ابوظبي - ياسر ابراهيم - الجمعة 20 أكتوبر 2023 11:28 مساءً - بدا المستقبل مشرقاً أمام شركة «آيوايز» الصينية الناشئة، المتخصصة في السيارات الكهربائية، عندما تأسست عام 2017 في شنغهاي بقيادة مديرين تنفيذيين سابقين في «فولفو» وشركات السيارات الحكومية، والذين استطاعوا جذب مستثمرين كبار مثل عملاق التكنولوجيا «تينسينت»، ومجموعة «دي دي» لخدمات نقل الركاب و«كاتل» الرائدة في البطاريات.
لكن بعد مرور 6 سنوات، لم تحقق شركة «آيوايز» أي أرباح على الإطلاق، وعلقت الإنتاج في أحد مصانعها الرئيسية، بل إنها تعاني لدفع أجور موظفيها وبيع سياراتها، حتى أن الموظفين وجهوا رسالة في أغسطس الماضي لصحيفة فايننشال تايمز وغيرها مفادها أنهم قد وصلوا إلى طريق مسدود، ويأملون أن تتمكن الحكومة من إنصافهم مطالبين المسؤولين ببدء إجراءات إعلان الإفلاس ودفع أجورهم المستحقة.
أدى انهيار المبيعات بين عشرات من مصنعي السيارات في الصين إلى تعزيز التوقعات بشأن موجة قادمة من عمليات الدمج لن تترك سوى حفنة من الشركات في أكبر سوق للسيارات في العالم وفي حين أصبحت بعض شركات صناعة السيارات في الصين أسماء مألوفة، مثل شركة «بي واي دي» المدعومة من وارن بافيت، فإن مئات الشركات الأخرى التي انتشرت خلال طفرة الاستثمار على مدى العقد الماضي تواجه الآن مستقبلاً غامضاً.
هناك ما يقرب من 50 علامة تجارية محلية من السيارات الكهربائية في الصين تنتج سيارات كهربائية كاملة وأخرى هجينة، وفقًا لمعلومات جمعتها شركة الأبحاث «مارك لاينز».
وقال بول جونج، المحلل لدى بنك يو بي إس، إنه بحلول 2030، سيكون نحو 10 إلى 12 شركة صينية كبرى لصناعة السيارات تعمل على نطاق واسع. ومنذ أن أشعلت «تسلا» حرب أسعار في الصين أواخر العام الماضي، تسارعت وتيرة دمج الصناعة، حيث قامت «دبليو إم موتور»، وهي شركة ناشئة أخرى للسيارات الكهربائية مقرها شنغهاي أسسها رئيس سابق لشركة فولفو-الصين، بإعلام الدائنين أنها بدأت إجراءات إعادة الهيكلة في أوائل أكتوبر.
وقد بدأت شركتان صينيتان أخريان هما «سينجولاتو موتورز» و«ليفديو» في إجراءات إعلان الإفلاس في الأشهر الأخيرة، في حين علقت شركة «إينوفيت» الناشئة لتصنيع السيارات الكهربائية ومقرها شنغهاي الإنتاج في أبريل. وذكر تشانج شيانج، الأستاذ الزائر بقسم الهندسة في جامعة هوانجهي للعلوم والتكنولوجيا، أن خفض الأسعار بات هو الوضع الطبيعي الجديد في سوق السيارات بالصين، والذي سيستمر حتى تخرج الشركات الصغيرة من السوق.
ويُعتبر التصدير بصفة عامة أحد الحلول لمشكلة فائض الطاقة الإنتاجية في السيارات الكهربائية في الصين، غير أن قانون خفض التضخم الذي أقره الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويهدف إلى تقويض هيمنة الصين في القطاعات الحيوية، وكذا التحقيق الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي حديثاً لمكافحة دعم المركبات الكهربائية الصينية، عززا الشكوك بشأن مدى جدوى هذه الاستراتيجية، بينما تشددت بكين في إصدار تراخيص إنتاج السيارات الكهربائية، في محاولة لمعالجة مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية المتزايدة.
