ثقافة السفر.. هل تحولت إلى وجاهة اجتماعية؟

الدوحة - سيف الحموري - انتقد عدد من المواطنين وعلماء الدين مظاهر الإسراف والمبالغة في تكاليف السفر التي ترهق ميزانية الأسر، في ظل اعتبار العطلة والسفر للخارج ضرورة حياتية موازية للحاجات الأساسية الأخرى لدى الفرد والمجتمع. وأكدوا أن موسم السفر هذا العام شهد غلاءً نسبياً سواء في تذاكر الطيران أو في أسعار الفنادق وغيرها من متطلبات السفر، قياساً بالأعوام الماضية، لافتين إلى أن العطلة الصيفية تستدعي إنشاء ميزانية منفصلة لتغطية التكاليف. ونوهوا بضرورة رفع الوعي لترشيد تكاليف الإجازة الصيفية لتفادي الضغط على موازنة الأسرة خلال موسم الإجازات والعطل الصيفية، حيث تنفق بعض الأسر «مبالغ طائلة» لقضاء شهر واحد بالخارج، في حين يلجأ آخرون للاقتراض من أجل الإجازة ويكبلون أنفسهم بالديون التي تؤثر على مداخيلهم الشهرية بعد العودة من السفر، مما يشكل عبئا على ميزانيات الأسر التي لديها التزامات أخرى من مصاريف مدارس وتكاليف معيشة. وفي حين أكد عدد من المواطنين أهمية السفر خلال الإجازة الصيفية وقضاء وقت برفقة الأسرة مهما تطلب الأمر، مؤكدين أنهم «لا يبخلون على أنفسهم» برحلة استجمام تنسيهم عناء عمل طوال السنة، وأشار آخرون إلى تراجع ظاهرة «قروض السفر»، مع زيادة الوعي والتخطيط المسبق للرحلات وفقاً لقدرات المسافر المالية ولاهتماماته الشخصية، لافتين إلى أن السفر المتكرر للمواطنين إلى وجهات مختلفة ساهم في رفع الوعي بتحديد احتياجاتهم ومتطلباتهم خلال السفر ما جعلهم يوجهون مصاريفهم إلى أنشطة ومرافق معينة تلبي رغباتهم.

Advertisements

يوسف الجاسم: تزايد الإنفاق يستدعي تنمية القطاع السياحي

أكد السيد يوسف الجاسم أن تزايد الإنفاق على السياحة الخارجية يستدعي تنمية القطاع السياحي في الدولة، ودعم الشركات السياحية الناشئة، من خلال الحوافز التي تقدمها الدولة لتعزيز إجراءات وبرامج التسويق السـياحي على الصعيد المحلي، ورعاية أنشطة هذه الشركات وترويج فعالياتها من قبل هيئة قطر للسياحة، باعتبارها الكيان الحكومي المسؤول عن التخطيط والتنظيم والترويج لقطاع سياحي مستدام في قطر.
وأشار الجاسم إلى ضعف العملية التسويقية لبرامج السياحة الداخلية وهو ما يستدعي من الوزارة دعم الشركات السياحية المحلية لتنشيط وتفعيل دورها في النهوض بالسياحة الداخلية وضمان عمل هذه الشركات وفقاً لأعلى المعايير مع الترويج لثقافة قطر وتراثها وهويتها.
وأكد الجاسم أن إطلاق «إستراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة» ساهم في تطوير القطاع السياحي بما فيه عمليات الترخيص وجعلها أكثر سلاسة للمستثمرين وأصحاب المنشآت السياحية لكن الأمر يتطلب كذلك تخفيض رسوم تجديد الترخيص السنوي لهذه الشركات المحلية التي تكافح لتفعيل برامج السياحة المحلية وتنشيط السياحة الداخلية.

