نوهوا بأهمية نشر ثقافة الادخار.. مواطنون لـ «العرب»: القروض الاستهلاكية.. تستنزف المجتمع

الدوحة - سيف الحموري - سعيد خليل: بنوك تتفنن في استدراج وتقديم «التسهيلات»

Advertisements

م. عبدالله محمد: زيادة الأعباء على كاهل الأسر والأفراد

د. محمود عبدالعزيز: عدم التساهل في أخذ القروض لغير الضروريات

 

تلاقت آراء المواطنين والخبراء المختصين ورجال الدين في التأكيد على ترشيد القروض الشخصية وتشجيع الادخار، منوهين بنشر الوعي الاستهلاكي بين أفراد المجتمع بعد أن باتت «المديونية» تلتهم جزءا كبيرا من الراتب وتهدد استقرار الأسر ومستقبل قطاع كبير من الأفراد.
وأكدوا لـ «العرب» أن ظاهرة القروض الاستهلاكية تمثل جانباً مهماً من حياة الأفراد في مجتمعنا من حيث «لا يخلو بيت منها» مع لجوء المؤسسات المصرفية إلى تطبيق التسهيلات البنكية والعروض حيث الحصول على القرض الشخصي بات «أسهل، وأسرع مما تتخيل» دون الالتفات إلى أن التعثر في سداده قد يخلف وراءه مشاكل أعقد.
وقال سعيد خليل العبسي الخبير الاقتصادي إن انتشار حمى القروض الشخصيه تتزايد يوما بعد يوم حيث تجتهد البنوك في اغراء عملائها للاقدام عليها، وأضاف: ان كنا نقدر للبنوك مبادراتها الجذابه في تقديم كل ما هو جديد على صعيد القروض الشخصيه فاننا ايضا نعتقد بان من حقها ان تحدد حجم وسقوف القروض التي تريد اقراضها لعملائها وذلك بحسب ما تجده مناسبا لاوضاعها ولقدراتها المالية والادارية وكذلك في تحديدها لجملة الشروط التي تراها هي مناسبة لعملية الاقراض من عدمه.
وأرجع العبسي تزايد ظاهرة القروض الشخصية إلى ما نشهده من تنوع وتعدد وتزايد متطلبات الحياة ورغبات البعض التي لا تنتهي وكذلك امام ارتفاع تكاليف المعيشة في مواجهة محدودية وثبات الدخل لدى عدد كبير من الناس وهو ما يدفع بهم الى اللجوء الى البنوك للاقتراض الشخصي، حيث الفرصة سانحة لكي تقدم البنوك انواعا متعددة من القروض الشخصية حتى بات الامر متاحا لكل من هو في حاجة ماسة وجدية ومن هو بغير ذلك بحيث اصبح بالامكان وبمنتهى السهولة واليسر التقدم بطلب الحصول على أي قرض شخصي يرغب به وسرعان ما يستجاب له على الفور، خصوصا مع تقديم فترة تسهيلات بالدفع تمتد لعدة سنوات.
وأوضح أن ما زاد من حجم وارقام القروض الشخصية ايضا هو ذلك التزاحم والمنافسة الشديدة بين البنوك ووفرة الاموال السائلة بين ايديها وتريد استثمارها بمختلف الطرق وبخاصة ان البنوك تعي جيدا بان حجم الفوائد التي تتحصل عليها من القروض الشخصية وبخاصة في البطاقات الائئتمانية هي اعلى بكثير مما تتقاضاه من تسهيلاتها وقروضها الاخرى ومن هنا تلاقت المصالح والرغبات في الاقتراض والاقراض وبتنا نلاحظ انتشار حمى اللجوء للقروض الشخصية بسبب معقول أو بغير ذلك
وأشار إلى ان هناك من يلجأ للاقتراض الشخصي لانه في حقيقه الامر لديه حاجة ويريد ان يقضيها وعلى سبيل المثال امتلاك منزل أو سيارة أو غير ذلك أي وجود سبب مبرر لذلك القرض ومن هنا فإن القروض الشخصية لعبت دورا ايجابيا في تنمية قدرات الاشخاص والاسر على الادخار وبهذا فإن للبنوك وما تقدمه من قروض شخصية فائدة كبرى على المقترضين حيث لبت لهم حاجاتهم وكذلك على عجلة الاقتصاد الوطني عموما.
وأكد اننا نجد في المقابل اناسا قد يلجؤون للقروض الشخصية بدون اسباب وحاجات مبررة وبدون ادراك لعواقب الاقتراض غير المبرر وغير المدروس وغير المخطط له بحيث تصبح الاقساط والفوائد الواجبة السداد تأكل الجزء الاكبر من الراتب الشهري وبالتالي وبعد فترة قصيرة يصبح غير قادر على السداد وتتراكم الاقساط وفوائدها ومن ثم قد يلجأ للاقتراض مرة اخرى ومن بنك اخر وهكذا يصبح هناك حجم هائل من الاقساط والفوائد الواجبة السداد مما يؤثر سلبا على قدرة الشخص على الوفاء بالتزاماته العائلية من مأكل وملبس وتعليم وتخلق اجواء من النكد الدائم له ولمن هم حوله الخ.
واشار الى ان التخطيط والموازنة الحكيمة فيما بين الدخل وحجم الالتزامات المالية بما فيها اقساط القروض وفوائدها هما العوامل الاساسية التي على كل من يقدم ويغامر للجوء للاقتراض ان يعتمد عليها حينما يقرر الاقتراض والا اصبحت القروض نقمة بدلا من ان تكون نعمة يستفاد منها واكثر من ذلك فانها قد تقود صاحبها الى ما لا يحمد عقباه.

