«الاقتصاد الدائري».. يستثمر الفرص ويوظف الابتكارات

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 24 أبريل 2023 01:09 صباحاً - حققت دبي تطورات متسارعة للتحول نحو نموذج الاقتصاد الدائري، من خلال إطلاق مجموعة من السياسات والمبادرات، والاستراتيجيات واستثمار الفرص، وتوظيف الابتكارات والتقنيات الحديثة في إيجاد حلول ومنتجات مستدامة، تدفع عجلة الاقتصاد على طريق تحقيق أجندتها الاقتصادية 33D.

Advertisements

وقال خبراء في الاقتصاد الدائري والاستدامة: إن دبي تقود الاتجاه نحو الاقتصاد الدائري على مستوى المنطقة، وتحقق سمعة وريادة تنافسية على مستوى العالم، الأمر الذي يسهم في تسريع الخطى نحو تحقيق أجندتها الاق

وأضاف الخبراء: إن التحول إلى نموذج الاقتصاد الدائري ينطوي على مجموعة من الفوائد، التي تتمثل في توفير مصادر إيرادات جديدة، من خلال نماذج أعمال جديدة وتحسين كفاءة الموارد وفاعليتها، وتعزيز الابتكار في المنتجات والخدمات، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي في سلاسل الدعم، بخفض التكاليف وتقليل المخاطر والارتقاء بسمعة وقيمة الأسماء التجارية، وتقليل استهلاك الطاقة والمرافق وتعزيز علاقات المتعاملين.

وتشير أرقام شركة الاستشارات «أكسنتشر» (Accenture) إلى أن التحول إلى نموذج الاقتصاد الدائري عالمياً يمكن أن يمثل سوقاً بقيمة 4.5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، ويقدر مكتب العمل الدولي أن الانتقال إلى اقتصاد دائري يمكن أن يخلق 6 ملايين وظيفة في جميع أنحاء العالم.

إعادة التدوير

وقال الدكتور عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات: إن دولة الإمارات تتبنى سياسات ومبادرات مبتكرة لتفعيل الاقتصاد الدائري على أراضيها، وهناك التزام قوي للقيادة الإماراتية ودور فاعل في السنوات الأخيرة في السعي الجاد نحو الانتقال من اقتصاد خطي إلى اقتصاد دائري بحلول عام 2050، الأمر الذي تجسد بإطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري.

وأضاف: إنه تماشياً مع المبادرات الرامية لتعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري لعب الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات دوراً أساسياً في تأسيس جمعية التغليف المستدام، لتكون أول منصة من نوعها في الدولة لتمثيل اللاعبين في قطاع التغليف والتعاون في ما بينهم لتحقيق اقتصاد دائري لا سيما في قطاع منتجات التغليف البلاستيكي.

وأوضح أن صناعة البتروكيماويات تدعم الاقتصاد الدائري، من خلال تطوير تقنيات إعادة التدوير والطاقة المتجددة، فمثلاً، تستثمر الشركات مثل بروج، وهي شركة رائدة في قطاع البتروكيماويات في الإمارات في التقنيات، التي تمكن من إعادة تدوير نفايات البلاستيك إلى منتجات جديدة. وبالإضافة إلى ذلك تعمل الصناعة على تقليل النفايات والانبعاثات في عملياتها، من خلال تنفيذ عمليات تصنيع أكثر كفاءة، وتقليل استهلاك الطاقة، وتحسين استخدام الموارد.

وقال: إن الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات يدعم ضرورة التعاون البناء والتنسيق بين جميع الأطراف المعيين، ويرى الاتحاد أن التغيير لا يمكن أن يتم بمعزل عن الآخرين.

وقال السعدون: إنه لتطوير هذا النموذج في الإمارات لا بد من تهيئة بيئة مواتية، واعتماد لوائح تنظيمية مناسبة، إلى جانب وضع استراتيجيات فعالة لإدارة النفايات وتطوير البنية التحتية اللازمة، وإنشاء وتنظيم سوق للمواد الخام الثانوية، بحيث يكون على القدر نفسه من الأهمية لتشجيع تطوير قطاع إعادة التدوير، وتحفيز المصالح التجارية والاقتصادية.

 

خفض الانبعاثات

وقالت مريم المنصوري، المدير العام لشركة «ريباوند» لتداول البلاستيك المعاد تدويره: إن التوظيف الأمثل لنموذج الاقتصاد الدائري وتطبيقاته يسهم في دعم الجهود الرامية لتحقيق تطلعات وأهداف أجندة دبي الاقتصادية (D33)، وذلك عبر سياسات إعادة الاستخدام والتصنيع ودمج الابتكارات المتقدمة لتقليل النفايات، من خلال تبني مبادئ الاستهلاك والإنتاج المستدامين، ويسهم هذا التوجه في تقليل الهدر والاستخدام الأمثل للموارد وخفض انبعاثات الكربون، وتوفير وظائف وفرص عمل جديدة.

