ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 3 نوفمبر 2023 11:37 مساءً - عززت صفقتان ضخمتان يتوقع لهما أن تعيدا تشكيل خريطة صناعة الطاقة الأمريكية، الآمال بتدفقات من الرسوم الاستشارية في سوق عمليات الاندماج والاستحواذ الخامدة، وأشعلتا بالفعل معركة بين البنكين الرائدين في القطاع؛ «مورجان ستانلي» و«جولدمان ساكس».
لقد جعل استحواذ شركة شيفرون على شركة هيس مقابل 53 مليار دولار، واستحواذ إكسون موبيل على شركة بايونير المتخصصة في النفط الصخري مقابل 60 مليار دولار، من النفط والغاز نقطة مضيئة نادرة أمام مبرمي الصفقات في «وول ستريت»، حيث ارتفع نشاط الاندماج والاستحواذ في القطاع بنسبة 52 % حتى الآن هذا العام، مع أكثر من 260 مليار دولار من الصفقات، مقارنة بانخفاض 21 % في جميع الصناعات، وذلك وفقاً لبيانات شركة رفينيتيف.
وكان «جولدمان» و«مورجان ستانلي» أكبر المستفيدين من «وول ستريت»، حسبما تظهر بيانات ريفينيتيف، حيث يعمل كل منهما على صفقات في مجال الطاقة تبلغ قيمتها نحو 165 مليار دولار، بما في ذلك المعاملات التي أجرياها معاً.
ويعتقد المحللون أن عمليات الاستحواذ التي قامت بها شركتا إكسون وشيفرون ستؤدي إلى اندماج على مستوى الصناعة مع تنافس كبار منتجي النفط على تضخيم الطاقات بغرض إنتاج البراميل بأرخص التكاليف.
وقال بيت بودين، الرئيس العالمي للخدمات المصرفية للطاقة في جيفريز، إن هذه الصفقات الضخمة تميل إلى أن تأتي في مجموعات، والخلاصة هي أن الشركات الكبرى أصبحت أكبر، وسيتعين على الجميع التفكير في استراتيجية للحفاظ على أوضاعهم بالسوق، وأضاف أنه يتوقع المزيد من الصفقات في المستقبل.
وهذا من شأنه أن يسلط الضوء على فرق النفط والغاز في «جولدمان» و«مورجان ستانلي»، وكلاهما اتجه لبناء خبراته في مجال الطاقة على مدى العقد الماضي.
في «مورجان ستانلي»، قام البنك الاستثماري بتعيين جريج واينبرجر، المستشار الذي عمل طويلاً مع شركة شيفرون والذي غادر بنك كريديه سويس في عام 2019 إلى جانب العديد من أفضل المصرفيين الكبار الآخرين، وانضم إلى فريق يضم آرون هوفر، الذي أتى من جرينهيل قبل نحو عقد من الزمن، وبول كواك، الذي انضم عام 2014 قادماً من سيتي بنك.
أما بنك جولدمان، فلديه برايان هوفريكت، الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ في الأمريكتين، وهو مستشار متمرس لمجموعات الطاقة بما في ذلك أوكسيدنتال بتروليوم، وكونوكو فيليبس، وشل، ويعمل جنباً إلى جنب مع سهيل سيختيان، أحد المخضرمين في جولدمان الذي يقود فريق الموارد الطبيعية الذي يضم سكوت هانكي وميركو جومبل ودان كوريتش ومايكل كليم.
وقد أدى التدفق المستمر للصفقات الصغيرة إلى تعزيز قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة منذ الانهيار الناجم عن الوباء في عام 2020، لكن أحدث صفقات «إكسون» و«شيفرون»، وهي رابع وتاسع أكبر صفقات القطاع على الإطلاق، كانت بمستوى نادراً ما نشهده منذ عمليات الاندماج الكبرى في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي قادت إلى إنشاء الشركات الكبرى الحديثة.
ويحفز على المضي قدماً في هذا الاتجاه هذا الاتجاه المخزون المتضائل بمواقع الحفر الرئيسية مع دخول ثورة الصخر الزيتي التي حولت الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط والغاز في العالم سنواتها الأخيرة.
