ابوظبي - ياسر ابراهيم - الخميس 3 أبريل 2025 11:26 مساءً - تعد الإمارات واحدة من أهم المراكز الاقتصادية والتجارية في العالم، إذ تمتلك بنية تحتية متطورة وسياسات اقتصادية مفتوحة تشجع على التبادل التجاري مع مختلف الدول، كما تعد من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتميز العلاقة التجارية بين البلدين بالقوة والنمو المستمر، وفي هذا الصدد تصدّر الإمارات إلى الولايات المتحدة العديد من السلع مثل النفط الخام، والمجوهرات، والألماس، والمنتجات البترولية، حيث بلغ إجمالي الصادرات الإماراتية إلى أمريكا 111.5 مليار درهم خلال 5 سنوات.
في المقابل تقوم الدولة باستيراد العديد من السلع الأمريكية، بما في ذلك الطائرات، والمركبات، والمعدات الكهربائية، والمعدات الطبية، فضلاً عن المواد الكيميائية والصناعية.
وتعد الرسوم الجمركية أحد الأدوات الاقتصادية التي تستخدمها الدول لتنظيم التجارة الدولية، وتحديد مستوى التبادل التجاري بينها وبين الدول الأخرى.
ففي السنوات الأخيرة شهدت العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والإمارات بعض التحولات، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على بعض السلع المستوردة من الإمارات، خصوصاً في ظل الحروب التجارية التي نشبت بين الولايات المتحدة والصين وبعض الدول الأخرى.
وكانت هذه الرسوم جزءاً من سياسة «أمريكا أولاً» التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي سعت إلى تقليل العجز التجاري لبلاده من خلال فرض رسوم جمركية على السلع الواردة من الدول التي تعتبرها منافسة غير عادلة.
بداية الرسوم وعند النظر إلى السنوات الماضية، نجد أن إدارة الرئيس ترامب قد فرضت رسوماً جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب و10 % على واردات الألمنيوم في عام 2018، بهدف حماية الصناعة الأمريكية من المنافسة الخارجية، الأمر الذي أثر على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من دول العالم.
وتعتمد الإمارات بشكل كبير على التجارة الخارجية بهدف تنويع اقتصادها، وعلى الرغم من بعض الرسوم الجمركية التي تم فرضها من قبل وحتى الآن، إلا أن الإمارات تعتبر من الدول الحليفة التي تتمتع بعلاقات تجارية خاصة مع الولايات المتحدة.
ففي عام 2004، تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والإمارات، وهي اتفاقية تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وتخفيض الحواجز الجمركية.
ومن خلال هذه الاتفاقية، تمكنت الإمارات من الوصول إلى أسواق الولايات المتحدة بشكل أسهل وأكثر مرونة، ما ساعد في تعزيز صادراتها وزيادة تدفق الاستثمارات الأمريكية إلى الدولة.
وفي عام 2020، وقع البلدان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، التي تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والتكنولوجيا والطاقة.
صادرات
فقد نمت الصادرات الإماراتية إلى أمريكا مع مطلع العام الجاري، حيث ارتفعت بنسبة 38.3 % خلال يناير الماضي لتقفز إلى 2.41 مليار درهم (655 مليون دولار)، مقارنة بـ 1.744 مليار درهم (474 مليون دولار) في يناير 2024.
وأوضحت بيانات حديثة لوزارة التجارة الأمريكية أن حجم الصادرات الإماراتية إلى السوق الأمريكي نما بنسبة 12.9 % عن إجمالي 2024 لتتجاوز 27.5 مليار درهم (7.474 مليارات دولار)، مقارنة بـ 24.3 مليار درهم (6.62 مليارات دولار) في عام 2023.
وتظهر السلسة الزمنية للصادرات الإماراتية إلى الولايات المتحدة أن الحجم السنوي للصادرات الإماراتية إلى السوق الأمريكي في 2024 قد نما بنسبة 140 % عن الإجمالي في عام 2020، والذي بلغ 11.5 مليار درهم (3.114 مليارات).
وبشكل عام، تجاوز إجمالي الصادرات الإماراتية خلال السنوات الأربعة الماضية 100.1 مليار درهم (بما يوازي 27.2 مليار دولار).
وطبقاً لبيانات قائمة أكبر 10 سلع إماراتية تصديراً إلى السوق الأمريكي خلال 2024، جاءت في المقدمة صادرات صناعات المعادن الأولية بحصة 21.3 % من إجمالي الصادرات وبقيمة 5.88 مليارات درهم (1.6 مليار دولار)، تلتها صادرات قطاع النفط والغاز بحصة 15.5 % وبقيمة 4.26 مليارات درهم (1.16 مليار دولار).
