عوامل عدة وراء الارتفاع التاريخي لسوق الأسهم الصينية

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 7 أكتوبر 2024 01:10 صباحاً - كاتي مارتن

Advertisements

يسلط الارتفاع الهائل الذي شهدته أسواق الأسهم الصينية أخيراً الضوء على قاعدة مهمة في السوق تتمثل في ضرورة مراقبة حركة الجماهير دائماً. فقبل عطلة السوق الطويلة، أرسلت السلطات في بكين رسالة قوية مفادها أن الوضع قد تجاوز الحد، فالاقتصاد يعاني - وفقاً للمعايير الصينية - على الرغم من أن معظم الاقتصادات الغربية سترحب بمعدل نمو يتجاوز 4.5% بقليل، في حين انخفضت أسعار الأسهم لأشهر عدة.

لذلك أطلق البنك المركزي والسلطات الأخرى سلسلة من تدابير التعافي، بداية من خفض أسعار الفائدة، وتخفيف المطالب المفروضة على البنوك للاحتفاظ بالاحتياطيات، إلى جانب توجيه الجهود الرامية لدعم سوق الأسهم، والتعهد بتقديم الدعم المالي في المستقبل. لكن هل هذه التدابير المالية مفصلة بعمق؟ لا. هل سيؤدي خفض طفيف في أسعار الفائدة إلى تعافي قطاع العقارات المتعثر منذ فترة طويلة؟ أيضاً لا. ولكن هل يكترث المتداولون في النهاية بذلك؟ مجدداً، لا.

ونتيجة لذلك، شهدنا ارتفاعاً لا مثيل له. فقد ارتفع مؤشر «سي إس آي» 300 للأسهم الصينية بأكثر من 20% في أقل من أسبوع. وحالياً، أصبح مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ أفضل الأسواق الرئيسية أداءً هذا العام على مستوى العالم، حيث حقق مكاسب بنسبة 30%، مقارنة بنسبة 19% فقط حققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي.

وقد لعب التوقيت دوراً مهماً، فقد افترض الكثيرون أن بكين ستصمد لفترة أطول قبل اتخاذ إجراءات من هذا النوع. كما أن الحجم يشكل أهمية بالغة؛ إذ يصف دويتشه بنك التحفيز المالي بأنه «حدث كبير»، وعند مقارنته بحجم الاقتصاد، فإنه يعد ثالث أكبر تحفيز من نوعه في تاريخ الصين، فهو أشبه برفع شعار ماريو دراجي «مهما كلف الأمر». نعم، قد يستغرق الأمر شهوراً حتى يتضح التأثير الاقتصادي الحقيقي، لكن الأسواق لا تنتظر لمعرفة ذلك. فقبل هذه التدابير، كان المستثمرون يتجنبون الصين تماماً. وأظهر استطلاع دوري أجراه بنك أوف أمريكا لمديري الصناديق الشهر الماضي أن «التشاؤم الكلي كان مركزاً على الصين»، مع انخفاض توقعات النمو عند أدنى مستوى خلال 3 سنوات منذ بدأ البنك في تتبعها. وفي الوقت نفسه تقريباً، قال كبير مسؤولي الاستثمار لدى شركة أموندي، فنسنت مورتييه، إنه «لم يشهد أبداً مثل هذه المقاومة القوية» من العملاء تجاه فكرة الاستثمار في الصين. وزعم أنه ليس من الحكمة تجنب الصين تماماً، لكن المناقشة كانت غير مثمرة، مشيراً إلى أن الرهانات كانت «متوقفة تماماً». وأشفق على مدير صندوق التحوط الذي أخبرني منذ فترة أنه كاد أن يقبل بقوة على شراء الأسهم الصينية، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة. وكما قد يشير أي مستثمر محترف كفء، إلى أنه عندما يبدو الجميع متشائمين حيال قطاع معين من الأسواق العالمية، فهذه هي اللحظة المناسبة للشراء. ولكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب استجماع الشجاعة اللازمة للقيام بذلك. وهذه ليست المرة الأولى هذا العام التي يتضح فيها تأثير التمركز في الأسواق، حيث تمثل اليابان مثالاً بارزاً آخر. ففي تقريره الفصلي عن الأسواق، لاحظ بنك التسويات الدولية أن «المراكز الاستثمارية المركزة لصناديق التحوط» لعبت دوراً حاسماً في سرعة وحجم «الاضطرابات» في اليابان في بداية أغسطس.

