جانب من اجتماع مجلس الأمناء في دورته الأخيرة

كتب ناصر المحيسن - الكويت في السبت 20 مايو 2023 10:18 مساءً - دعا مجلس العلاقات العربية والدولية إلى مواجهة مخطط تفكيك العالم العربي، من خلال استراتيجية عربية موحدة، وبشكل يتجاوز النهج التقليدي، وإلى معالجة عصرية وعلمية حكيمة وكفوءة، تقوم على بناء مؤسساتي للعمل العربي المشترك، أخذاً بالاعتبار وبالأساس البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدول العربية الوطنية، على قاعدة المواطنة والمساواة والعدالة والحركة نحو الديموقراطية، وبما يحفظ النسيج الاجتماعي فيها.

Advertisements

والتأم مجلس الأمناء في دورته العاشرة في الأردن بتاريخ 17 و 18 مايو 2023، لمناقشة الأوضاع العربية والتطورات السياسية المتسارعة والمتلاحقة في العالم والمنطقة، التي شهدت استهدافاً عدوانياً مخططاً ومدروساً لتفكيك العالم العربي وشرذمته، بما قد يتجاوز الجرائم الاستعمارية على منطقتنا العربية، وبما يهدد دوله الوطنية ويستهدف سيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها، لاسيما ما يحدث الآن في سورية والعراق ولبنان واليمن والسودان وليبيا وتونس، وكل ذلك في ظل غياب موقف رسمي عربي يتعامل مع هذه التهديدات، وكذلك أهمية بناء وعي شعبي ومؤسساتي، يدرك ما يحاك ويدبر وينفذ، من تقطيع أوصال الأمة وشرذمة كياناتها السياسية، ليكون هذا الوعي السند الأساسي لموقف عربي قوي، قادر على الدفاع عن المصالح العربية المشتركة.

وفي هذا الصدد يمكن إيراد المعطيات والاعتبارات التالية:

1- الترحيب بالانفراجة في العلاقة الإيرانية وبالانفتاح في العلاقات الإقليمية وما يؤمل من تأثيره الإيجابي على مجمل الأوضاع في المنطقة، ويضع حداً واضحاً وصريحاً ودائماً لأي تدخلات سلبية في الشؤون العربية أو في استباحتها سيادة الدول العربية.

2- الترحيب بعودة سورية للعمل العربي المشترك في إطار حل سياسي مدروس ومتدرج وشامل ( طبقاً لبيان عمان المؤرخ في 1 مايو 2023)، بما يحقق معالجة شاملة للأزمة السياسية، ويكفل المشاركة السياسية لجميع أبناء الشعب السوري، والعودة الآمنة لجميع المهجرين إلى مدنهم وقراهم، والكشف عن الضحايا والمفقودين وتعويض المتضررين.

3- ضرورة التصدي بحزم وطبقاً للقرارات الدولية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأكيد المسار الذي أقرته المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت عام 2002، وربطه بمسار استعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعه وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية المحتلة.

كما يستنكر المجلس كافة التسويات والمشاريع، الرامية لاضفاء الشرعية على الجرائم العنصرية لسياسة الابارتايد الأسرائيلية الهادفة إلى تمكين النظام اليميني المتطرف في إسرائيل من القضاء على حل الدولتين وعلى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

كذلك يؤيد المجلس الجهود الفلسطينية لطرح الممارسات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، على المحاكم الدولية، تأكيداً لعدم مشروعيتها.

4- يحيي المجلس انعقاد القمة العربية في جدة، ويدعوها إلى العمل على تجاوز الخلافات الثنائية والعمل على تحقيق صلابة ومتانة منظومة العمل العربي المشترك، وتمكينها من التصدي للأزمات التي تعصف بكثير من البلدان العربية، وتهدد بتقسيمها وتفتيتها ما يتيح للقوى الأجنبية والإقليمية السيطرة على العالم العربي ونهب ثرواته. كما يجب لتحقيق هذا الهدف، التصدي وبوضوح لقوى ولعوامل التدخل والتخريب والمغامرات والتي تحركها أهداف ومطامع سوف تنعكس دماراً شاملاً لن يكون أحد في منأى عنه.

5- يرى المجلس أن التحديات الآنية والمستقبلية، والمسكوت عنها الآن اما ضعفاً وقلة حيلة واما جهلاً وقلة تدبير، لن تكون أقل كارثية مما سبق أن عانت منه المنطقة والشعوب العربية، ويأتي على رأس ذلك غياب الرؤية العميقة للأخطار التي تهدد اعتبارات الأمن القومي العربي الاستراتيجي الشامل، وعلى رأسها تنافس القوى الكبرى على السيطرة والهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على العالم، وبروز التكتلات والكيانات والدول الطامحة لزعامة العالم، مع استمرار محاولات السيطرة على الموارد الطبيعية، التي تزخر بها منطقتنا ودولنا العربية، والتي تؤهلها لتكون ساحة الصراع والنزال في العقود القريبة المقبلة.

6- يحذر مجلس العلاقات العربية والدولية بشدة من تسارع وتنامي أخطار وجودية، لم يضعها صانع القرار العربي في حسابه الجاد والبعيد المدى، كالأمن المائي والغذائي، فضلاً عن الأمن السيبراني، والذي لا تمتلك مؤسساتنا المختصة إلا القدر اليسير منه كما لا يصح أن تتخلف المنطقة العربية عن ضمان الحد الأدنى من الأمن الاستراتيجي في ظل تسابق الدول الإقليمية المحيطة على اقتناء القدرات النووية العلمية والعسكرية ما يخل بشدة بالتوزان العسكري والأمني، خصوصاً في ظل سياسات وممارسات ازدواجية المعايير.

7- يدين المجلس بصفة خاصة ما يجري في السودان من مواجهات تهدد وحدة البلاد وسلامة أراضيه وحقوق شعبه، وتدعو الى دعم كافة الجهود الدولية والأفريقية والعربية للاحاطة بالآثار الخطيرة التي تهدد السودان. ويدعو السودان دولةً وشعباً للاستعداد للعودة السريعة والناجزة إلى الحكم المدني، طبقاً للاتفاقيات المعقودة في هذا الشأن من أطراف المعادلة السودانية.

واعتبر المجلس أن بيانه ما هو إلا تعبير صارخ عن فداحة الأخطار وعمق التحديات، وعظم المسؤوليات وضخامة حجم العمل المطلوب، بالتوازي مع التسارع الهائل والخطير للتطورات والتحولات الدولية والإقليمية وشمولياتها مقابل البطء او حتى اللافعل العربي غير المفهوم، مطالباً بتعبئة الجهود العربية بالتحالف مع الدول الصديقة والمتصالحة والملتزمة بمبادئ القانون الدولي وميثاق وقرارات الأمم المتحدة، التي توقف تدهور الأمور عالمياً واقليمياً.

أخبار متعلقة :