وأضافت: إن الاقتصاد الدائري يعد نهجاً متجدداً للإنتاج والاستهلاك، ويرتكز على رؤية مستدامة يتم في إطارها الحفاظ على المنتجات والمواد، بما يضمن جودتها بأعلى مستويات القيمة، بالإضافة إلى تحسين كفاءة استهلاك الموارد الطبيعية وتقليل الهدر، مشيرة إلى أنه يتم تحقيق مستهدفات هذا الاقتصاد، عبر تبني مجموعة من السياسات والاستراتيجيات وتنمية تطبيقات الاقتصاد الدائري، ومن ضمنها تصميم المنتجات على نحو مستدام وقابل لإعادة التدوير، واعتماد أنظمة «الحلقة المغلقة»، وتعزيز نماذج الاستهلاك التعاوني والتشاركي.

وأضافت: إن دولة الإمارات عززت مكانتها العالمية الرائدة في منظومة الاقتصاد الدائري، عبر إطلاق مجموعة من السياسات والمبادرات والبرامج تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، ومن ضمنها المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050. كما أعلنت دبي عن العديد من المبادرات المستدامة، مثل «يوم لدبي» و«دبي تبادر»، وفي هذا الإطار تم إطلاق منصة Rebound Plastic Exchange (RPX)، المنصة الرقمية لتداول البلاستيك المعاد تدويره، والتي تهدف إلى إحداث تحول حقيقي على مستوى قطاع إعادة تدوير البلاستيك في دولة الإمارات.

وقالت: إن حجم سوق البلاستيك حول العالم سيصل إلى نحو 45.6 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2025، وبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة «S&P Global Platts Analysts» عام 2021، من المتوقع أن تحل المواد البلاستيكية المعاد تدويرها ميكانيكياً محل أكثر من 1.7 مليون طن من المواد الأولية للبوليمر البكر، بحلول عام 2030، مقارنة بـ 688 ألف طن فقط، خلال العام 2020.

 

دعم القطاع الخاص

وقال عمر الشناوي، الرئيس التنفيذي لدى «بروكتر آند جامبل» في منطقة الشرق الأوسط ورئيس أعمال المبيعات في الأسواق العالمية الرائدة: إن دبي أسهمت على نحو فاعل في دفع عجلة الاقتصاد الدائري وتطوير البنية التحتية اللازمة، ووضع السياسات الرامية لتبني هذا النموذج الرائد، وتسعى للوفاء بالتزاماتها ذات الصلة بتحسين المنظومة البيئية، ودعم القطاع الخاص في مسيرته الاستشرافية لتبني استراتيجيات الإنتاج النظيفة، وتحقيق رؤية الإمارات في أن تكون مركزاً عالمياً للاقتصاد الدائري.

وأضاف: إن «بروكتر آند جامبل» تعتبر عضواً مؤسساً في تحالف «CIRCLE» للابتكار في إعادة التدوير نحو اقتصاد دائري بدولة الإمارات، وتتمثل مهمة هذا التحالف في دعم رؤية دولة الإمارات المتمثلة في الوصول بمعدل النفايات، التي يتم معالجتها خارج المكبات إلى 75%، ودعم المسار التحولي للانتقال إلى الاقتصاد الدائري، بالإضافة إلى دعم الجهود الرامية لتنفيذ سياسة الاقتصاد الدائري بدولة الإمارات.

وقال: إن الاقتصاد الدائري يمنحنا الحلول والأدوات اللازمة، لمواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي، ويسهم في الارتقاء بمستويات الرفاهية وتوفير المزيد من الوظائف وتعزيز قدرات المرونة، كما يتميز هذا النموذج بالتركيز على عمليات الإنتاج مع تسليط الضوء على أهم الطرق والممارسات، التي يمكن اعتمادها لإعادة استخدام المكونات وتصليحها وتدويرها، ما يسهم بالتالي في التشجيع على اتباع نهج التصنيع والاستهلاك المستدامين، الأمر الذي يؤدي إلى الاستخدام الفعال للموارد، وتحسين كفاءة الاستهلاك، وخفض النفقات طويلة الأجل.

وأضاف: إن المشهد العالمي يواجه العديد من التحديات، التي تحول دون تسريع مسار الاقتصاد الدائري للدول والشركات والأفراد، وتشمل هذه التحديات مختلف المجالات التنظيمية والمالية والهيكلية والتشغيلية والتكنولوجية، إلا أن المنظمات والتحالفات التعاونية مثل مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري وتحالف «CIRCLE» تمتلك القدرات اللازمة، للمساهمة على نحو حيوي في تطوير نموذج الاقتصاد الدائري.

 

تطور بيئة الأعمال

قال محمد كرم، المدير العام الإقليمي لشركة إنسينكراتور العالمية: إن تطبيق الاقتصاد الدائري في دبي ينطوي على فرص واسعة ومتغيرات إيجابية كبيرة يمكن أن تنعكس على تطور بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والتكنولوجيا الجديدة وتوليد الفرص، وبما يصب في تعزيز التنافسية والنمو الاقتصادي المستدام، الأمر الذي يسهم في تسريع الخطى نحو تحقيق أجندة دبي الاقتصادية 2033، التي تستهدف زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من متوسط 32 مليار درهم سنوياً في العقد الماضي إلى متوسط 60 مليار درهم سنوياً حتى 2033، بإجمالي 650 مليار درهم خلال السنوات العشر المقبلة.

