كتب ناصر المحيسن - الكويت في الأحد 4 أغسطس 2024 01:54 مساءً - لا يمكن أن نتحدث عن ذكرى غزو الكويت في 2 أغسطس 1990، دون الحديث عن ذكرى تحرير الكويت 26 فبراير 1991، وبين التاريخين عنوان كبير «الأخطار العظيمة والدروس الكبيرة»، ورغم مرور 34 عاماً، إلا أن توابع زلزال غزو العراق للكويت، لا تزال مستمرة حتى الآن.

Advertisements

كانت القاهرة في ذلك الوقت، تحتضن المؤتمر الإسلامي في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر. أُلغي المؤتمر وعقدت القمة العربية الطارئة وناشدت صدام حسين بالانسحاب، واتجهت العيون والقلوب صوب الكويت.

فتحَ صدام جرحاً عربياً غائراً، لم يندمل حتى الآن، بعد أن صار العدو هو الأخ الشقيق والجار، وتلقى مفهوم الأمن العربي المشترك طعنة غادرة في القلب، وتدفع المنطقة ثمن خطيئته الكبرى، وكل الجروح تطيب بمرور الوقت، إلا هذا الجرح.

قبل الغزو بشهرين، كانت الخدعة الكبرى، عندما دعا صدام إلى قمة عربية في قصره ببغداد، وظن أنه الأذكى، ويستطيع أن يتحايل على الجميع، وارتدى ثوب العروبة في الحديث عن شعارات نضالية، وقال كلاماً هو الأعظم في تاريخ العمل العربي المشترك، واتخاذ التدابير التي تواجه الأمن القومي العربي، لكنه كان مثل الثعالب الماكرة.

وقرّر صدام أن يسالم إيران ويغلق جبهتها، ولم يكن ذلك من أجل صالح العرب كما زعم، ولا من أجل السلام مع إيران، ولكنه كان يمهد الأجواء لغزو الكويت، فأطلق سراح الأسرى الإيرانيين، وظن أن الطريق إلى الكويت أصبح مفروشاً.

وقبل الغزو بشهر واحد، جلس صدام مع السفيرة الأميركية في بغداد «جلاسبي» ونصبت له المصيدة، وقالت له كلاماً غامضاً حول حياد أميركا، فهم «هو» منه، أن واشنطن لن تتدخل ضده إذا قام بغزو الكويت، واستعرض عضلاته العسكرية، وجيشه البري، الذي زعم أنه يستطيع أن يغرق جيوش الغرب في مياه الخليج، فابتلعته رمال الصحراء، وتمكن الشيطان من رأسه حتى قدميه، ولم يستجب لأي نداء بحقن الدماء، وصمم على استمرار العدوان، حتى لقي مصيره، وترك المنطقة تنزف دماً، حتى الآن.

تحية لشعب الكويت في هذه الذكرى الأليمة، والشعوب المؤمنة بأوطانها تقدم أرواحها ودماءها دفاعاً عنها، ولم يفقد أبناء الكويت الأمل لحظة، في أن تعود أعلام بلدهم ترفرف فوق قلاعها ومبانيها، وأن يعزف السلام الوطني الكويتي، وليس سلام الصدام.

* رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر

أخبار متعلقة :