وحققت الصادرات الإماراتية في قطاع الكيماويات قيمة تجاوزت 2.8 مليار درهم (765 مليون دولار) وبحصة 10.1 % من إجمالي الصادرات، بينما بلغت صادرات قطاع منتجات البترول والفحم 8.5 % وبقيمة 2.36 مليار درهم (641 مليون دولار)، تلتهم صادرات المنتجات المعدنية المصنعة بحصة 6.9 % وبقيمة إجمالية 1.9 مليار درهم (519 مليون دولار).
ثم جاءت بالمرتبة السادسة صادرات قطاع الآلات باستثناء الكهربائية بقيمة 824 مليون درهم (224 مليون دولار)، ثم الصناعات المتنوعة بقيمة 765.5 مليون درهم (208 ملايين دولار)، وحققت صادرات المعدات والأجهزة الكهربائية 603.5 ملايين درهم (164 مليون دولار). وبلغت قيمة صادرات معدات النقل 592.5 مليون درهم (161 مليون دولار) والمنتجات المعدنية غير المصنفة 482 مليون درهم (131 مليون دولار).
بينما تنوعت الصادرات الأخرى بين صادرات الصناعات الغذائية التي حققت 368 مليون درهم (100 مليون دولار)، وصناعات الكمبيوتر والإلكترونيات 364 مليون درهم (99 مليون دولار)، وصناعات الورق 331 مليون درهم (90 مليون دولار)، فيما شملت الصادرات الإماراتية المتبقية للسوق الأمريكي الكثير من الصناعات مثل الصناعات البلاستيكية والمطاط والصناعات الخشبية والتبغ والنسيج والكثير من الصناعات، فيما اختصت سلع إعادة التصدير بجزء من الصادرات خلال العام الماضي.
تبادلات تجارية
وكانت تجارة الإمارات غير النفطية مع الولايات المتحدة قد تجاوزت خلال الفترة من 2014 إلى 2023 ما إجماليه 1.06 تريليون درهم (289 مليار دولار).
ونجحت الإمارات في تعزيز مكانتها لتكون أحد المراكز الداعمة لتنمية وتيسير التجارة إقليمياً وعالمياً، وتتبنى سياسة ثابتة في المرونة والانفتاح الاقتصادي وتحرير التجارة وإزالة أي معوقات أمام نمو التبادل التجاري مع مختلف الأسواق العالمية.
وتعد الإمارات أكبر مستقبل للصادرات الأمريكية على مستوى المنطقة لمدة 12 عاماً على التوالي، وهي في المركز الأول بين الدول العربية المستثمرة في الولايات المتحدة.
وتحرض الإمارات والولايات المتحدة بشكل مستمر على استمرار العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، حيث تبقى الإمارات واحدة من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، ومن المتوقع أن تستمر العلاقات التجارية بين البلدين في التطور.
ويمكن للإمارات أن تستفيد من الفرص التي توفرها اتفاقيات التجارة الحرة والشراكات الاستراتيجية، لتوسيع قاعدة صادراتها والبحث عن أسواق جديدة في مناطق أخرى من العالم.
كما أن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والابتكارات يمكن أن تساهم في تعزيز التعاون التجاري بين البلدين.
فمنذ بداية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تم توقيع العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.
ومن أبرزها: اتفاقية التجارة الحرة والتي تم توقيعها في عام 2004، وهي تعتبر خطوة هامة في تعزيز التبادلات التجارية بين البلدين. وتهدف الاتفاقية إلى تقليل الحواجز الجمركية وتنظيم حركة السلع والخدمات بين الولايات المتحدة والإمارات بشكل أكثر سلاسة.
بموجب هذه الاتفاقية، تم تخفيض الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات، ما أدى إلى زيادة حجم التجارة الثنائية بشكل كبير.
كذلك هناك العديد من الاتفاقيات الثنائية التي تسهم في تعزيز التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا، الطاقة، والتعليم، والاستثمار. فعلى سبيل المثال، في عام 2020، وقع البلدان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
كما استفادت دولة الإمارات من موقعها الاستراتيجي، حيث نجحت في لعب جور محوري في تسهيل التجارة بين الولايات المتحدة والأسواق الأفريقية والآسيوية، حيث أن موقعها الجغرافي يعزز من قدرتها على أن تكون بوابة للتجارة بين القارات.
وفي الختام، يمكن القول بأن التبادلات التجارية بين الإمارات والولايات المتحدة تعد نموذجاً للعلاقات التجارية الناجحة التي يمكن أن تكون محركاً للنمو الاقتصادي لكلا البلدين. فمن خلال اتفاقيات التجارة الحرة والشراكات الاقتصادية، تمكنت الدولتان من تعزيز حجم التبادل التجاري وتنويع مصادره.
وفي المستقبل، سيكون من الضروري تعزيز التعاون في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ما سيسهم في زيادة استدامة هذه العلاقة التجارية الاستراتيجية.
