الارشيف / حال المال والاقتصاد

الأسهم الخاصة تواجه معضلة تصفية حسابات

  • 1/2
  • 2/2

ft.svg

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 15 نوفمبر 2023 11:58 مساءً - وضعت الـ18 شهراً الماضية، مليارديرات شركات الأسهم الخاصة أمام مخاطر الانخراط في رحلة تنقلهم من حالة من الثقة العمياء إلى أجواء صعبة ومعادية. فقد أسفر ارتفاع التضخم، وما تلاه من تصاعد لأسعار الفائدة، عن اختناق معظم عمليات الاستحواذ المدعومة بالديون لتحويل الشركات إلى خاصة بعد أن كانت عامة، وهي ركيزة أساسية لنشاط مديري الأسهم الخاصة، لكن بعض المديرين بدوا أكثر قوة في هذه الأوقات العصيبة مقارنة بآخرين.

لقد أصبح من الصعوبة بمكان إعادة تمويل الديون في شركات ذات محافظ من الأسهم الخاصة بأسعار فائدة أعلى مما كانت عليه عند تنفيذ عمليات الشراء. ودُفِع مديرو الأسهم الخاصة على نحو متزايد إلى أشكال مبطنة، وعالية المخاطر من تمويل الديون، حتى تستمر أعمالهم.

ودفع الكثيرون مبالغ زائدة لقاء أهدافهم، وبذلك، انخفض حجم التخارج من الشركات المشتراة عن طريق الاكتتابات العامة الأولية، بينما هؤلاء الآملون في تعديل القيمة الدفترية لتعكس الأسعار الحالية ينتظرون العودة إلى أسعار مرتفعة. وفي الوقت ذاته، يساور المستثمرون المؤسساتيون قلقاً من أن تكون العوائد المستقبلية على عمليات الاستحواذ بالرافعة المالية متواضعة، متوقعين قفزة بمعدل التخلف عن السداد لشركات المحافظ. حتى أن البعض وفي إطار سعيهم الحثيث عن الدعم المالي يضطرون راغمين إلى القبول بتخفيضات كبيرة على القيم المُعلنة عند البيع.

لقد حدثت تغيرات جوهرية للغاية في الظروف المحيطة، بعد عقود من الربح الكاسح للمال. وقد بدأ الأمر في ثمانينات القرن الماضي عندما أصبح مستهدفو الشركات رواداً لعمليات استحواذ بالرافعة المالية. وعُرفت هذه الموجة بصفقة هجومية ناجحة بلغت 30 مليار دولار، استحوذت فيها «كيه كيه آر» على «آر جيه آر نابيسكو» للأغذية والتبغ.

وفي مواجهة العداء من قِبَل الشركات والمخاوف الأوسع بشأن الخسائر المحتملة للوظائف، مع سعي الرؤساء الجدد لحصد المكاسب عبر التركيز على زيادة الكفاءة، أعاد مستهدفو الشركات تسمية أنفسهم كمستثمرين «نشطين». وتحولوا بعد ذلك إلى شركات أسهم خاصة، وأُسبغ عليها صفة التبجيل والتوقير واعتُبرت هذه فئة من الأصول. وتقاطرت عليهم بعد ذلك المؤسسات الاستثمارية، آملة في حصد علاوة على عوائد الأسهم العامة لتحملهم المخاطر الإضافية لنقص السيولة. وكانت المؤسسات الاستثمارية تأمل أيضاً في تحقيق أرباح من الإدارة الأكثر تشدداً للأسهم الخاصة.

ومنح مايكل جنسن، الأكاديمي في كلية التجارة بجامعة «هارفرد»، إجازة نظرية لحركة تحويل الشركات إلى خاصة. وتحدث جنسن، في ورقة صدرت عام 1989 بعنوان «خسوف الشركة العامة»، عن أن تشتيت الملكية في الأسواق العامة أسفر عن غياب المساءلة العامة أمام الملاك.

