فاطمة المطوع أخصائي المنح والبحوث في معهد الدوحة الدولي للأسرة لـ «العرب»: 41% من أولياء الأمور لا يتابعون نشاط أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي

الدوحة - سيف الحموري - التأثيرات السلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بلغت حدوث مشكلات صحية
الاستخدام المتوازن يتحقق عن طريق الرقابة
دراسة: 24% من أولياء الأمور يتابعون أبناءهم باستخدام الإنترنت

Advertisements

أكدت السيدة/ فاطمة يوسف المطوع – اخصائي المنح والبحوث في معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، العمل على دراستين، الأولى هي «رفاه اليافعين في دولة قطر»، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، والثانية ركزت على تأثير الاستخدام المفرط للتكنولوجيا على اليافعين، بالتعاون مع قمتي «ويش» و«وايز»، وجامعة حمد بن خليفة.

وقالت المطوع في تصريحات خاصة لـ «العرب»: الدراسة الثانية تناولت تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، ووقفت على التأثيرات السلبية للاستخدام، والتي تمثلت في العزلة الاجتماعية، وقضاء الأطفال لأوقاتهم على الأجهزة الالكترونية، بدلاً من أقرانهم أو أفراد الأسرة، الأمر الذي سبب خللا في العلاقات الأسرية.

مشكلات صحية
وأضافت: كما أن التأثيرات السلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعية بلغت حدوث مشكلات صحية للأطفال، منهم من عانى من الصداع أو آلام في الرقبة، أو الرؤية الضبابية، وكلها بسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل، وبناءً على مقابلات مع أولياء الأمور، فإن بعضهم أكد على تعرض أطفالهم للتنمر الالكتروني، وكذلك الابتزاز الالكتروني.
وأشارت إلى أن من بين التأثيرات السلبية التي رصدتها الدراسة تعرض الطفل لمواد غير مناسبة لسنه، بسبب الانفتاح على التكنولوجيا، كذلك حديث الطفل مع الغرباء.
وتابعت اخصائي المنح والبحوث في معهد الدوحة الدولي للأسرة: لا ننكر بعض النواحي الإيجابية، مثل تعزيز التواصل الإيجابي مع الأصدقاء بعد المدرسة، وخاصةً في فترة جائحة كورونا، وما تطلبته من تواصل بالفيديو عن طريق البرامج المختلفة.
الاستخدام المتوازن
وحول كيفية تحقيق الاستخدام المتوازن لوسائل التواصل الاجتماعي، أوضحت أن التوصيات الصادرة عن دراسات المعهد أشارت إلى أن الاستخدام المتوازن يتحقق عن طريق الرقابة.
وقالت السيدة فاطمة المطوع: مع الأسف، مع سؤال أولياء الأمور حول متابعة أبنائهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن نسبة 41% ذكروا أنهم لا يتابعون نشاط أبنائهم، وهذه نسبة كبيرة، وأن 24% فقط أكدوا أنهم يتابعون أبناءهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى استخدام الانترنت بصورة عامة.
وشددت على أهمية الرقابة من أولياء الأمور على أنشطة أبنائهم، إضافة إلى أهمية تحديد الأوقات التي يستخدمون فيها مواقع التواصل، وأن يضع ولي الأمر مجموعة من الضوابط، وأن يعملوا على تشجيع الأنشطة البديلة، مثل القراءة والاشتراك في النوادي.

أولياء الأمور قدوة
وأكدت على أهمية أن يكون ولي الأمر قدوة ونموذجا لابنائهم، فلا يمكن أن ينصح ولي الأمر أبناءه بعدم استخدام مواقع التواصل، وفي الوقت نفسه يجد ولي الأمر لساعات متواصلة على الهواتف الجوالة، وأن يعمل ولي الأمر على التواصل بصورة مستمرة مع الأبناء، وأن يجيب ولي الأمر على تساؤلات الأبناء حول عدم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وألا يفرض الآباء والأمهات اراءهم بدون حوار مفتوح مع الأبناء.
وأشارت إلى أهمية إيضاح السلبيات التي قد تنتج عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي للأبناء، وأن هذه الصورة من الاستخدام قد تؤثر على الطفل من ناحية التعليم، وكذلك التأثيرات الصحية على العيون مثلاً، وغيرها من سبل الحوار بين ولي الأمر والطفل.
السن المناسب لاستخدام التقنية
وحول السن المناسب لاستخدام الطفل لوسائل التواصل الاجتماعي، أضافت: لم نجد توافقا عالميا على سن مناسب لبدء استخدام لمنصات التواصل الاجتماعي، ولكن نرى أن قبل سن الـ 13 يحتاج الطفل إلى رقابة أكبر من الأطفال أكبر من سن 13، فأقل من هذا العمر نعتبره «السن الخطر»، الذي يتكون فيه الطفل فكرياً، فلا بد من التشديد على الرقابة في هذا العمر.
ونصحت أولياء الأمور بضرورة تحديد ضوابط، وأن يكون للأطفال أوقات محددة لاستخدام التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك استخدام الألعاب الالكترونية «البلاي ستيشن»، وأن يعمل ولي الأمر على اشراك الطفل في الأنشطة التعليمية والأندية الرياضية، خاصةً مع وجود الكثير من النشاطات، سواء على مستوى الوزارات أو الأندية الرياضية، وبعضها يكون مجانيا، وتشجيع الأطفال على السباحة والرياضة والفنون والرسم.
كما نصحت بأن يكون ولي الأمر نموذجا أو قدوة حسنة، باستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وآمن وواع أمام أطفالهم.