السلع الترفيهية تزيد الأعباء
من جانبه، أكد المهندس عبدالله محمد أن عدداً كبيراً من الأفراد يتجهون إلى القروض للاستفادة منها في خطط وبرامج بعينها، بعضها ضرورية وبعضها الآخر كمالية وترفيهية، حيث تقف إمكانات الشخص المادية المتواضعة دون تنفيذها.. مشيرا الى توسع البنوك في منح القروض الاستهلاكية للأفراد بتسهيلات كبيرة، للتغلب على فائض السيولة لديها.
ونوه بضرورة الموازنة بين الدخل الشهري للفرد مع احتياجاته الحقيقية لتفادي أعباء المشاكل المادية، خاصة وأن جزءا كبيرا من التمويلات المالية تكون بغرض الاستهلاك، أكثر منها بغرض الاستثمار.. وشدد على ضرورة زيادة الوعي العام بمخاطر القروض وتعزيز ثقافة الاستثمار والادخار لدى الفئات الشبابية، الى جانب التخطيط المالي السليم لتجنب اللجوء للمصارف والدخول في غياهب التعثر والالتزامات المالية التي تفوق طاقاتهم، نتيجة اهتمامهم بعدد من المظاهر واستنزاف أكثر من نصف الدخل في القروض الاستهلاكية.

