الارشيف / حال الكويت

أحمد المليفي

أحمد المليفي

كتب ناصر المحيسن - الكويت في الثلاثاء 25 يوليو 2023 10:32 مساءً - اعتبر وزير التربية والتعليم العالي الأسبق الدكتور أحمد المليفي، أن مشروع قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة المقدم من الحكومة، رغم ما احتواه من إيجابيات، إلا أنه لم يتصدَّ للسلبيات الحقيقية، وأبرزها عدم تحديد جرائم الشرف والأمانة وحسن السمعة الحارمة للانتخاب أو المسقطة للعضوية، ومد الفصل بالطعون إلى ما بعد انعقاد الفصل التشريعي الجديد، وغياب التصدي لإجراءات الطعن على مراسيم الحل، وكذلك إغفال حكم المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية للمجلس في شأن شروط إسقاط العضوية.

وفي ورقة تحليلية ضمّنها إيجابيات المشروع وسلبياته، اعتبر المليفي أنه يحمل تعديلات مهمة وجوهرية لتنظيم العملية الانتخابية، على رأسها إنشاء مفوضية عامة للإشراف وتنظيم العملية الانتخابية، معرباً عن الأمل في أن تتولى لجنة الشؤون الداخلية والدفاع ومجلس الأمة، إجراء التغييرات المطلوبة لمعالجة الثغرات، بما يحقق المصلحة العامة.

وخلص إلى وجود 8 إيجابيات و5 سلبيات في المشروع.

مواكبة التطور لسد الثغرات

بدأ المليفي الورقة بإيراد ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع وهو «أن القانون 35 /1962 في شأن انتخابات مجلس الأمة، أجريت عليه العديد من التعديلات جعلت من فهم نصوصه وإدراك معانيه أمراً قد يثير الكثير من اللبس والصعوبة في تطبيقه، الأمر الذي جعل من تقديم قانون جديد يواكب التطور والتقدم في صياغة التشريعات أمراً مستحقاً لسد الثغرات، حرصاً على توفير المزيد من الشفافية والنزاهة الواجب توافرهما في إجراءات العملية الانتخابية، وليكون اختيار أعضاء مجلس الأمة تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب وتطلعاته الوطنية».

وطرح سؤالين، هما:

1 - هل هذا المشروع الذي تقدمت فيه الحكومة يحقق التطور المطلوب للعملية الانتخابية؟

2 - هل هذا المشروع يعالج المثالب ويسد الثغرات التي صاحبت العمليات الانتخابية السابقة؟

في محاولة الإجابة عن ذلك، تحدث المليفي عن إيجابيات المشروع وسلبياته، «والتي نستطيع من خلالها الوصول إلى إجابة عن الأسئلة المطروحة».

وقال: «بادئ ذي بدأ يجب أن نشيد بمبادرة الحكومة في تقديم المشروع الذي طال انتظاره، وأصبح من استحقاقات المرحلة الجديدة، وهي بذلك تعد خطوة في الطريق السديد، فالحكومة تملك كل الإمكانيات الفنية والإدارية لتقديم مشاريع القوانين التي تحتاجها البلاد، لإدارة وتسيير المرافق العامة والحياة الخاصة، فهي الأعلم بمواطن الخلل من غيرها، والأكثر تجرداً في تلمس المصلحة العامة».

وأشار إلى أنه «لتحقيق ذلك يجب أن يكون جهازها الفني من قانونيين وسياسيين واقتصاديين على مستوى عالٍ من الكفاءة والوطنية لتحقيق ذلك، بعيداً عن الانحراف التشريعي والمصالح المتضاربة».

الإيجابيات

1 - في مادته الثانية، أنشأ المشروع المفوضية العامة للانتخابات لكي تتولى الاشراف على الانتخابات وتنظيم العملية الانتخابية، بالتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالانتخابات. وهي خطوة متقدمة طال انتظارها.

2 - من الاختصاصات المهمة للمفوضية التي أشار لها البند 4 من المادة 3، تكليف المفوضية بوضع القواعد المنظمة للدعاية والنفقات الانتخابية، ومبلغ الحد الأعلى لتمويلها والإنفاق عليها، وقواعد توزيع الوقت المتاح للبث في وسائل الإعلام المرئي والمسموع على أساس المساواة، وبمراعاة عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأي مرشح أو ناخب، والالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية، عدم استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. وهي خطوة متقدمة تضبط عملية الصرف على الدعاية الانتخابية ومسارها.

3 - التأكيد على أن الموطن الانتخابي يعتمد على العنوان الثابت في البطاقة المدنية الذي يجدد كل شهر من خلال الهيئة العامة للمعلومات المدنية بما يمنع عمليات النقل الصوري والوهمي.

4 - ثمة قفزة كبيرة في الفقرة الثانية من المادة 4 لتطوير العملية الانتخابية، بمنح المفوضية الحق في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة المؤمنة في كل أو بعض مراحل الانتخابات، وهذه القفزة ستسمح باستخدام التصويت الآلي والفرز الآلي بما يُسرّع العملية الانتخابية، ويحقق دقة الفرز. كما يمكن أن يكون نواة للسماح بالتصويت لمن هم خارج البلاد بالتعاون مع السفارات والملحقيات في الخارج.