د. محمود عبدالعزيز: السياحة مُباحة دون تكبيل النفس بالديون

أكد فضيلة الدكتور محمود عبدالعزيز أبو المعاطي، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً، أنه يمكن للإنسان السفر والسياحة والترفيه، دون تعريض نفسه للإسراف أو تكبيل نفسه بالديون، مع ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية للسفر والسياحة، ومنها أن يسافر المتزوج صحبة زوجته وأولاده إلى دولة عربية أو مسلمة، أو صحبة أسرته إن كان أعزب لتجنب المخالفات الشرعية في السياحة المعاصرة والمحافظة على الواجبات المشروعة وأن يراعي فقه الأولويات الإسلامية عند التفكير بالسفر، بحيث لا تطغى الكماليات على الضروريات، فلا يجوز للمسلم أن يُسرف ويبذر في النفقات السياحية وهو معسر أو مُثقل بالديون، أو يقوم برحلة سياحية وليس عنده ما يكفيه من الضروريات، أو أن يقترض لمجرد السياحة، مشيرا إلى أن الاقتراض المالي همّ بالليل وذلّ بالنهار. ودعا الدكتور محمود إلى عدم التساهل في أخذ القروض الشخصية لغير الضروريات، بما فيها القيام بالسفر للسياحة والتسوق والترفيه، مؤكداً ضرورة أن يكون الاقتراض من البنوك الإسلامية للضرورة أو الحاجة فقط، داعياً من أفاض الله عليه مالاً أو سعة في الرزق إلى أن يراعي الضوابط الشرعية للسياحة في ضوء القواعد الفقهية التي وضعها الفقهاء، وأهمها توافر القيم الأخلاقية والسلوكيات المهذبة والالتزام بفقه الأولويات الإسلامية والمحافظة على الفرائض والواجبات المشروعة.
 
تنويع الخيارات
وانتقد فضيلته شراء الأشياء من غير حاجة وإنما زيادة في التكثر من الملابس ونحوها، أو شراء ما يقال عنه أنه ماركة تجارية متميزة، تقليدا للآخرين وقد يوجد مثلها من الملابس مثلا وبسعر أقل، مبينا أن كل هذا يعد من الإسراف أو التبذير الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية، قال تعالى {وآت ذا القربىٰ حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا}، [سورة: الإسراء - آية: ٢٦]، فينبغي عند إنفاق المال أن يكون في طاعة الله في النفقة الواجبة أو المستحبة، وإذا كان في المباح، فلا يكون على وجه الإسراف والتبذير. وفي ذات السياق أوضح أن الدخل المادي الذي تحقق لكم وكان فيه سعة، ينبغي أن يدخر شئيا من المال، فلعل أن تأتي عليكم ظروف أو مرض أو حاجة إلى المال، فيكون ما ادخرتموه خيرا لكم، وفيه كف النفس عن طلب الإعانة أو القرض من الآخرين.
واشار الى أن الإسراف مجاوزة الحد، وقد بين الله تعالى في كتابه أنه لا يحب المسرفين، وإذا قلنا إن الإسراف مجاوزة الحد، صار الإسراف يختلف: فقد يكون هذا الشيء إسرافاً بالنسبة لفلان وغير إسراف بالنسبة لفلان، فهذا الذي اشترى بيتاً بمليونين من الريالات، وأثثه بستمائة ألف، واشترى سيارة، إذا كان غنياً فليس مسرفاً؛ لأن هذا سهل بالنسبة للأغنياء الكبار، أما إذا كان ليس غنياً فإنه يعتبر مسرفاً، سواء كان من أوساط الناس أو من الفقراء؛ لأن بعض الفقراء يريد أن يكمل نفسه، فتجده يشتري هذه القصور الكبيرة ويؤثثها بهذا الأثاث البالغ، وربما يكون قد استدان بعضها من الناس، فهذا خطأ.  وأضااف أن الإسراف أمر نسبي، لا يتعلق بنفس العمل وإنما يتعلق بالعامل، فمثلاً: هذه امرأة فقيرة اتخذت من الحلي ما يساوي حلي المرأة الغنية تكون مسرفة؟ لو اتخذ هذا الحلي امرأة غنية قلنا: إنه لا إسراف فيه، ولو اتخذته امرأة فقيرة قلنا: فيه إسراف، بل حتى الأكل والشرب يختلف الناس في الإسراف فيه: قد يكون الإنسان فقيراً، يعني: من الناس من تكفيه المائدة القليلة، وآخر لا يكفيه، ثم إنه - أيضاً - تختلف باعتبار أن الإنسان قد ينزل به ضيف فيكرمه بما لا يعتاد أكله هو في بيته فلا يكون هذا إسرافاً. فالمهم أن الإسراف يتعلق بالفاعل لا بنفس الفعل لاختلاف الناس فيه.
فالأقسام ثلاثة: الأول: غني واسع الغنى، فنقول: إنه في وقتنا الحاضر - ولا نقول في كل وقت -: إذا اشترى بيتاً بمليونين ريال وأثثه بستمائة ألف ريال واشترى سيارة فليس بمسرف.
الثاني: الوسط فيعتبر هذا بحقه إسرافا.
الثالث: الفقير فيعتبر في حقه سفهاً؛ لأنه كيف يستدين ليكمل شيئاً ليس بحاجة إليه؟.
وإذا كان المشتري قادرا، وليس قصده الإسراف ولا المفاخرة، إنما يريد الطيب الذي من باب الجمال أو من باب الزينة وهو أهل لذلك؛ لأن عنده المال وعنده القدرة، فلا نعلم فيه شيئا، إذا اشترى سيارة فخمة أو فراشاً طيباً ما نعلم فيه شيئا، لكن التواضع طيب، إذا تواضع لله واستعمل الشيء الوسط، يكون أفضل، يكون أفضل وأقصد، حتى يتمكن من صرف الزيادات في الصدقة، والمساعدة للفقراء، والمساهمة في المشاريع الخيرية، فالحاصل أن الاقتصاد والتوسط في الأمور أفضل، ولو اشترى شيئاً جميلاً نفيساً من السيارات أو من الفرش؛ لأنه قادر ويريد بذلك الجمال لا المفاخرة ولا المباهاة، فلا حرج في ذلك.

