«خلك واعي».. الإنسان في قلب المعادلة الرقمية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 23 يونيو 2024 01:10 صباحاً - بالنسبة لسائح يطأ أرض دبي للمرة الأولى، أو لمقيم يعيش تجربة دبي بلحظاتها وتفاصيلها، أو حتى لمواطن تملؤه مشاعر الاعتزاز بمدينته التي أضحت حلماً للملايين، ثمة شيء مشترك: نظرة الإعجاب بما تحقق من إنجازات انعكست على حياة الناس وسعادتهم.

Advertisements

هذه الصورة المبهرة لم تكن وليدة لحظتها الآنية، وإنما خلاصة مسار طويل من العمل لإنجاز معادلة رقمية مجتمعية أصبحت بمرور الوقت نموذجاً ومعياراً قائماً بذاته. وفي هذه المعادلة الرقمية، ثمة بنية تحتية تؤسس، وبنية تشريعية تنظم، وهيكلية حكومية تقود. وماذا بعد؟ هنالك عنصر مركزي يمثل جوهر هذه المعادلة، إنه الإنسان؛ باعتباره محرك هذه المعادلة وباعتباره غايتها وهدفها النهائي أيضاً.

إن الدرس الأبرز الذي يمكن استخلاصه من هذه المسيرة هو أن التكنولوجيا بلا إنسان واعٍ لا تصنع منجزاً حقيقياً. التكنولوجيا ضرورية، لكنها لا تكفي لصنع التغيير المنشود.

من هنا جاء اهتمام حكومة دبي عموماً، ودبي الرقمية بوجه خاص، بالمواكبة التثقيفية للتطور الرقمي من خلال مبادرات عدة تأتي على رأسها مبادرة «خلك واعي» التي حظيت باهتمام القمة العالمية حول مجتمع المعلومات 2024، والتي قدرت هذه المبادرة وصنفتها ضمن الأفضل عالمياً ضمن المبادرات الإعلامية، كنهج مبتكر اتبعته دبي الرقمية في أن تواكب توعية المجتمع التطور التكنولوجي المتسارع وما ينتج عن ذلك من جوانب قد تؤثر على الأمن الإلكتروني للفرد والأسرة والمجتمع، حيث إن الوعي الذاتي هو دائماً خط الدفاع الأول.

منطلقات المبادرة

وتنطلق «خلك واعي» من اعتبارات عدة في مقدمتها المسؤولية المجتمعية لدبي الرقمية، حيث يقول طارق الجناحي المدير التنفيذي لقطاع التمكين المؤسسي بهيئة دبي الرقمية: «إن التحول الرقمي في جوهره هو تغيير شامل يطال الوعي والممارسات مثلما يطال أساليب العمل والإدارة والتقنيات، وبالتالي فإن إدارة التغيير تتطلب رؤية استراتيجية شمولية تتضمن الوصول إلى كل أفراد المجتمع لنشر المفاهيم الجديدة بأسلوب شيق يتلاءم مع مختلف الأجيال والشرائح المجتمعية».

وقد ركزت المبادرة، التي انطلقت في نهاية 2021، على التوعية البصرية بجودة عالية ومستوى احترافي والأسلوب الدرامي المحمل بالمضامين والمعاني الإيجابية، مع استخدام لغة سهلة ومباشرة، الأمر الذي أدى إلى اتساع دائرة قبولها وانتشارها بين المجتمع، حيث ارتفع عدد مشاهدات الفيديوهات من 2.2 مليون في العام 2022 إلى 7.7 ملايين في 2023، ولا تزال الأرقام في ارتفاع.

تفاعل مع الجمهور

كما اعتمدت المبادرة على نهج التفاعل مع الجمهور، بحيث تم نشر الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي مع فتح باب التفاعل والتعليق لإتاحة المجال لأكبر عدد من الجمهور للتواصل مع دبي الرقمية بشأن مواضيع التوعية المطروحة في الفيديوهات.

وحول الأسلوب التشويقي الذي اعتمدته المبادرة، قال الجناحي: «يشهد المحتوى الرقمي طوفاناً هائلاً من المعلومات المتدفقة، يتعين اتباع نهج ابتكاري للنفاذ إلى عقول وقلوب المتعاملين. وليس هنالك أفضل من السرد القصصي الواقعي لتحقيق هذا الهدف، حيث تقوم الفيديوهات على عرض مشاهد تمثيلية تسلط الضوء على نماذج من السلوكيات التي يتعين اتباعها في مواقف معينة، مع وجود عنصر الدعابة والفكاهة في معظم تلك الفيديوهات بما يتمشى مع متطلبات المتابع بقنوات التواصل الاجتماعي».

وبهذه المواصفات مثلت «خلك واعي» أسلوباً جديداً في التواصل الحكومي مع المجتمع، ونجحت في إيصال رسائل التوعية على نطاق واسع، ونجحت المبادرة في كسر جمود الرسائل الإعلامية التقليدية، حيث تم إنتاج 33 فيديو حتى نهاية عام 2023 ضمن خطة سنوية مدعومة بالرصد والتحليل والتطوير المستمر.

وفي إطار سياستها التشاركية، عملت دبي الرقمية خلال الفترة الماضية مع عدد من الشركاء الذين تم التعاون معهم في إنتاج فيديوهات مشتركة بهدف تنويع المواضيع المطروحة وتحقيق عائد معرفي وتوعية أكبر، وقدم الجناحي شكره لشركاء النجاح في المبادرة وخص بالذكر خدمة الأمين وشرطة دبي ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري ومجلس دبي الرياضي وشركة سالك.

جهود ذاتية

ومما يميز المبادرة أنها خلاصة جهود ذاتية لفريق الإعلام في دبي الرقمية، حيث تم إنتاج الفيديوهات داخلياً ابتداءً من طرح الأفكار ومناقشتها وبلورة السيناريوهات ومن ثم إنتاجها بدعم من بعض النجوم مثل الفنان أحمد عبد الرزاق والإعلامي عبدالله إسماعيل والإعلامية ديالا علي واعتماداً على متطوعين من فريق عمل دبي الرقمية تم تأهيلهم، سواء في التمثيل أم الإخراج أم المونتاج وغير ذلك من مستلزمات المبادرة.

وبحصول مبادرة «خلك واعي» على هذا التقدير المرموق من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، فإن هذه المبادرة أصبحت مثالاً على الاستراتيجيات الإعلامية غير التقليدية، بينما تخلق صدى يعزز المكانة الرائدة لدبي بوصفها المدينة التي تلهم العالم بتجارب متميزة في كل المجالات.

ومشيداً بالنجاح الذي حققته المبادرة، أضاف الجناحي قائلاً: «لقد أصبحت دبي نموذجاً عالمياً للمدينة الذكية، وفي نظرنا فإن المدينة الذكية تعني إنساناً ذكياً قبل أن تعني منظومة ذكية. والإنسان الذكي هو بالضرورة إنسان واعٍ، يدرك المخاطر والفرص، ويعي أهمية دوره في المعادلة الشاملة للتحول الرقمي».

تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز

أخبار متعلقة :