ويشير بول وولي، الزميل في كلية لندن للاقتصاد، إلى أن الاستثمار التقليدي في السوق العامة يفسح المجال أمام الشركات الخاصة، التي بإمكانها استغلال السوء المنهجي في تسعير الأسهم والقطاعات والأسواق. وينخرط مديرو الأصول في «تداولات الزخم»، لأنهم يتعرضون للتقييم في السوق العامة على نطاق واسع وفق أداء المؤشرات القياسية، فيطاردون بصفة مستمرة الأسهم التي تشهد ارتفاعاً قوياً لكنهم ينقصون وزنها في محافظهم. ويشكّل هذا عائقاً أمام العوائد، ويحول دون الاستثمار طويل الأجل ويؤدي إلى تقلبات مرتفعة.

ومع ذلك، وكما يرى أنتوني بيترز، المعلق المخضرم على السوق والمتداول السابق في السندات، فالأمر بالنسبة لشركات الأسهم الخاصة بعيد تمام البُعد عن الأسهم، وإنما يتعلق بالدين وتكون الاقتصاديات في هذا الشأن مدفوعة بتكلفة المال. ومع ارتفاع الأسهم المُدرجة بسبب انخفاض الفائدة لأدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية بين عامي 2007 و2009 وفي ضوء السياسة النقدية مفرطة التيسير، يعتقد بيترز أنه كان من السهل على شركات الأسهم الخاصة إجراء عمليات الشراء، ثم الانتظار ريثما ترتفع سوق الأسهم بما يكفي لإعادة تعويم الشركة والحصول بذلك على الأرباح دون فعل أي شيء من شأنه إضافة قيمة للأعمال.

لكن المفارقة الغريبة هنا أن صناديق الاستحواذ حصدت عوائد أفضل قليلاً بعد احتساب الرسوم مقارنة بسوق الأسهم. وهناك مشكلة أخرى تواجه المستثمرين في صناديق الاستحواذ، فبينما تفتخر هذه الصناديق بغياب التقلبات التي تواجهها، فإن عوائدها السلسة وتقييماتها المضللة تبدو متفائلة على نحو غير واقعي مقارنة بالأسواق العامة. كما أن استجابتها متأخرة في مواجهة البيئة الأكثر قسوة للفائدة. ونتيجة لذلك، يفكر كثير من أمناء صناديق المعاشات التقاعدية في حجم الخصم الواجب تطبيقه على أصولهم غير السائلة.

وإذا ما نظرنا إلى ظاهرة الطفرة القوية للأسهم الخاصة، فإن حجم مساهمتها في تغيير هيكل أسواق رأس المال العالمية مثير للدهشة. وكشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن إلغاء إدراج قرابة 30,000 شركة من الأسواق العالمية بين عامي 2005 و2020 من خلال عمليات الاستحواذ التقليدية وإعادة شراء الأسهم والشراء الممول. ولم تقابل عمليات الإلغاء هذه إدراجات جديدة معظم هذه الفترة، ما أسفر عن صافي خسارة كبير بعدد الشركات المُدرجة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا في الأساس.

ويمكن أن يكون هذا التراكم القياسي للديون غير المالية الشركات منذ الأزمة المالية مثيراً للقلق. ويتعين على شركات الأسهم الخاصة الجديدة، بجانب إعادة هيكلة الدين، أن تقدم جزءاً آمناً الحل للميزانيات العمومية الممتدة.

ويبدو مديرو الأسهم الخاصة الكبار مهتمين في الوقت الراهن بإقراض الشركات أكثر من شراء أسهمها. لذا، فالسؤال يتمحور حول ما إذا كان بمقدور الأسواق العامة فعل ما هو مطلوب. النبأ السار هنا هو جمع الشركات غير المالية المُدرجة حول العالم قدراً قياسياً من الأسهم الجديدة بلغ 626 مليار دولار في 2020 بعد تفشي الجائحة. ولذا، ورغم انكماشها، ما زالت الأسواق العامة تبدو قادرة على أداء وظيفة مركزية وحيوية.

تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز

كلمات دالة:
Advertisements

قد تقرأ أيضا