ابوظبي - ياسر ابراهيم - السبت 28 ديسمبر 2024 12:19 صباحاً - نجح القطاع المالي في دولة الإمارات، في تحقيق أداء استثنائي خلال السنوات الماضية، وحققت الدولة المركز الأول عالمياً في مؤشر توازن ميزانية الحكومة، والناتج المحلي الإجمالي، ضمن تقرير مؤشر الازدهار 2023.
وواصلت الإمارات جهودها الرامية لتعزيز مكانتها واحدة من أبرز الدول الرائدة في تبنّي التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، وذلك تماشياً مع رؤيتها الاستراتيجية للتحول الرقمي، وتعزيز الابتكار في هذا المجال الحيوي.
ووفق تقارير ودراسات دولية وإقليمية، حققت الإمارات تميزاً في تبنّي الحلول الذكية التي تهدف إلى تعزيز الكفاءة المالية، وتحقيق التنمية المستدامة، وأثبتت ريادتها العالمية في مجال الابتكار التكنولوجي بشكل عام، الأمر الذي أسهم في دفع المؤسسات المالية للاستفادة بشكل متزايد من الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وتعد الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، محورية في تعزيز تبنّي الذكاء الاصطناعي في العديد من قطاعات الصناعة، بما في ذلك التمويل.
استقرار الاقتصاد
وساهمت وزارة المالية بشكل فاعل في حصول الدولة على المركز الأول عالمياً بمؤشر «استقرار الاقتصاد الوطني»، وفق أحدث تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي، وتحقيق التقدم في مجال الاستدامة المالية للدولة، من خلال تسجيل ما نسبته 3.2% كنسبة زيادة في الإيرادات الحكومية خلال السنوات العشر الماضية، واستحداث مصادر جديدة للدخل، مثل منظومة الضرائب، حيث بلغت نسبة مساهمة الضرائب في الدخل 78% لعام 2021، وما نسبته 53% لعام 2022.
صدارة إقليمية
وتحتل الإمارات المركز الأول في قطاع الخدمات المصرفية في الشرق الأوسط، وتمتلك الحصة الأكبر من أصول البنوك في المنطقة، البالغة 3.2 تريليونات دولار أمريكي، وتقود التحول الرقمي السريع، ما يضعها في صدارة مشهد التحول المالي الإقليمي، بحسب تقرير حديث صادر عن «آرثر دي ليتل»، شركة الاستشارات الإدارية العالمية.
وتواصل الإمارات قيادة التحول الرقمي والشمول المالي في المنطقة، بدعم القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، التي باتت واضحة عبر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع المالي والمصرفي، بما يسهم في تعزيز نموها وازدهارها الاقتصادي، وترسيخ مكانتها الرائدة في القطاع المالي العالمي.
وتشير البيانات الرسمية، إلى أن دولة الإمارات أصبحت من الدول الفاعلة والسباقة، في ابتكار الحلول القائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئة حاضنة ومحفزة وداعمة لجهود تسريع التحول الرقمي، الذي تعمل من خلاله على زيادة نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2031.
التمويل الأخضر
وعززت دولة الإمارات ريادتها عالمياً في مجال التمويل الأخضر، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تبنّي مجموعة من السياسات والمبادرات الاستراتيجية الهادفة إلى زيادة الاستثمار في المشاريع المستدامة، ودعم الابتكار في هذا المجال.
وتعتبر الإمارات نموذجاً يُحتذى به في منطقة الشرق الأوسط في مجال تطوير التشريعات التنظيمية، التي تدعم التمويل الأخضر، ما أسهم في تعزيز مكانتها كمركز عالمي للاستثمار المستدام، وشجع على جذب الاستثمارات من أنحاء العالم المختلفة.
وأثبتت الدولة قدرتها على أن تكون في مقدم دول العالم في العديد من المجالات المرتبطة بحشد جهود تمويل مبادرات الاستدامة ومواجهة التغير المناخي، إذ تحتل الدولة المرتبة الأولى في المنطقة، والثانية على مستوى العالم، في حجم صكوك الاستدامة القائمة، بما يؤكد التزامها بدعم الاستدامة، كجزء من استراتيجيتها نحو النمو الأخضر.
الأسواق الإسلامية
في سياق متصل، كشف مصرف الإمارات المركزي، أن الإمارات تحتل المرتبة الرابعة بين الأسواق المالية الإسلامية الكبرى في العالم (من حيث الأصول)، حسب مؤشر تطوير المالية الإسلامية.
وفي تقرير المالية الإسلامية في دولة الإمارات، قال المصرف: «إن قطاع المالية الإسلامية نما بنسبة 11% خلال عام 2022، لتصل قيمة الأصول المالية الإسلامية العالمية إلى 16.5 تريليون درهم (4.5 تريليونات دولار)، وأن القطاع حقق زيادة بنسبة 69% على مدى 5 سنوات، ونسبة 163% على مدى السنوات العشر الماضية».