وتراجعت الشركات عن النمو العضوي تحت ضغط من المستثمرين، الذين أصروا على التركيز على استرجاع الأموال بدلاً من إنفاقها على حفر آبار جديدة، وقد ترك ذلك عمليات الاستحواذ كأحد الخيارات القليلة أمام الشركات للتوسع.
وفي الوقت نفسه، أتاح ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الحرب في أوكرانيا العام الماضي الفرصة لشركات الطاقة لسداد الديون ووفر لها الكثير من الأموال لعقد الصفقات.
كما أن التقييمات شبه القياسية تجعل من السهل إجراء صفقات على كامل الأسهم، كما هو الحال في الصفقتين اللتين أبرمتهما شركتا إكسون وشيفرون، مما يسمح للمسؤولين التنفيذيين بالحد من الجانب السلبي في حالة وصول انعكاس أسعار الطاقة إلى التقييمات.
وقد أوضح أحد أطراف الصفقات من المشاركين في المعاملات الأخيرة أنه في حالة استخدام «إكسون» و«شيفرون» السيولة النقدية في إتمام هذه الصفقات، ثم انخفض سعر أسهم شركات النفط بشكل كبير، فستبدوان وكأنهما مشتريان سيئان، ولكن إذا تم استخدام الأسهم بدلاً من النقد، فلا يهم حقاً، حيث سيتأثر الجميع بالتساوي.
ويقول المستشارون إن التدخل التنظيمي غير مرجح في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، ومع ارتفاع أسعار الخام بالفعل، ومع مخاطر التوترات الجيوسياسية التي قد تؤدي إلى مزيد من الزيادات، فإنهم يعتقدون أن البيت الأبيض لن يرغب في ترك نفسه عرضة للاتهامات بأنه غذي ارتفاع الأسعار من خلال التدخل في الصفقات.
ويعتقد المحللون وأطراف الصفقات أن اللاعبين الكبار في حوض بيرميان المترامي الأطراف في تكساس ونيو مكسيكو، المحرك لصناعة النفط الأمريكية، يمكن أن يكونوا من بين أصحاب الصفقات التالية.
وقد تم طرح شركات كونوكو وأوكسيدنتال بتروليوم وديفون إنيرجي وماراثون أويل كمشترين محتملين، كما تم طرح الشركات الأصغر حجماً المتخصصة في بيرميان، والمدرجة في البورصة، مثل بيرميان ريسورسز وماتادور إنرجي كأهداف محتملة.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى المجموعات الثلاث الكبرى المملوكة للقطاع الخاص: إنديفور إنيرجي ريسورسز، وميوبورن أويل، وكراون روك، والتي تتمتع كل منها بتواجد كبير في الحوض، ولا تزال البنوك الأخرى في صراع لتقديم الاستشارة بشأن مثل هذه الاندماجات، مثل سيتي بنك، الذي يقدم الاستشارة لشركة إكسون، وكان قد عمل بالفعل على صفقات طاقة بقيمة 102 مليار دولار هذا العام، في حين أن لدى بنك جيه بي مورجان 89 مليار دولار من المعاملات في القطاع ضمن سابقة أعماله في عام 2023.
وقد استفاد «سيتي» من علاقاته مع إكسون، حيث قدم المصرفيان مايكل جاميسون وكلاوديو سوير الاستشارة بشأن صفقة بايونير وفي استحواذ إكسون على شركة النفط دينبري بقيمة 5 مليارات دولار في وقت سابق من هذا العام. ومن بين البنوك الاستثمارية المتخصصة، يبرز بلير إيفرون من سنترفيو بارتنرز كمستشار آخر لشركة إكسون، في حين أن ويل هيلتز من إيفركور، وهو مدير إداري كبير ومستشار محنك في مجال النفط والغاز، كان ضالعاً في صفقات أخرى.
وبينما يتدافع أصحاب الصفقات، يقول خبراء الصناعة إن هناك محادثات تجري حول عدد لا يحصى من الاندماجات المحتملة.
وقال آندرو ديتمار، المحلل في شركة إنفيروس الاستشارية، أنه قد أصبح من الممكن فجأة أن يكون أي كيان - عام أو خاص - معروضاً للبيع، والمشترون في الصناعة يتدافعون لضمان امتلاك أفضل الأصول المتبقية، وستضع هذه الصفقات الأساس لأعمالهم المتعلقة بالمواد الهيدروكربونية خلال العقد المقبل.
تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز