ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 2 نوفمبر 2023 11:58 مساءً - يدس قراصنة الإنترنت أكواداً برمجية ضارة في برامج المدفوعات العالمية لتنتشر بسرعة في عشرات الآلاف من شبكات شركاء البنوك، وفي جميع أنحاء القطاع المالي. ويفتح ذلك باباً خلفياً للمهاجمين لسرقة أموال العملاء، وتعطيل المقاصة، وحتى الإقراض بين البنوك. ويستغرق إصلاح كل هذه الاختراقات شهوراً، ويهز الثقة في النظام، ما يرفع تكاليف الأعمال في ظل تشديد اللوائح.
مثل هذه الهجمات يمكن أن يتسبب في خسائر بـ3.5 تريليونات دولار بالاقتصاد العالمي، وفقاً لنموذج وضعه مركز كامبريدج لدراسات مخاطر سوق لويدز التأمين في لندن، وصدر في أكتوبر من العام الجاري.
آنذاك، قال رئيس السوق بروس كارنيجي براون، «هذا خطر كبير للغاية بحيث لا يمكن لقطاع واحد أن يواجهه بمفرده». ويعكس هذا الرأي إجماع قطاع التأمين على واحد من التهديدات الرئيسة اليوم: إن هجوماً إلكترونياً منظماً قد يكون من الضخامة والانتشار إلى حد لا يمكن توفير تغطية تأمينية له. بعبارة أخرى، هناك حاجة إلى المساعدة لإدارته.
ويرى البعض في هذا القطاع أن أسوأ السيناريوهات سيكون مروعاً ومدمراً، بالنظر إلى أنظمة الحماية الموجودة في كل شبكة. وقال جوشوا موتا، الرئيس التنفيذي لشركة «كواليشن» للتأمين الإلكتروني ومقرها سان فرانسيسكو، وهو محلل سابق بوكالة المخابرات المركزية، إن سيناريو لويدز «لا يأخذ في الاعتبار بشكل كامل تعقيدات عمليات شبكات الكمبيوتر واستغلالها، ولا الضمانات القوية وآليات التعافي المتأصلة في الأنظمة المالية الحديثة لمنع تداعيات اقتصادي واسعة النطاق».
ومن الواضح أن صناعة التأمين تلتزم أقصى درجات الحيطة عندما يتعلق الأمر بالمخاطر السيبرانية، فقد وضعت الشركات استثناءات أكثر صرامة على السياسات القياسية للتأمين ضد الهجمات السيبرانية الكبيرة المدعومة من الدول، ما يعني أن مثل هذه الأحداث لن تكون مغطاة، وهو ما يثير قلق بعض العملاء التجاريين الكبار. في الوقت نفسه، سعت شركات التأمين على الممتلكات إلى استبعاد التغطية السيبرانية صراحة من سياساتها التي تغطي الأعمال التجارية.
وتتفق الغالبية على أن قطاع التأمين الذي حصل على نحو 12 مليار دولار من أقساط التأمين في العام الماضي، وفقاً لأرقام وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، ليس كبيراً بما يكفي لتغطية أي هجوم إلكتروني منظم. بالتالي فالمناقشات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأماكن أخرى تدور حول إمكانية تدخل الحكومات لتوفير الدعم لسوق متوتر.
وقبل ثلاثين عاماً، كانت صناعة التأمين في المملكة المتحدة تواجه صعوبة في استيعاب خطر رئيس آخر، يهدد الحياة والأطراف، فضلاً عن الأعمال التجارية. فقد كانت حملة التفجيرات التي شنها الجيش الجمهوري الإيرلندي، بالتزامن مع تراجع شركات إعادة التأمين بسبب خسائرها في موسم الأعاصير الأمريكية، سبباً في فشل السوق في التأمين ضد الإرهاب، حيث امتنعت الشركات عن تقديم التغطية.
ورداً على ذلك، اجتمعت الصناعة والحكومة معاً لإنشاء برنامج «بول ري»، لإعادة التأمين ضد الإرهاب مدعوماً بضمانات من الدول. بهذا، عادت شركات التأمين إلى سوق التأمين ضد الإرهاب، ودفع البرنامج ما يزيد على 1.25 مليار جنيه استرليني من المطالبات، معدلة حسب التضخم، على مدى عمر البرنامج، دون الحاجة إلى الاستعانة بالضمانات.
وخلال الأسبوع الماضي، احتفلت «بول ري» بمرور 30 عاماً على تأسيسها مع كبار الشخصيات في الصناعة في الملاجئ المحصنة لغرف تشرشل الحربية. ويدور النقاش الحالي حول ما إذا كان ينبغي على موظفي وزارة الخزانة فوق سطح الأرض في الموقع نفسه مباشرة، منح «بول ري» وظيفة جديدة لعقدها الرابع، وتوسيع نطاقها لتقاسم خسائر شركات التأمين في حالة وقوع هجوم سيبراني منظم.
المشكلة التي يواجهها المسؤولون التنفيذيون وخبراء المخاطر على ضفتي الأطلسي الذين يجادلون من أجل دعم الدولة في الفضاء السيبراني، هي، وإلى حد ما، تتعلق بالضمانات الداعمة الأخرى التي طالبوا بها في السنوات الأخيرة بخصوص إعادة التأمين ضد الجائحة وإعادة التأمين ضد الكوارث التي تصيب العقارات.
وهناك جدال حول ما إذا كان من العدل وضع أي مخاطر محتملة كبرى جديدة على الميزانيات العامة، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي هذه المخاطر. وقال فريديريك دي كورتوا، نائب الرئيس التنفيذي لشركة أكسا، إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضد المخاطر السيبرانية أمر «لازم وضروري»، بالنظر إلى أن الشركات الكبرى فقط التي استثمرت أيضاً في الوقاية، هي التي يعتقد أنه يمكن اعتبارها مؤمنة بشكل مناسب.
وقال دي كورتوا«نحن مقتنعون بأنه يمكن أن يكون لدينا مخاطر بمطالبات مالية نتيجة تهديد سيبراني عالمي منظم». وأشار إلى أن عدم حدوث مثل هذا الهجوم«ربما يمنع» صناع السياسات من إنشاء هيكل مشترك بين القطاعين العام والخاص. والمشكلة هي أننا كشركات تأمين نعتقد أن هجوماً منظماً يمكن أن يحدث، لذلك نحن خائفون من توفير التغطية التأمينية.
وفي حفل عشاء «بول ري»، تذكر زعماء اليوم فشل السوق الذي كان شرطاً ضرورياً لميلادها. وبالنسبة للسوق السيبرانية التي استعادت بعض الاستقرار بعد صدمة برامج الفدية، هناك قلق مستمر من أن العقول لن تركز على المخاطر السيبرانية المنظمة إلا بعد وقوعها.
تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز
أخبار متعلقة :