الدوحة - سيف الحموري - د. سلطان بن عوض دريع
جاء الدين ليقيم العدل والمساواة بين الناس، ويتمثل ذلك بمشاورة أهل الحل والعقد، فإن ولي أمر المسلمين إذا لم يقم باستشارة أهل الخبرة لا تقوم له قائمة ولا يستقيم له أمر، وفي الشورى استطابة لقلوب الناس وقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يستشير صحابته في الأمور كلها، خاصة في الحروب ويأخذ برأي بعضهم إن رآه يصلح، فها هو يأخذ برأي سلمان الفارسي رضي الله عنه في حفر الخندق في غزوة الأحزاب، وأخذ برأي أم سلمة رضي الله عنها في ذبح الهدي والاستحلال من الإحرام، وهكذا الخلفاء الراشدون من بعده فهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال الزُّهريُّ لغلمان أحداث: لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإِنَّ عمر كان إِذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان، فاستشارهم يبتغي حدَّة عقولهم، وقال ابن سيرين: إِن كان عمر ليستشير في الأمر حتَّى إِن كان ليستشير المرأة، فربما أبصر في قولها الشَّيء يستحسنه، فيأخذه، وقد ثبت أنَّه استشار مرة أمَّ المؤمنين حفصة رضي الله عنها. وقد كان لعمر رضي الله عنه خاصَّةٌ مِنْ عِلْيَة الصَّحابة، وذوي الرأي، منهم: العبَّاس بن عبد المطلب، وابنه عبد الله، وعثمان بن عفَّان، ونظراؤهم، فكان يستشيرهم، ويرجع إِلى رأيهم، وكان المستشارون يبدون آراءهم بحريَّةٍ تامَّة، وصراحةٍ كاملةٍ، وبالشورى يقوم العدل، وإقامة العدل في المجتمعات ضرورة فهو الحارس للعقيدة والمال والنفس والعرض، والعدل خصب البلاد وأمن العباد، به قامت السماوات والأرض، فإلى العدل يأوي الضعفاء، ويلوذ إليه الفقراء، وفي العدل إنصاف للمظلوم، ورزق للمحروم، وبالعدل يجتمع الشمل، وتتحد الكلمة وتدوم الرابطة، وتقوى الأواصر بين الناس، فالعدل ملاك الأمر كلّه، وجماع الخير ورأس الفضيلة، وعليه تتوقف سعادة وطمأنينة المجتمع، وبه يأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه، فإذا ما أمن الناس وسعد المجتمع بالعدل، عمل الفرد فيه بحرية ونشاط فيزداد الإنتاج ويستقر حال البلاد ويسعد الأفراد والعباد. فاستجابة لله تعالى وتطبيقًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.