حال المال والاقتصاد

محلل اقتصادي: الصين لم تعد المحرك للطلب العالمي على النفط

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 6 يناير 2025 04:29 مساءً - يرى المحلل الاقتصادي جريج بريدي أنه على مدار سنوات كثيرة، اعتمدت التوقعات الخاصة بسوق النفط بدرجة كبيرة على الصين، لأنها كانت إلى حد كبير المحرك الأكبر لنمو الطلب في هذا القرن، ولكن الآن، بعد مرور عشرين عاماً على مفاجأة عام 2004 التاريخية عندما وصل الطلب الصيني إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم على أساس سنوي، ما أدى إلى تأجيج المخاوف من حدوث ندرة ورفع الأسعار، هناك إجماع متزايد في الرأي على أن طلب الصين على النفط سوف يبلغ الذروة قريباً.

وقال بريدي، وهو زميل بارز في مركز ناشونال إنتريست الأمريكي ويقوم بأعمال استشارية تتعلق بالمخاطر السياسية لقطاع الطاقة والعملاء الماليين، وفي السابق كان مديراً للنفط العالمي في مجموعة أوراسيا وعمل في وزارة الطاقة الأمريكية: إن ذلك لا يعني بالضرورة أن الطلب العالمي سوف يبلغ ذروته بعد ذلك بفترة قصيرة، لأنه يعكس سمات السياق السياسي في الصين.

وأضاف بريدي، في تقرير لمجلة ناشونال إنترست الأمريكية، أن هذا لا يزال يجعل من الصعب للغاية تصور فترة من تشديد السوق المستدام في المستقبل، الذي توقع الكثير من المستثمرين في قطاع النفط ومنتجي أوبك + (منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفاؤها) أنه سوف يحدث في منتصف إلى أواخر عشرينيات القرن الحالي.

وأصدرت أكبر شركتين للنفط تملكهما الدولة في الصين، وهما شركتا البترول الوطنية الصينية والصين للبتروكيماويات، دراسات في شهر ديسمبر أظهرتا أن الطلب على البضائع التي يتم شحنها من خلال قطاع النقل قد بلغ ذروته، ومن المقرر أن يصل إجمالي الطلب إلى الذروة قريباً.

وتتوقع كلتا الشركتين أن تظهر البيانات الكاملة لعام 2024 عند إصدارها انخفاضات في استخدام الجازولين والديزل، التي أدت إلى تسريع وتيرتها الزيادة الأسرع من المتوقع سابقاً في مبيعات السيارات الكهربائية والاستخدام المتزايد للغاز الطبيعي كوقود بديل للشاحنات الثقيلة.

الوقود

ويعد وقود الطائرات والكيروسين وقود النقل الوحيد المستخرج من النفط الذي ما زال يحقق نمواً. وتتوقع شركة الصين للكيماويات انخفاض استخدام الديزل بنسبة 5.5% في عام 2025 عن مستويات عام 2024، وانخفاض استخدام الكيروسين بنسبة 2.4%.

واستخدم 22% من الشاحنات الثقيلة الجديدة التي تم بيعها في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 الغاز الطبيعي وقوداً، ومن المتوقع أن تخفض السيارات الكهربائية استهلاك الكيروسين بنسبة 15% في عام 2025.

ويتم تعويض التراجع في استخدام النفط وقوداً للنقل بشكل أكبر على المدى القصير من خلال الزيادات في الطلب للاستهلاك الصناعي الذي تشير شركة الصين للكيماويات إلى أنه يزيد بنسبة 55% من عام 2023 إلى عام 2035.

توقعات الطلب

وما زال إجمالي الطلب في توقعاتهما يصل إلى أعلى مستوى له في عام 2027، ويبدأ في تراجع تدريجي في الوقت الذي تزداد فيه وتيرة سرعة الانخفاض في الطلب على النقل. ولدى شركة البترول الوطنية الصينية توقعات أكثر تفاؤلاً قليلاً، ولكن لا تزال تشير إلى أنه سوف يتم الوصول إلى ذروة إجمالي الطلب في عام 2060.

وتباعدت توقعات الوكالة الدولية للطاقة وأوبك بشكل كبير بشأن الطلب العالمي على النفط في السنوات الأخيرة، مدفوعة جزئياً بشكل كبير بالتوقعات المتباينة فيما يتعلق بحجم التغيير في السياسات الحكومية استجابة للرغبة في التخفيف من تأثيرات تغير المناخ.