وأفاد بنك التسويات الدولية أن تجارة المناقلة - أو بيع العملات ذات الفائدة المنخفضة لشراء العملات ذات الفائدة الأعلى - كانت تحظى بشعبية متزايدة بين صناديق التحوط في الفترة التي سبقت الاضطرابات في أغسطس. وقد أسفر ذلك عن تدفق قدر كبير من أموال المضاربة لصالح الدولار على حساب الين منذ عام 2022، الأمر الذي ساهم في انخفاض الين إلى أدنى مستوياته منذ عقود. وقد أثرت تجارة المناقلة والرهانات المتعلقة بتقلبات سوق الأسهم الأمريكية، بشكل كبير على عوائد صناديق التحوط.

في الوقت نفسه، مال المضاربون إلى شراء الأسهم اليابانية، وظل هذا الوضع مواتياً حتى أوائل شهر أغسطس، عندما تغير الوضع فجأة. فقد أدت المخاوف إزاء النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى رفع التوقعات بخفض أسعار الفائدة، الأمر الذي أثر في هذه الاستراتيجيات بطرق مختلفة، وهو ما أدى إلى تراجع الدولار، خصوصاً مقابل الين، الذي كان مبالغاً في قيمته، وقد ساهم ذلك في زيادة التقلبات بسوق الأسهم. وأظهر التخارج من هذه الصفقات زحاماً ملحوظاً أثناء مغادرة السوق. وأدى ذلك إلى انخفاض مقلق في سعر صرف الدولار مقابل الين، لا سيما في يوم «الاثنين المخيف» عندما شهدت سوق الأسهم اليابانية تراجعاً مزدوج الأرقام - وهو أكبر انخفاض منذ الانهيار الكبير قبل ثلاثة عقود - مما ألقى بظلاله على فرضية «شراء اليابان» التي أصبحت شائعة.

وقال تقرير بنك التسويات الدولية إن «ازدحام المراكز، إلى جانب ارتفاع الرافعة المالية، هيأ الساحة لزيادة الضغوط والآثار العرضية عبر الأصول المختلفة». وثمة أمثلة واضحة أخرى، مثل الاندفاع الهائل للرهان على شركة صناعة الرقائق الأمريكية إنفيديا - وهو السهم الذي أصبح مكتظاً بالمستثمرين خلال الصيف وخسر ثلث قيمته في غضون ستة أسابيع. ومع وضع كل ذلك في الحسبان، من المفيد البحث عن أقوى نقاط الاتفاق بين المستثمرين في الوقت الراهن، فقط في حالة ما إذا كان من المنطقي اتخاذ موقف معاكس. على سبيل المثال، أشار الاستطلاع نفسه الذي أجراه بنك أوف أمريكا الذي قال إن الصين كانت خيار شراء متضارب، إلى أنها فرصة لشراء السلع الأساسية، وهو ما تجنبه المستثمرون بدرجة أكبر منذ عام 2017. وبشكل موضوعي، فإن النقطة الأساسية لتوافق الآراء تتعلق بتوقع هبوط ناعم للاقتصاد الأمريكي. وهو توقع يتفق عليه ما يقرب من 80% من مديري الصناديق. وبالتأكيد، لا يمكن أن يكون كل هؤلاء الأشخاص الأذكياء مخطئين حيال الأمر، أليس كذلك؟

أخبار متعلقة :