تجدر الإشارة إلى أن معدلات الاستخدام السنوية في مصانع السيارات الكهربائية في أنحاء البلاد سوف تصل إلى 33 % في 2023، حسبما توقع محللو سيتي جروب في مذكرة في مايو الماضي. وأعلن تشانج أنه بعد استبعاد شركات صناعة السيارات الصغيرة، ستقوم الشركات الأخرى بالاستحواذ على جزء صغير فقط من قدراتها الإنتاجية وإعادة استخدامها، بينما سيصبح الباقي عديم الفائدة.
وميزت «آيوايز» نفسها عن نظيراتها المحلية عن طريق التركيز المبكر والناجح على الأسواق الخارجية. لكن الصعوبات الأخيرة التي واجهتها سلطت الضوء على ضعف المبيعات وتحديات التمويل في كل جوانب الصناعة، حيث قامت المجموعة، بقيادة رئيس مبيعات فولفو السابق في الصين فو تشيانج، والمدير التنفيذي السابق لشركة صناعة السيارات المملوكة للدولة «سايك»، كو فينج، بتأسيس فرع للشركة في ألمانيا بعد 5 أشهر من إنشائها.
وأظهرت بيانات«آيكيشا»، وهي شركة صينية متخصصة في إمداد الشركات بالمعلومات، أن «آيوايز» جمعت أكثر من (4.5 مليارات دولار) منذ تأسيسها حتى نهاية 2022 وقامت بتصدير 6259 سيارة إلى أكثر من 15 دولة من بينها ألمانيا وفرنسا وكوستاريكا والإمارات، وهذا العائد يفوق أكبر المنافسين المحليين «زي بينج» و«نيو»، وفقًا لبيانات صادرة عن الشركة ورابطة سيارات الركاب الصينية.
لكن «آيوايز» كافحت من أجل اكتساب العملاء في الصين، وارتفعت مبيعات المجموعة من 2698 سيارة في عام 2021، أي بعد عام من إطلاقها أول سيارة كهربائية إلى 4626 سيارة في عام 2022، وذلك وفقًا لبيانات شركة ويند، بالمقارنة بأكثر من 151 ألف سيارة تعمل بالبطارية تم بيعها في سبتمبر من إنتاج «بي واي دي» أكبر منتج للسيارات في البلاد وفي يناير 2022، تم تعيين تشانج يانج، نائب الرئيس السابق لشركة نيو المنافسة، رئيسًا تنفيذيًا لـ«آيوايز» ليحل محل المؤسس المشارك جو فنج، في تغيير إداري لتعزيز المبيعات.
ومع ذلك، ففي يوليو الماضي، تم تسليم قيادة الشركة إلى مجموعة عمل «حوكمة مؤقتة» بقيادة المؤسس المشارك فو ومحافظ البنك المركزي الصيني السابق تشو شياو هوا.
وفي محاولة لتحقيق الأرباح، يعكف تشو وفو الآن على وضع خطط لإعادة هيكلة وتصدير السيارات تحت كيان واسم تجاري جديدين حسبما كشف موظفون.
وأعلنت «آيوايز» بدء دفع أجور موظفيها في الصين منذ بضعة أسابيع، وذكرت أنها أوقفت الإنتاج وهي بصدد الحصول على تمويل وتوجه جديد للشركة بعد إعادة هيكلتها كما أعلنت أن السيد تشو والسيد فو قد توليا المسؤولية وستكون الاستراتيجية هي تصدير السيارات مضيفة أن فرق عمل آيوايز في الصين وأوروبا بدأت العمل على هذه الخطة، لكن المطلعين على الصناعة ليسوا متفائلين بنجاح هذه التغييرات، حيث صرح تو لو من «سينو أوتو إنسايتس» للاستشارات بأن فريق آيوايز كان أول من ذهب إلى أوروبا ولكن لم يكن لديه رأس مال جيد على الإطلاق، وكان يأمل في تحقيق إيرادات من مبيعات السيارات التي لم تتحقق أبدًا.
ويبقى السؤال هو ما ستكون عليه حالة شركات صناعة السيارات الأخرى مع استمرار حرب الأسعار، وما حجم الأموال التي سيتم إنفاقها قبل التغيير. وكما يقول تشانج، من جامعة هوانجي للعلوم والتكنولوجيا، فإن التكنولوجيا تتقدم بسرعة، وقد أصبحت خطوط إنتاج السيارات التي تم إنشاؤها قبل 4 أو 5 سنوات بدون قيمة عملية كبيرة.
تابعوا حال الخليج الاقتصادي عبر جوجل نيوز