أحمد حسين: تراجع الاقتراض لتغطية التكاليف

أكد أحمد حسين، خبير سياحي، زيادة خيارات السياحة الداخلية، التي تعتبر مجالا للترفيه أمام كافة الأسر ومن بينها الأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف السفر للخارج، فالكثير من المهرجانات السياحية بما فيها الفعاليات التي تنظمها قطر للسياحة في فترة الإجازات ومنها الصيف والاعياد ساهمت في تنشيط السياحة الداخلية كما تقدم الفنادق عروضا وخصومات على الغرف مما يتيح الفرصة للمواطنين والمقيمين للاستفادة من إجازاتهم والاستمتاع دون دفع مبالغ كبيرة.
وأشار إلى تراجع ظاهرة الاقتراض لتغطية تكاليف موسم السفر مع زيادة الوعي حول مصاريف السفر وكيفية تحديد حجم النفقات وفقاً لقدرات المسافر المادية ولاهتماماته الشخصية خلال السفر. ونوه بتحسين استثمار ما تزخر به دولة قطر من مقومات السياحة الداخلية، ومنحها اهتماماً أكبر، إلى جانب تنويع الخيارات الترفيهية أمام الشباب والعائلات لزيادة الجذب السياحي بين المواطنين والمقيمين على اختلاف أذواقهم، ودعا أصحاب المنتجعات والفنادق والمسؤولين عن القطاع السياحي للعمل على استقطاب المواطنين والمقيمين، الذين يبلغ إنفاقهم السنوي على السياحة الخارجية أكثر من 1.4 مليار دولار، بحسب الإحصائيات، وبإعطائهم أولوية في استراتيجياتهم التسويقية عبر تقديم تسهيلات وأسعار تفضيلية للسائح الداخلي.

عبدالرحمن البلوشي: ميزانيتي للإجازة بين 20 - 40 ألف ريال

روى عبدالرحمن البلوشي تجربته في مواجهة تكاليف الإجازة الصيفية، موضحا أنه يفضل التوجه لدولة إسلامية للسفر خلال الإجازة، مثل تركيا، وأشار الى أنه يدبر تكاليف السفر من خلال التوفير طوال العام من الميزانية، دون الاضطرار للجوء للاقتراض، أو السلف لتوفير الميزانية الخاصة بالسفر، مشيرا الى أن الاقتراض من أجل السياحة لا يجلب المتعة المنشودة، ولا يجلب سوى المتاعب والمشكلات والديون. وأكد أن حدود الميزانية الخاصة بالسفر تتراوح بين 20 ألفا إلى 40 ألف ريال لأنها تكون في الغالب مع الأسرة والأبناء. وأوضح أن الإجازة تمثل عبئا على ميزانية بعض الأسر في ظل ارتفاع تكلفة السفر من حجوزات الطيران والفنادق وأسعار الخدمات، خاصة في الدول الاوروبية والغربية وهو ما دعا كثيرين لاختيار وجهات عربية أو دول جنوب شرق آسيا، علما أن الكثيرين أيضا يستغلون العروض الترويجية التي تتسابق الدول الخارجية في تقديمها من أجل تنشيط سياحتها الداخلية. وأشار إلى أنه يختار الدولة التي يتوجه إليها عادة بناءً على حالة الطقس وذلك بسبب ارتفاع درجة الحرارة في الدوحة، وكذلك للتمتع خلال السفر بمشاهدة المعالم السياحية والتعرف على ثقافات مختلفة. وقال: إن موسم السفر لدى معظم المواطنين لقضاء أوقات ممتعة خارج بلادهم للتنزه وتغيير البيئة والمناخ ولإعادة تجديد نفسية الأطفال والأسرة، وللسفر فوائد عديدة ومهمة لابد من الاستفادة بها قدر المستطاع، مشيرا الى البعض فضل البقاء في الدوحة ربما لكثرة الفعاليات التي تم ويتم تقديمها خلال هذا الصيف ويتوفر فيها التشويق والقدرة على جذب كافة الفئات وهو ما أتاح للمواطنين الذين منعتهم الظروف من السفر للخارج الاستمتاع بإجازتهم الصيفية في الدوحة.

