلف عما هو في اللغات الأجنبية، مما يجعل من الصعب نقل هذه المعاني بدقة دون فقدان الجوهر الشعري، لافتة إلى أن الترجمة بحاجة إلى "إعادة صياغة فعالة لنقل الجمال اللغوي بطريقة تحافظ على تأثيره، ولا يمكن أن يتم ذلك اصطناعيا دون مترجم حاذق لديه من المفردات ما يكفيه لينقل النص إلى لغات أخرى بأمانة".

أخبار متعلقة :