صناعة الفقاعات.. ماذا بعد الذكاء الاصطناعي؟

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 22 يناير 2025 07:57 مساءً - تتبع السياسة الاقتصادية الأمريكية منحنى معروفاً في الاستفادة القصوى من الاستثمارات في المجالات المتعددة، وهو منحنى الشغف وصناعة الترند، حيث تكثف الدعايات بشكل مستمر ناحية شيء ما حتى ينقض الجميع على الاستثمار فيه وشراء الأسهم والمراهنة بالذهب على ذلك الشيء، فيصعد المنحنى لقمته ويستمر على القمة قليلاً، وفي تلك الفترة تتوقف الدعايات، ويخرج القائمون على الفقاعات الدعائية قبل بدء مرحلة الانهيار، فيتخارجوا من الأمر في قمة الربح، ويتركون الباقين مع المنحنى الهابط يعانون من خسارة أموالهم التي ضاربوا بها.

Advertisements

وفي تقرير لـ«تليغراف موني»، اعتبرت الصحيفة أن صعود قيمة أسهم التكنولوجيا في أمريكا بشكل غير مسبوق ينبئ بقرب انهيار الفقاعة بعد أن وصل منحنى الصعود لقمته، ووصل لمرحلة الاستقرار التي دائماً ما يتبعها الهبوط، الذي تمنت الصحيفة ألا يكون هبوطاً حاداً، وهو الأمر الذي يتعارض في الوقت الحالي، مع الوعود التي أعطاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمزيد من ضخ الاستثمارات في مجال التكنولوجيا، وهو ما قد يؤجل توقعات التليغراف بذلك الهبوط.

وتصعد الولايات المتحدة الأمريكية بين حين وآخر بتكنولوجيا ما وتدعم دعاياتها في كل مكان، مثلما فعلت مع «الميتافيرس» في السابق، وقبل ذلك الهواتف الذكية وسباق الميغا بيكسل في كاميرات الهواتف الذكية الذي راحت ضحيته شركة نوكيا في وقت من الأوقات بعدما استثمرت في وقت انتهاء الفقاعة فهبطت أسهمها، وحالياً نحن في مرحلة الذكاء الاصطناعي، الذي أصبحت حتى أجهزة المايكروويف تحمل شعاره كنوع من أنواع ركوب الترند، للربح من خلف الكلمة التي أصبحت علامة تجارية ومسوغ للنجاح.

قدرات الذكاء الاصطناعي

ورغم قدرات الذكاء الاصطناعي، وأهمية التطوير فيه، ولكن المبالغة في الدعاية، واستخدام الكلمة ورسم صور تخيلية لمستقبل غير واقعي لقدرات الذكاء الاصطناعي، هو الخطر الاقتصادي وليس الذكاء الاصطناعي نفسه، فموجة هبوط فقاعة استخدام الذكاء الاصطناعي ربما تكون قد بدأت بتصريحات سام التمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» المالكة لبرنامج «شات جي بي تي»، وسام يعد من ألمع المبرمجين والمطورين لتكنولوجيا «Large Language Model» المعروفة اختصاراً بـ«LLM» وهي اللغة المستخدمة في تطوير برامج الذكاء الاصطناعي، وسام التمان شكك في قدرات الذكاء الاصطناعي، معتبراً أن الناس أعطته أكبر من حجمه الطبيعي، ومؤكداً ما يتخيله الناس من قدرات للذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، ليس بحقيقي، فهو قد يكون مساعداً للإنسان في بعض الأمور، إلا أنه لن يكون بديلاً للإنسان، ولن يحل كل معضلات الكون، كما يتخيل البعض.

وتعد تصريحات سام ألتمان إعادة للإنسان إلى أرض الواقع، بعدما بدأت العديد من التخيلات في رسم عوالم تخيلية ومستقبل من الخيال العلمي منسوج حول الذكاء الاصطناعي وقدراته التي لا يقدر عليها في الحقيقة.

«ترند» الكمبيوتر الكمي

وقبل أيام من تصريحات ألتمان كانت هناك تصريحات مشابهة للأمريكي جنسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا حول الكمبيوتر الكمي، وقدراته التخيلية التي بالغ البعض في وصفها لأسباب دعائية واستثمارية، مؤكداً أن الكمبيوتر الكمي ليصل إلى القدرات المأمولة فالأمر يحتاج لأكثر من 20 عام على الأقل، وأيضاً لن يصل لسقف توقعات الناس في فك شفرات العملات الرقمية ومثل هذه الأمور التي ادعى البعض قدرته على القيام بها.

وقبل سنوات قليلة رسم مارك زوكربرغ مالك مجموعة ميتا «فيسبوك وإنستغرام وواتس آب» عالماً أسماه الـ«ميتافيرس» معطياً توقعات وتخيلات لذلك العالم أعطت صورة بأنه المستقبل، ليبدأ المستثمرون في ضخ الأموال والمساهمون في شراء الأسهم، لتصعد قيمة الميتافيرس لعنان السماء، قبل أن تهبط للأرض بعد فترة، عندما اكتشف الكثيرون أن الأمر مجرد فقاعة مليئة بالهواء.

والأمر ذاته ربما ينطبق على البتكوين وعملة ترامب وعملة إيلون ماسك، ومن قبلهم الـNFT، وكلها أمور تتصاعد الدعاية حولها لجذب رؤوس الأموال، ثم عند مرحلة معينة تبدأ الحقيقة في التكشف فينهار الترند، بعدما يربح صانعوه، ويخسر من لم يستطع القفز من المنحنى عند قمته.

ووفقاً لمنحنى الصعود الذي هو حالياً في أعلى مستوى، وبعد تصريحات سام ألتمان، فهل سيبدأ ترند استخدام الذكاء الاصطناعي المبالغ فيه في التكشف ليبدأ ترند جديد يجذب أموالاً جديدة ثم يزول أم لا يزال في ترند الـAI المزيد من العسل يحلبه القائمون قبل انهيار المنحنى، وفي حالة انتهاء الترند فماذا بعد الذكاء الاصطناعي؟

أخبار متعلقة :