تنويع الخيارات
 ودعا فضيلة الدكتور محمود عبدالعزيز أبو المعاطي، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً، إلى عدم التساهل في أخذ القروض الشخصية لغير الضروريات، مؤكداً ضرورة أن يكون الاقتراض من البنوك الإسلامية للضرورة أو الحاجة فقط.
وانتقد فضيلته شراء الأشياء من غير حاجة وإنما زيادة في التكثر من الملابس ونحوها، أو شراء ما يقال عنه أنه ماركة تجارية متميزة، تقليدا للآخرين وقد يوجد مثلها من الملابس مثلا وبسعر أقل، مبينا أن كل هذا يعد من الإسراف أو التبذير الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية، قال تعالى {وآت ذا القربىٰ حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا}، [سورة: الإسراء - آية: ٢٦]، فينبغي عند إنفاق المال أن يكون في طاعة الله في النفقة الواجبة أو المستحبة، وإذا كان في المباح، فلا يكون على وجه الإسراف والتبذير. وفي ذات السياق أوضح أن الدخل المادي الذي تحقق لكم وكان فيه سعة، ينبغي أن يدخر شيئا من المال، فلعل أن تأتي عليكم ظروف أو مرض أو حاجة إلى المال، فيكون ما ادخرتموه خيرا لكم، وفيه كف النفس عن طلب الإعانة أو القرض من الآخرين.
واشار الى أن الإسراف مجاوزة الحد، وقد بين الله تعالى في كتابه أنه لا يحب المسرفين، وإذا قلنا إن الإسراف مجاوزة الحد، صار الإسراف يختلف: فقد يكون هذا الشيء إسرافاً بالنسبة لفلان وغير إسراف بالنسبة لفلان، فهذا الذي اشترى بيتاً بمليونين من الريالات، وأثثه بستمائة ألف، واشترى سيارة، إذا كان غنياً فليس مسرفاً؛ لأن هذا سهل بالنسبة للأغنياء الكبار، أما إذا كان ليس غنياً فإنه يعتبر مسرفاً، سواء كان من أوساط الناس أو من الفقراء؛ لأن بعض الفقراء يريد أن يكمل نفسه، فتجده يشتري هذه القصور الكبيرة ويؤثثها بهذا الأثاث البالغ، وربما يكون قد استدان بعضها من الناس، فهذا خطأ. وأضاف أن الإسراف أمر نسبي، لا يتعلق بنفس العمل وإنما يتعلق بالعامل، فمثلاً: هذه امرأة فقيرة اتخذت من الحلي ما يساوي حلي المرأة الغنية تكون مسرفة؟ لو اتخذ هذا الحلي امرأة غنية قلنا: إنه لا إسراف فيه، ولو اتخذته امرأة فقيرة قلنا: فيه إسراف، بل حتى الأكل والشرب يختلف الناس في الإسراف فيه: قد يكون الإنسان فقيراً، يعني: من الناس من تكفيه المائدة القليلة، وآخر لا يكفيه، ثم إنه - أيضاً - تختلف باعتبار أن الإنسان قد ينزل به ضيف فيكرمه بما لا يعتاد أكله هو في بيته فلا يكون هذا إسرافاً. فالمهم أن الإسراف يتعلق بالفاعل لا بنفس الفعل لاختلاف الناس فيه.
فالأقسام ثلاثة: الأول: غني واسع الغنى، فنقول: إنه في وقتنا الحاضر - ولا نقول في كل وقت -: إذا اشترى بيتاً بمليوني ريال وأثثه بستمائة ألف ريال واشترى سيارة فليس بمسرف.
الثاني: الوسط فيعتبر هذا بحقه إسرافا.
الثالث: الفقير فيعتبر في حقه سفهاً؛ لأنه كيف يستدين ليكمل شيئاً ليس بحاجة إليه؟.
وإذا كان المشتري قادرا، وليس قصده الإسراف ولا المفاخرة، إنما يريد الطيب الذي من باب الجمال أو من باب الزينة وهو أهل لذلك؛ لأن عنده المال وعنده القدرة، فلا نعلم فيه شيئا، إذا اشترى سيارة فخمة أو فراشاً طيباً ما نعلم فيه شيئا، لكن التواضع طيب، إذا تواضع لله واستعمل الشيء الوسط، يكون أفضل وأقصد، حتى يتمكن من صرف الزيادات في الصدقة، والمساعدة للفقراء، والمساهمة في المشاريع الخيرية، فالحاصل أن الاقتصاد والتوسط في الأمور أفضل، ولو اشترى شيئاً جميلاً نفيساً من السيارات أو من الفرش؛ لأنه قادر ويريد بذلك الجمال لا المفاخرة ولا المباهاة، فلا حرج في ذلك.

أخبار متعلقة :