60 مليار ريال أنفقها سكان قطر على السياحة والسفر 2023

تشير البيانات الحديثة إلى زيادة في حجم إنفاق القطريين على السياحة والسفر خلال الأعوام الماضية، بنسب متزايدة.
حيث زاد إنفاق سكان قطر على السياحة والسفر إلى الخارج خلال عام 2023 بنسبة 34.5%، على أساس سنوي إلى نحو 60 مليار ريال، وفق بيانات الحساب الجاري الصادرة عن مصرف قطر المركزي.
وسجل الانفاق على قطاع السياحة الخارجية في قطر خلال الربع الرابع من العام الماضي أعلى مستوى على الإطلاق عند 17.8 مليار ريال وفقا لشبكة سي إن بي سي.
وتُصنف قطر ضمن قائمة الدول المُصدّرة للسياحة والأكثر إنفاقاً على السياحة في الخارج.
بينما تستهدف الحكومة وفق الاستراتيجية الوطنية الثالثة على تنويع الانماط السياحية وتطوير منتجات سياحية جديدة لزيادة مساهمة القطاع في حساب الناتج المحلي الاجمالي إلى 12% بحلول 2030.

5 نصائح لتوفير نفقات الرحلات

مع زيادة السفر والسياحة للخارج للمواطنين والمقيمين خلال الفترة الحالية، هناك مجموعة من الإرشادات أطلقتها المواقع العالمية المتخصصة في السفر، للتقليل من التكاليف التي تتحملها العائلات والشباب، وفي مقدمتها أسعار تذاكر الطيران التي ترتفع بصورة خيالية في الأعياد والمواسم، مما يمثل إرهاقا كبيرا لميزانية السفر والسياحة. بالتأكيد يرغب الجميع في توفير أكبر قدر ممكن من تكاليف السفر خاصة فيما يتعلق بحجز تذاكر الطيران، حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تذاكر الطائرات تتأثر بالكثير من العوامل، ويمكن توفير الكثير من المال على تذاكر الطائرات عند اتباع النصائح أو معرفة بعض الأمور الهامة. كذلك ينبغي الحرص على اختيار الشركة الجوية المناسبة والتحقق من سياساتها بشأن الأمتعة والتعويضات في حالة الإلغاء أو التأخير.  وتمثل تذاكر الطائرات العنصر الأهم في المصاريف التي تواجه المسافرين وخاصة في هذا الوقت من موسم الإجازات، عندما يتعلق الأمر بالسفر الدولي أو الرحلات الطويلة، إلا أنه يمكن كذلك توفير الكثير من المال على تذاكر الطائرات في حال تم اتباع بعض النصائح البسيطة.
وينصح خبراء السفر بمقارنة الأسعار حيث قد يختلف سعر الرحلة نفسها التي تقوم بها شركات مختلفة في بعض الأحيان بشكل مفاجئ.
ومن الأفضل كذلك أن التخطيط للعطلة والحصول على التذاكر منتصف الأسبوع وفي أوقات متقطعة إذا أمكن بين منتصف الليل والساعة 6 صباحًا.
والسفر أول أيام الأسبوع عادة ما يكون أرخص مقارنة بعطلة نهاية الأسبوع، وكذلك السفر في فترات الندرة السياحية حيث يمكن توفير المال على تذاكر الطائرات بشراء التذاكر ذهاباً وإياباً من نفس الموقع، كما يمكن استخدام مواقع الحجز التي توفر حزم السفر والإقامة.
ومن المهم مراجعة عدة مواقع لشراء التذاكر الجوية، حيث يمكن أن تختلف الأسعار بشكل كبير بين المواقع المختلفة.

أخبار متعلقة :