علامات الخطر
وأشارت إلى بعض علامات الخطر اذا ما ظهرت على الطفل، وأن العلامة التي اتفق عليها أغلب أولياء الأمور من المشاركين في الدراسة هي نوبات الغضب، فإذا حاولت الأم أن تأخذ الجهاز اللوحي أو جهاز الألعاب الالكترونية من الطفل، يصاب الطفل بما يشبه حالة هيستيرية ويصرخ في نوبات غضب شديدة، وأن هذا السلوك يشير إلى خلل يوضح تعلق الطفل بالجهاز بصورة كبيرة لدرجة الإدمان.
وقالت المطوع: ومن بين العلامات أيضاً الانسحاب أو العزلة الاجتماعية، والهوس بالجلوس أمام الشاشة لساعات طويلة، وعدم الاهتمام بأي أنشطة أخرى، فيشعر الطفل بحالة ملل وضجر، فلا يرغب في الخروج من المنزل أو الاختلاط بأي شخص، فيقضي 24 ساعة على الجوال أو الجهاز اللوحي، وهي واحدة من علامات ادمان الالكترونيات.
وأضافت: كما أن ضعف الأداء الأكاديمي قد يكون بسبب الاستخدام المفرط للأجهزة الالكترونية، حتى النوم والعادات الغذائية تتأثر بالاستخدام المفرط، وقد تشير إلى الإدمان الالكتروني.   

حماية الأبناء مسؤولية من؟
وأردفت اخصائي المنح والبحوث في معهد الدوحة الدولي للأسرة: لا شك أن المسؤولية الأكبر في حماية الأبناء من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي تقع على الآباء، ولكن ما وجدناه من استماعنا لأولياء الأمور المشاركين في الدراسة أن بعض أولياء الأمور يحتاجون دعم، بسبب العمل والانشغال بالكثير من الأمور، لذا نرى أهمية التعاون من قبل المدارس وتوفير ورش تثقيفية وتعليمية للأطفال، للتعريف بخطورة الاستخدام المفرط للتكنولوجيا.
وأشارت إلى دور المؤسسات المعنية والمجتمع بشكل عام من ناحية المرونة بساعات العمل، وتوفير السياسات الصديقة للأسرة، ومنها ما سيتم تطبيقه قريباً بالدوام المرن للموظفين والموظفات، وهذه السياسات من شأنها أن تساعد الأسرة، والتأكيد على الحملات التوعوية التي تستهدف الأطفال بكيفية الاستخدام الآمن للتكنولوجيا، وأن المسؤولية تقع على الأسرة والمدارس والمجتمع ككل.

