قطر وألمانيا تعلنان إطلاق حوار استراتيجي بينهما

الدوحة - سيف الحموري - أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، التطور الملحوظ الذي تشهده العلاقات الثنائية بين دولة قطر وجمهورية ألمانيا الاتحادية في مختلف المجالات منذ بدء العلاقات بينهما في عام 1973، مشيرا إلى أن زيارة سعادة السيدة أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية بجمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة، تأتي تتويجا لمرور 50 عاما من العلاقات الدبلوماسية والتعاون بين البلدين.
وأوضح معاليه، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع سعادة أنالينا بيربوك اليوم، والذي سبقه توقيع البلدين على مذكرة تفاهم حول إنشاء الحوار الاستراتيجي، أن النقاشات بين الجانبين شملت عددا من المواضيع، منها تعزيز التعاون، والارتقاء بالعلاقات في مختلف المجالات سواء في الطاقة والبيئة والتعليم، وقضايا الأمن الإقليمي المتعددة، معربا عن تطلع دولة قطر لإنشاء آلية تعزز إقامة المشاريع المشتركة مع جمهورية ألمانيا.
واعتبر معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أنه يمكن للحوار الاستراتيجي توفير منصة مهمة لمناقشة ملفات الطاقة والتعاون.
وفي جانب آخر، ذكر معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، أنه بحث مع وزيرة الخارجية الألمانية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني، مجددا التأكيد على إدانة دولة قطر لقصف المدنيين في قطاع غزة.
كما رحب معاليه بالاتفاق الموقع في جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشيرا من ناحية أخرى إلى احترام دولة قطر سيادة واستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها.
على صعيد آخر، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، إن دولة قطر لا تريد الخروج عن الإجماع العربي بشأن عودة سوريا لجامعة الدول العربية، على أن يترك لكل دولة قرارها السيادي بـ"التطبيع مع الحكومة السورية"، مضيفا "تقييمنا في دولة قطر على الأقل بأن الحل الوحيد للتطبيع مع النظام السوري، هو إيجاد حل عادل وشامل للمسألة السورية، وهناك عمل عربي مشترك نتفق فيه جميعا على الأهداف بأن يكون هناك عودة آمنة للاجئين وإيجاد حل سياسي وفق قرار الأمم المتحدة رقم /2254/".
كما تطرق معاليه إلى التنسيق بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى مصر والمملكة الأردنية والعراق، بخصوص الملف السوري، قائلا في هذا السياق "لقد تباينت المواقف ليس حول الأهداف، ولكن حول المنهجية للوصول إلى هذه الأهداف وهذا شيء طبيعي".
وشدد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، خلال المؤتمر الصحفي، على دعم دولة قطر لأن يكون هناك عمل بناء لتحقيق هذه الأهداف، وأن تسهم أي خطوة تطبيع مع النظام في تحقيق مثل هذا الهدف، مضيفا "المسألة ليست بيننا وبين النظام السوري، المسألة بين نظام وشعبه، ويجب أن يكون الحل الذي يتم تطبيقه لاستعادة الاستقرار في سوريا هو حل يرضي هذا الشعب الذي عانى من ويلات هذه الحرب على مدار الـ 12 سنة الأخيرة"، مجددا التأكيد على أن "دولة قطر لا تعطي أي اعتبار للانتقادات الموجهة إليها بصفة جزافية".
وفيما يتصل بالملف الأفغاني، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في رده على سؤال لقناة الجزيرة الإخبارية، إنه ناقش مع وزيرة الخارجية الألمانية التطورات على الساحة الأفغانية وآخر مستجداتها بشقيها الأمني والسياسي، حيث تم التأكيد على ضرورة مواصلة المجتمع الدولي في التعاون لتعزيز قدرات الشعب وتمكينه من تجنب أي أزمات داخلية، وأيضا المضي قدما في بناء السلام واحترام حقوق الإنسان خاصة حقوق المرأة وتوفير التعليم للفتيات وتحقيق التنمية لكافة فئات المجتمع الأفغاني.