5 - خيراً فعل المشروع عندما أضاف رد الاعتبار لكل الجرائم المانعة من الانتخابات فالتحريم المؤبد غير مشروع.

6 - نص المشروع في المادة 22 على أن رسم الترشيح يكون ألف دينار، وهي زيادة مستحقة لتساهم في منع كل من يريد أن يسجل اسمه فقط من أجل الظهور الإعلامي، الذي أساء من خلال التجربة الى العملية الانتخابية. فالرسم الجاد يجعل الترشيح جدياً وليس عبثياً، وإن كنا لا نرى مانعاً من زيادتها.

7 - في المادة 28، حوّل قرار وزارة الإعلام بتحديد الصمت الانتخابي قبل موعد الانتخابات بـ24 ساعة إلى نص قانوني تترتب عليه عقوبة محددة، وهو اتجاه صحيح، وإن كنا نحبذ بزيادة فترة الصمت الانتخابي إلى 48 ساعة.

8 - أضافت المادة 37 تنظيماً جديداً لساعات العملية الانتخابية فجعلته أكثر مرونة، كما جعلته أكثر مواءمة في رمضان ليكون من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الساعة الحادية عشرة مساء.

السلبيات

1 - أغفل المشروع وضع عقوبات على بعض الالتزامات في حال انتهاكها، مثل انتهاك الفقرة 4 من المادة 3 من المشروع.

فما العمل إذا حددت المفوضية سقفاً أعلى للتمويل، ثم تم اكتشاف أن هناك مرشحاً قد خالف هذا النص؟ ما هي العقوبة؟ كذلك مخالفة نص المادة 27.

ولم ينص المشروع في باب العقوبات على عقوبة نتيجة لهذه المخالفات، لذلك وجب تدارك ذلك.

2 - من المآخذ على النظام الانتخابي القائم عدم تحديد جرائم الشرف والأمانة وحسن السمعة التي تحرم من الانتخاب أو تسقط العضوية، وقد انتهج المشروع ذات النهج السابق، وترك تحديد هذه الجرائم، ما سيؤدي الى عدم الوضوح وتعدد الاجتهادات وتوسع الخلافات.

لذلك نرى أن تكون الجرائم المانعة من الانتخاب والمسقطة للعضوية محددة على وجه الحصر والتعيين لا اجتهاد فيها.

3 - تمثل الطعون الانتخابية واحدة من أهم الانتقادات للنظام الانتخابي القائم. الفصل فيها يتراخى إلى ما بعد انعقاد الفصل التشريعي الجديد، ويستمر النائب أو النواب المطعون بصحة انتخابهم في ممارسة العمل البرلماني عدة أشهر، لحين الفصل في الطعون الموجهة لهم. وفي هذه المدة يتخذون قرارات مهمة، منها انتخاب الرئيس ونائبه. كذلك التصويت على التشريعات والمشاركة في الاستجوابات.

للأسف، المشروع لم يتصدَّ لهذه الإجراءات بإعادة التنظيم متجاوزاً سلبياتها الظاهرة للعيان، بل جاءت المادة 50 مكرسة لهذا الوضع.

لذلك كان على المشرع أن يعيد تنظيم عملية الطعون الانتخابية – خاصة أنها أصبحت مقتصرة على إعادة العد والتجميع - بحيث يتم الطعن والانتهاء منها خلال الفترة التي تسبق دور الانعقاد الأول، وهي مدة أسبوعين كافية للفصل في هذه الطعون.

4 - لم يتصدَّ المشرع لإجراءات الطعن على مراسيم الحل، وهي كذلك من السلبيات التي ظهرت في العملية الانتخابية، وكان على المشروع التصدي لها وحسم أمرها قبل الدعوة للانتخابات، خاصة أن المحكمة الدستورية قد اعتبرت أن مراسيم الحل تدخل من ضمن إجراءات العملية الانتخابية.

5 - في المادة 59 من المشروع، نص على أن تسقط عضوية عضو مجلس الأمة، إذا فقد شرطاً من شروطها، أو تبيّن أنه فاقدها قبل الانتخابات بقرار من المجلس.

وهو بذلك أغفل ما انتهى إليه حكم المحكمة الدستورية 6 / 2018، القاضي بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، التي انطوت على حكم شامل لجميع حالات فقدان عضو مجلس الأمة لأحد الشروط التي ينبغي توافرها في العضو، بما في ذلك فقده شرطاً من الشروط كأثر حتمي لحكم قضائي بات، بحيث جعلت ذلك رهيناً بمشيئة المجلس وقراره.

وهو ما اعتبرته المحكمة الدستورية عواراً دستورياً لحق بنص المادة 16 لانطوائها على تدخل سافر من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية، والمساس باستقلالها، وإهدار لحجية الأحكام القضائية، والنيل من مكانتها، والاحترام الواجب كفالته لها، باعتبارها عنواناً للحقيقة، وتعطيلاً لآثارها، مما يتنافى مع مبدأ فصل السلطات، ويمثل خرقاً لأحكام الدستور لمخالفته المادتين 50 و163 منه.

لذلك كان على المشرع وهو في طور تعديل القانون، التصدي لهذا الوضع، مهتدياً ومقتدياً بما انتهى إليه حكم المحكمة الدستورية.

Advertisements

قد تقرأ أيضا