وتم اتهام الوكالة الدولية للطاقة وأوبك بأنهما متأثرتان بالسياسات والتمنيات، ويتصور السيناريو الأساسي للوكالة الدولية للطاقة تبنياً سريعاً لإجراءات التخفيف، وتتوقع أوبك عالماً يكون فيه نمو الطلب مناسباً لإبقاء معظم المشاركين في أوبك بلس في وضع مريح من الناحية المالية.

ويتصور الخط الأساسي للوكالة الدولية للطاقة أن يصل الطلب العالمي للذروة في عام 2030، بينما يشير سيناريو السياسات المعلن الأقل واقعية للغاية الذي تحقق فيه كل الدول أهدافها المعلنة الخاصة بتخفيف آثار تغير المناخ، إلى الوصول لذروة الطلب في عام 2025.

وتشير منظمة أوبك إلى نمو بطيء بعد عام 2035، ولكن دون ذروة. وربما لا يزال الخط الأساسي للوكالة الدولية للطاقة أكثر تفاؤلاً (من وجهة نظرهم ) بشأن تأثير إجراءات التخفيف في الطلب، ومع ذلك فإن تأثير السياسات الصينية في الطلب ليس موضع خلاف الآن.

سياسات ترامب

وتابع بريدي أنه لا يزال من المرجح رؤية كم هائل من النتائج المتعلقة بالطلب، التي سوف ترى الطلب يواصل النمو في مكان آخر بعدما تصل طلبات الصين إلى الذروة. وفي الولايات المتحدة، من المقرر أن تلغي إدارة الرئيس المنتخب القادم دونالد ترامب الكثير من السياسات التي طبقها الرئيس جو بايدن.

وربما يشمل ذلك إنهاء الإعفاء الضريبي بقيمة 7500 دولار لدعم شراء السيارات الكهربائية وإلغاء معايير بايدن الخاصة بانبعاثات السيارات التي كانت ستؤدي بالفعل إلى أن تخفض السيارات الكهربائية مبيعات سيارات الركوب الأمريكية بمعدل النصف بحلول منتصف حقبة ثلاثينيات القرن الحالي.

الهند والصين

وفي الوقت الذي تحل فيه الهند محل الصين كأكبر مصدر لنمو الطلب، لا تزال سياسة الحكومة تركز على توجه حمائي يقوم على أساس «صنع في الهند» مع عدم وجود حوافز للتخلص من الكربون في قطاع النقل، ومع ذلك تحاول نيودلهي جذب شركة تسلا للسيارات الكهربائية للاستثمار في البلاد مستهدفة شريحة المنتجات عالية الجودة مع رسوم جمركية أدنى على السيارات باهظة الثمن.

والسؤال الكبير في الوقت الحال هو الكيفية التي سوف يتعامل بها بقية العالم مع السيارات الكهربائية الصينية منخفضة الأسعار، مع مراعاة أنهم استطاعوا إنتاج بعض الطرازات بأسعار منخفضة بلغت 12 ألف دولار.

وإذا لم يرفع الآخرون الحواجز الحمائية أمام السيارات الكهربائية الصينية، فإنهم قد يبدأون في استبدال سيارات الجازولين والشاحنات الخفيفة اليابانية والكورية الرخيصة التي سيطر ت على معظم أسواق السيارات النامية، وهذه خطوة قد تجعل وصول الطلب العالمي للذروة أقرب.

وربما لا يزال من الواقعي أن أمام طلب قطاع الطيران وصناعة البتروكيماويات على النفط في العالم النامي مساحة كبيرة للنمو، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يجعل ذروة الطلب العالمي تتجاوز عام 2030، ولو فقط لسنوات قليلة.

غير أنه من الصعب جداً تصور فترة مستقبلية من تجدد القلق بشأن ندرة النفط من دون نمو متواصل للطلب من جانب الصين.

واختتم بريدي تقريره بالقول إنه من المحتمل أن تشعر دول خططت لأن تكون قادرة على إعادة ملء خزائنها من خلال فترة ندرة أخيرة وأسعار عالية، بخيبة أمل.

Advertisements

قد تقرأ أيضا