وردا على سؤال حول الشراكة القطرية الألمانية في مجال الغاز وتوقيع اتفاقية طويلة الأجل بين البلدين وما إذا كانت هناك مفاوضات مع باقي دول الاتحاد الأوروبي بشأن إمدادها بالغاز وطبيعة العلاقة مع الشركاء الأوربيين في ظل الأجندة الخضراء وتوجه أوروبا نحو الابتعاد عن المصادر الكربونية، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: "الاتفاقية بين قطر وألمانيا هي اتفاقية تجارية بين الشركات، وهذه هي سياسة دولة قطر فيما يتعلق بالطاقة، حيث قامت /قطر للطاقة/ بالتوقيع مع مجموعة من الشركات الألمانية.. وهي علاقة تزويد بالطاقة كعلاقاتنا مع كافة الدول الأخرى.. ونتطلع لتعزيز التعاون في هذا المجال، وعلى المستوى الحكومي تعزيز الحوار حول التعاون في مجال الطاقة بشكل عام والتعاون في مجال سياسات تحول الطاقة.. مسألة تحول الطاقة والأجندة الخضراء التي تمثل اليوم أولوية لدول الاتحاد الأوروبي، هي أولوية عالمية، ولكن قد تختلف المعايير من دولة إلى أخرى.. هناك مجال للتعاون وبناء القدرات لدى كافة الدول، بحيث يكون هناك تحول آمن للطاقة وفق الأطر المتفق عليها، بما يحقق مصلحتنا على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي كما يحقق المصالح الوطنية والدولية لدول الاتحاد الأوروبي".
من جهتها، نوهت سعادة السيدة أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية بجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالعلاقات الثنائية المتينة بين بلادها ودولة قطر، مشيرة إلى أن البلدين قررا تكثيف تعاونهما المشترك في إطار حوار استراتيجي جديد.
وأوضحت سعادتها أن المباحثات مع معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تناولت قضايا شتى سياسية واقتصادية والسلام والاستقرار والحرب الروسية الأوكرانية، لافتة إلى أن ما يجمع بين قطر وألمانيا الكثير من النقاط، منها القلق بشأن الاستقرار في الشرق الأوسط وليس في أوروبا فقط، بجانب ما يجري في السودان وسوريا واليمن.
وذكرت سعادة الوزيرة أن الدوحة وبرلين ستتعاونان لتأمين إمدادات الطاقة، مضيفة "البلدان حريصان على أن تسود هذه الشراكة الاقتصادية"، كما دعت إلى توسيع التعاون العالمي في قطاع الطاقة المتجددة.
وفي جانب آخر من حديثها خلال المؤتمر الصحفي، أعربت سعادة وزيرة الخارجية بجمهورية ألمانيا الاتحادية، عن شكرها لدولة قطر لدعمها عملية الإجلاء من أفغانستان، مثمنة في سياق متصل التقدم الكبير والواضح الذي أحرزته دولة قطر في مجال حقوق الإنسان، مشددة على أن قطر تعتبر قدوة للدول الأخرى في هذا المجال، خاصة في ظل تعاونها الوثيق مع منظمة العمل الدولية في هذا الخصوص.
وقالت سعادة السيدة أنالينا بيربوك "إن الإصلاحات لا تأتي فجأة.. فالتوجيه السياسي مهم بهذا الصدد، وهذا ما نلمسه نحن في ألمانيا وأوروبا"، موضحة أن تحسين أوضاع حقوق الإنسان موضوع يستفيد منه جميع العمال.
ولفتت سعادتها، في جانب ذي صلة، إلى أن بلادها تقوم بإصلاحات لقانون الهجرة، وبالتالي هي في حاجة لأشخاص وعقول تساعدها في مجالي الرعاية والاتصالات وغيرهما، مبينة أن كل ذلك لن يتحقق إلا عبر توفير ظروف عمل جذابة.
كما بينت أن ألمانيا تسعى لتنظيم وتعزيز العلاقات الأوروبية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مبرزة أن زيارتها الحالية للمنطقة تؤكد ذلك، مثلما أشارت إلى حاجة بلادها إلى استثمارات أجنبية جديدة تقوم على قواعد نزيهة، وفي إطار دولة القانون وقواعد منظمة التجارة العالمية وقوانين الأمم المتحدة، بما يجعلها وثيقة ومستدامة.

Advertisements

 

أخبار متعلقة :