ويوضح التقرير أن المالية الإسلامية تطورت في دولة الإمارات، منذ تأسيس أول بنك إسلامي في عام 1975، من خلال عدة قطاعات، بما في ذلك الخدمات المصرفية الإسلامية، والتأمين التكافلي، والصكوك، حيث أصبحت المالية الإسلامية جزءاً أساسياً من القطاع المالي في الدولة، وذلك بفضل وجود بيئة رقابية قوية، توازن بين المتطلبات الرقابية والقانونية، وأحكام الشريعة الإسلامية.
ويشير التقرير إلى أن أصول المصارف والنوافذ الإسلامية في المصارف التقليدية، تمثل حالياً نسبة 23% من إجمالي الأصول المصرفية في الدولة، بعد أن حققت نمواً بنسبة 16% على مدى السنوات الخمس الماضية، كما يشهد سوق الصكوك توسعاً في الدولة، حيث طرحت الحكومة الاتحادية مؤخراً صكوك الخزينة الإسلامية بالدرهم الإماراتي، والتي قد تكون محفزاً للجهات الأخرى لإصدار صكوك إسلامية.
المتطلبات الشرعية
وذكر التقرير أن قطاع المالية الإسلامية في دولة الإمارات، شهد خلال السنوات الأخيرة تركيزاً أكبر على المبادرات المتعلقة بالمواءمة ومعايرة المتطلبات الشرعية، بهدف تعزيز الاستقرار والنمو.
وتوفير بيئة ملائمة لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة، إذ يمثل المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2022، بإصدار قانون المعاملات التجارية، إحدى الركائز الأساسية الداعمة لازدهار المالية الإسلامية، وتوجها نحو زيادة اليقين القانوني في معاملاتها وأنشطتها، لترسيخ الثقة بين جميع الأطراف ذات الصلة.
ولفت التقرير إلى أن قطاع المالية الإسلامية، لعب دوراً رئيساً، وبصورة متزايدة، في مجال الاستدامة على الصعيد العالمي، نظراً للتوافق والتكامل الكبيرين بين متطلبات الشريعة الإسلامية، وتطلعات أهداف التنمية المستدامة.
إصدارات الصكوك
وذكر البنك المركزي، أن سرعة نمو إصدارات الصكوك المتعلقة بالمسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة، تشكل أحد مؤشرات التطور السريع للمالية الإسلامية المستدامة، حيث بلغ إجمالي إصدارتها 120.3 مليار درهم، بحلول النصف الأول من عام 2023.
ونوه التقرير بأن التمويل المستدام شهد نمواً سريعاً في دولة الإمارات، منذ إصدار أول صكوك خضراء للدولة عام 2019، سواء من خلال أسواق رأس المال الإسلامية، أو التمويل الإسلامي، وأن إصدارات صكوك المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمية المستحقة في دولة الإمارات، شكلت نسبة 15% من صكوك المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمية العالمية.
التمويل المستدام
وبيّن التقرير أن مبادرات المصرف المركزي في مجال الاستدامة والتمويل المستدام، شملت إدراج معايير الاستدامة في إدارة الاحتياطي، ودعم التحول الرقمي في النظام المالي، والتحول الداخلي نحو الاستدامة، وإجراء اختبارات الضغط للمخاطر المتعلقة بالمناخ.
وبدء الإشراف على المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، والمراقبة الدقيقة لمعايير الاستدامة في القطاع المالي، وإطلاق مبادئ الإدارة الفعالة للمخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، وتطوير قطاع التمويل الإسلامي المستدام.
وأوضح أن الهيئة العليا الشرعية بالمصرف المركزي، شجعت المؤسسات المالية الإسلامية على القيام بدور فعال في التمويل المستدام، من خلال اتباع منهجية متوازنة لجوانبه البيئية والاجتماعية، إذ أصدرت في عام 2023 مبادئ إرشادية بشأن المالية الإسلامية المستدامة.
وأكدت على الأسس الشرعية والمنهج الفقهي لتضمين الاستدامة في المالية الإسلامية، كما نبهت إلى أن اعتبارات الاستدامة تدخل ضمن المسؤوليات الشرعية للملكية الفردية، التي توازن بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة، التي تشمل البيئة والمجتمع.
10 متطلبات
ولفت التقرير إلى أن الهيئة العليا الشرعية، أضافت 10 متطلبات وتوصيات من أجل مالية إسلامية مستدامة، وأن المصرف المركزي والهيئة، يواصلان العمل مع المؤسسات المالية الإسلامية في الدولة، من أجل تطوير هذا المجال.
وأشار إلى تطوير استبيان المالية الإسلامية المستدامة، بهدف تقييم الاستراتيجيات والممارسات والتوقعات الخاصة بالاستدامة المطبقة في المالية الإسلامية في الدولة، إذ كشف الاستبيان أن لدى 79% من البنوك الإسلامية ونوافذ الصيرفة الإسلامية في البنوك التقليدية استراتيجية للاستدامة، في حين أفاد 74% منها بأن استراتيجيتها حصلت على موافقة مجلس الإدارة.
وأكدت جميع البنوك الإسلامية أن لديها استراتيجيات قائمة للاستدامة، بينما لم يكن الحال كذلك بالنسبة للبنوك التقليدية ذات النوافذ الإسلامية، حيث إن لدى بعضها استراتيجيات قيد التطوير، أو في انتظار الموافقة الرسمية.