وأضاف: إن حجم الوفورات التي يمكن أن يقدمها الاقتصاد الدائري لكل مدينة يعتمد حسب الاستراتيجيات المستخدمة، وكذلك السياق العام لأهداف المدينة، مشيراً إلى أن دبي كانت من أوائل المدن، التي تبنت فكرة الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر، وكان من أهم مبادراتها، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2012 والتي تهدف إلى توفير نحو 100 مليار درهم، خلال الفترة ما بين 2020 إلى 2030.

وقال: إن الاستدامة والاقتصاد الدائري هي إحدى أهم وسائل وأهداف الطريق لأجندة دبي الاقتصادية (D33)، التي تستهدف تعزيز مكانة الإمارة على خريطة المال والأعمال العالمية، مشيراً إلى أن هناك أهدافاً ومحاور كثيرة، ضمن أجندة دبي تتبني مبادئ الاقتصاد الدائري مثل تخفيض وإعادة تدوير نحو 75% من النفايات، وتحويل نحو 50% من الطاقة المستخدمة إلى طاقة نظيفة أو طاقة متجدده من مصادر طبيعية، وأتمتة الصناعة واستخدام أحدث التقنيات في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وإنشاء وتطوير بنية تحتيه تقدم أفضل و أحدث الوسائل في مجال النقل والخدمات، واعتماد نموذج المدن الذكية، وكثير من المبادرات الأخرى في هذا المجال.

وأضاف: إن النجاحات التي حققتها دبي في هذا المجال تعتبر مثالاً يحتذى في العديد من دول المنطقة والعالم.

 

نموذج متجدد

وقالت بريا سارما رئيسة مجلس إدارة جمعية التغليف المستدام ومدير قطاع الاستدامة في «يونيلفر» الشرق الأوسط: إن أجندة دبي الاقتصادية D33 تهدف إلى مضاعفة حجم اقتصاد دبي في العقد المقبل وإن التحول إلى نموذج الاقتصاد الدائري يسهم في تحقيق مستهدفات هذه الأجندة.

وأضافت: إن الاقتصاد الدائري يوفر فرصاً اقتصادية تصل قيمتها إلى 4.5 تريليونات دولار، من خلال تقليل الهدر وتحفيز الابتكار وخلق فرص العمل، وعلى المستوى المحلي داخل الإمارات، وفقاً لدراسة أجرتها جمعية التغليف المستدام، تُقدر القيمة الاقتصادية لإعادة تدوير نفايات التغليف بـ800 مليون درهم إماراتي سنوياً، بناء على السعر العالمي لراتنج ما بعد الاستهلاك.

وأضافت: إن التعبئة والتغليف الدائري والمستدام سيعزز التنمية الاقتصادية في دبي والإمارات من خلال الابتكار، وإنشاء صناعات جديدة وتوليد فرص عمل، مشيرة إلى أن تنفيذ نموذج الاقتصاد الدائري ينطوي على تطبيق نهج للتنمية الاقتصادية، مصمم لفائدة الشركات والمجتمع والبيئة، ومقارنة بالنموذج الخطي «استخراج- تصنيع- إهدار»، فإن نموذج الاقتصاد الدائري هو نموذج متجدد بشكل أساسي، ويهدف إلى فصل النمو تدريجياً عن استهلاك الموارد المحدودة والمساهمة بخفض استخدام المواد، وتبنى نهج إعادة تصميم المنتجات والخدمات، بحيث تكون أقل استخداماً للموارد الناضبة.

أما عن أهم التحديات التي تواجه تبني نموذج الاقتصاد الدائري فقالت سارما: إن التحديات تكمن في تعزيز «السلوك الدائري» بشكل فعال، وذلك من خلال إعادة تصميم سلاسل القيمة، وتوفير البنية التحتية اللازمة، مشيرة إلى أنه وفقاً لدراسة أجرتها جمعية التغليف المستدام تقدر القيمة الاقتصادية لإعادة تدوير نفايات التغليف داخل الإمارات بـ 800 مليون درهم سنوياً.

وأضافت: يبلغ إجمالي النفايات المنتجة في دولة الإمارات نحو 38-40 مليون طن متري، وهي في الأساس من النفايات الصناعية والتجارية، وعلى الرغم من ذلك فإن نحو 6.5 ملايين طن متري من النفايات البلدية الصلبة، بما في ذلك 1.1 مليون طن متري من النفايات البلاستيكية، أي ما يعادل 16% من الإنتاج الإجمالي، يتم طمرها، بينما يتم إعادة تدوير فقط 7% منها، ويتم تصدير النسبة المتبقية بنسبة 3% فقط.

تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز

أخبار متعلقة :