شقيقتان في عصر الشاشات الإلكترونية: من واجبي الأخوي أن أقلق عليكِ

كنت في ربيعي السادس عندما جلست للمرة الأولى أمام جهاز الحاسوب في منزلنا لأرسم بشكل عشوائي مستعملةً برنامج «مايكروسوفت بينت». كان الاختيار المقتصر على ملء المساحات بالألوان أو استخدام رذاذ الطلاء أكثر ما يثير حماسي بشأن إرهاصاتي الفنية المبكرة على شاشة الحاسوب في ذلك الوقت.
عندما بلغت شقيقتي الصغرى السادسة من عمرها، كان عالمها مختلفًا تمامًا عما عهدته وأنا في مثل سنها. فقد كانت منغمسة كليًا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف تجلياته وأشكاله التي يصعب حصرها. فبينما كانت طفولتي مليئة بالرسومات الملونة النابضة بالحياة، كانت طفولتها مليئة بالوسوم والصور المفلترة.
وبصفتي شقيقتها الكبرى، كنت أشعر دائمًا بمزيج من المودة والمسؤولية تجاهها؛ فنحن، الأشقاء الأكبر سنًا، لا نكتفي بأن نكون أقرانًا فحسب، بل ينبغي أن ندرك أن دورنا يتجاوز ذلك إلى مصاف أن نكون حراسًا ومرشدين لحماية من نحب - وفي بعض الأحيان، نلجأ إلى فرض قواعد معينة، مهما كانت غير محببة لمن هم أصغر سنًا.
في عالم اليوم، حيث تشكل التكنولوجيا الرقمية - المتنامية كمًّا وعددًا - جزءًا لا يتجزأ من حياتنا. وبناءً عليه، أصبحت هذه المسؤولية أكثر تعقيدًا بحيث بات العديد من الآباء يجدون صعوبة في مواكبة ذلك. إن تقارب الأعمار بيني وبين شقيقتي أتاح لنا فهم بعضنا البعض بطرق قد يعجز والدانا أحيانًا عن إدراكها.
يوفر العالم الرقمي وصولًا غير محدود إلى المعرفة والاتصال والإبداع، لكنه ينطوي في الوقت نفسه على تحديات جمة.
ليس من السهل تحقيق التوازن بين دوري المتمثل في حماية شقيقتي، وبين دوري لأكون رفيقة لها على درب الحياة. كرفيقة لها، غالبًا ما أشعر برغبة في أن أستكشف معها وسائل تواصل جديدة، والتعرف على مجتمعات أخرى عبر الانترنت؛ لكن دوري كحارسة لها، يثير قلقي لاعتبارات عدة، أهمها تلك المرتبطة بقضاء شقيقتي لوقت طويل أمام الشاشة، مع احتمال تعرضها للتنمر الالكتروني، أو تأثرها بالمعايير الجمالية غير الواقعية التي قد تضعف من ثقتها بنفسها.
يؤكد معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، في تقريره الأخير حول الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الرقمية من قبل المراهقين على هذه التحديات، حيث يبرز الآثار السلبية للإدمان الرقمي على الصحة والأداء الأكاديمي والعلاقات الأسرية. يرسم التقرير مشهدًا مقلقًا، إذ يبرز أن الأطفال يصبحون أكثر انعزالًا عن أسرهم ويغرقون في الشاشات، بدلاً من التفاعل مع الحياة الواقعية.
بصفتي الشقيقة الكبرى، فقد أثرت فيَّ هذه النتائج بشكل كبير، فالتحديات التي تناولها التقرير تنعكس بوضوح في حياة شقيقتي، وهو ما سيكون له انعكاسات أيضًا على حياتي الشخصية. إن المسؤولية الملقاة على عاتقي في هذا العصر الرقمي تشبه السير على حبل مشدود. فمن ناحية، أشعر برغبة في أن أكون صديقة لشقيقتي، تثق بي وتخبرني كل ما تشعر به؛ ومن ناحية أخرى، أشعر بأهمية أن أقوم بدوري كحامية لها، لوضع الحدود، ولقول «لا» مهما كان ذلك مؤلمًا لها.
تقع هذه المسؤولية إلى حد كبير علينا نحن الأشقاء الأكبر سنًا. غالبًا ما يكافح آباؤنا، الذين من المتوقع تقليديًا أن يوجهونا في مثل هذه الأمور، لمواكبة التكنولوجيا المتطورة. نحن نمتلك فهمًا أعمق للمشهد الرقمي. لكن، هل يعني هذا أننا وحدنا من يجب أن نتحمل هذا العبء؟
وكما يسلط تقرير معهد الدوحة الدولي للأسرة الضوء على الحاجة الملحة إلى وضع سياسات تعزز الثقافة الرقمية داخل الأسر، وذلك على اعتبار أن من شأن هذه المبادرات أن تمكّن الأشقاء الأكبر سنًا، مثلي، من أن يصبحوا قدوة يحتذى بها في المجال الرقمي، علاوة على تزويدنا بالأدوات اللازمة لتوجيه أشقائنا الأصغر سنًا بشكل أكثر فعالية.
 إن كونك شقيقة كبرى، لا يعني مجرد تقاسم اسم العائلة؛ بل يتعلق بالخبرات المشتركة والدعم المتبادل والاهتمام الحقيقي. ويتجلى ذلك في الاعتراف بالتأثير الذي نملكه واستخدامه لمساعدة أشقائنا الأصغر سنًا على التنقل في عالم مليء بالتحديات والإغراءات الجاذبة.
من الضروري أن تعمل الأسر على الإسهام القوي في تشكيل سلوكيات أبنائها الرقمية. التحديات كبيرة. ففي هذا العصر الرقمي، تمتد العلاقة بين الأشقاء إلى ما هو أبعد من مجرد اللعب معًا - فهي تتضمن التعلم والإرشاد - والأهم من ذلك هو إعادة التعلم.
 وفي هذا العالم الرقمي المتطور باستمرار، تقع على عاتقي مسؤولية الاعتناء بشقيقتي. إنه واجب أقبله بالحب والرعاية والأمل في أن تكبر لتصبح ليس فقط مستخدمة بارعة للتكنولوجيا، بل أيضًا مفكرة وناقدة للمحتوى الرقمي.

أخبار متعلقة :