ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأربعاء 26 مارس 2025 08:05 مساءً - النظرة التشاؤمية بشأن الإنسان لازالت تسيطر على عمالقة التكنولوجيا حول العالم، ولا يستطيع أحد الفصل بين ما إذا كانت تصريحاتهم بناء على علم ورؤية للمستقبل أم عن رغبة رأسمالية في سيطرة الذكاء الاصطناعي على حرف ومجالات عمل توفيراً لنفقات شركاتهم وتضخم أرباحهم، وضمن من انضم للنظرة السوداوية عن زوال حرف ومجالات عمل كان التريليونير الأمريكي بيل غيتس مؤسس ومالك أسهم في شركة مايكروسوفت، الذي أكد أن الذكاء الاصطناعي سيستبدل الأطباء والمعلمين خلال 10 سنوات.
وقال بيل غيتس خلال مقابلة مع الكوميدي جيمي فالون في برنامج The Tonight Show على قناة NBC: «على مدار العقد المقبل، ستتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى درجة لن يكون البشر فيها ضروريين «لأغلب الأشياء» في العالم».
وأوضح غيتس أن الخبرة لا تزال «نادرة» في الوقت الحالي، مشيرًا إلى المتخصصين الذين نعتمد عليهم في العديد من المجالات، مثل «الأطباء المتميزين» و«المعلمين المميزين».
وقال غيتس: «مع الذكاء الاصطناعي، خلال العقد القادم، ستصبح الخبرة مجانية ومتاحة للجميع — نصائح طبية رائعة، ودروس تعليمية متقدمة».
وأضاف التريليونير الأمريكي الناشط في مجالات الجمعيات الخيرية: «الأمر عميق جدًا، بل إنه مخيف بعض الشيء — لأنه يحدث بسرعة كبيرة ولا يوجد له حد أقصى».
جدل الاندماج
ولا يزال الجدل قائمًا حول كيفية اندماج البشر في هذا المستقبل المدعوم بالذكاء الاصطناعي. يرى بعض الخبراء أن الذكاء الاصطناعي سيساعد البشر على العمل بكفاءة أكبر، بدلاً من استبدالهم بالكامل، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي وخلق المزيد من الوظائف.
لكن آخرين، مثل الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت مصطفى سليمان، يحذرون من أن التقدم التكنولوجي المستمر خلال السنوات المقبلة سيغير طبيعة معظم الوظائف في جميع الصناعات تقريبًا، وسيكون له تأثير «مزعزع للاستقرار بشكل هائل» على سوق العمل.
وكتب سليمان في كتابه «الموجة القادمة»، الذي نُشر عام 2023، قائلاً: «هذه الأدوات ستعمل فقط على تعزيز الذكاء البشري بشكل مؤقت، ستجعلنا أكثر ذكاءً وكفاءة لفترة من الوقت، وستفتح آفاقًا هائلة للنمو الاقتصادي، لكنها في الأساس ستحل محل العمالة البشرية».
نظرة غيتس المتفائلة
ورغم المخاوف، يبقى غيتس متفائلًا بشأن الفوائد الشاملة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي للبشرية، مثل «علاجات رائدة للأمراض الفتاكة، وحلول مبتكرة لتغير المناخ، وتعليم عالي الجودة للجميع»، كما كتب العام الماضي.
وأقرّ غيتس في مدونة عام 2023 بأن هناك مخاوف «مشروعة ومفهومة» بشأن الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن أحدث البرامج المتطورة لا تزال مليئة بالأخطاء وعرضة لنشر المعلومات المضللة عبر الإنترنت.
وقال في مقابلة مع CNBC Make It في سبتمبر 2024: «لو كان علي أن أبدأ مشروعًا جديدًا من الصفر اليوم، فإنني سأقوم بتأسيس شركة تركز على الذكاء الاصطناعي، اليوم، يمكن لأي شخص أن يجمع مليارات الدولارات لشركة ذكاء اصطناعي جديدة، حتى لو كانت لديه مجرد أفكار أولية، أنا أشجع الشباب في مايكروسوفت، وأوبن إيه آي، وأي مكان أجدهم فيه: «هذا هو المستقبل» لأنكم ترون الأمور من منظور جديد أكثر مما أستطيع أنا، وهذه هي فرصتكم الذهبية».
توقع في محله
وكان غيتس قد توقع ثورة الذكاء الاصطناعي قبل قرابة عقد من الزمن. ففي عام 2017، خلال حدث بجامعة كولومبيا إلى جانب الرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي وارن بافيت، سُئل عن المجال الذي سيركز عليه لو كان عليه البدء من جديد، فاختار الذكاء الاصطناعي دون تردد، قائلاً: «العمل في مجال الذكاء الاصطناعي اليوم وصل إلى مستوى عميق للغاية»، مشيرًا إلى الإنجاز «التاريخي» الذي حققه مختبر DeepMind التابع لشركة Google عندما طوّر برنامجًا حاسوبيًا قادرًا على هزيمة البشر في لعبة Go.
في ذلك الوقت، كانت هذه التقنية لا تزال بعيدة عن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT. ومع ذلك، بحلول عام 2023، حتى غيتس نفسه تفاجأ بسرعة تطور الذكاء الاصطناعي. فقد تحدى فريق OpenAI بتطوير نموذج قادر على تحقيق أعلى درجة في اختبار AP Biology لطلاب الثانوية، معتقدًا أن الأمر سيستغرق سنتين إلى ثلاث سنوات.
وكتب غيتس في مدونته: «أنجزوه في غضون بضعة أشهر فقط»، واصفًا هذا الإنجاز بأنه «أهم تقدم تكنولوجي منذ واجهة المستخدم الرسومية في عام 1980».
وما بين تصريحات غيتس وغيره من كبار قادة المجال التكنولوجي والاقتصادي حول الذكاء الاصطناعي، ما تزال الأمور غير واضحة في تأثر سوق العمل فعلياً بتطور الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت تصريحات الكبار رغبة منهم في تقليص نفقاتهم بتقليل عدد الأيدي العاملة، أم نابع من معرفة حقيقية بمسار للذكاء الاصطناعي وأنه قادر بمزيد من التطوير على إلغاء أدق المهن تخصصية مثل الطب والتعلمي؟!