كتب ناصر المحيسن - الكويت في الخميس 13 يوليو 2023 10:07 مساءً - وصف مقرّر لجنة الإسكان والعقار البرلمانية النائب الدكتور عبدالعزيز الصقعبي، القضية الإسكانية في الكويت بـ«الجوهرية والمحورية» التي تهم كل مواطن وأسرة كويتية، مؤكداً أنه «لو أجرينا استطلاعاً سريعاً في المجتمع لجاءت في المرتبة الأولى، إذ أثقلت كاهل الأسر. فوفق الإحصائيات الرسمية يذهب 33 في المئة من راتب الأسرة للسكن سواء لدفع الإيجار أو بناء البيت، وهذا يشكّل هاجساً لكل من يقبل على الزواج».
وفي الحلقة الأولى من برنامج «على جدول الأعمال» على «الراي»، قال الصقعبي إن «المشكلة في هذه القضية هي مشكلة سيولة، وليست مشكلة أراضٍ كما يعتقد البعض، حيث يتم تداول ذلك في الدواوين، وهذا غير صحيح. فنحن لا نحتاج إلى أرض تتضمن 1000 أو 2000 وحدة سكنية، فلدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية اليوم من الأراضي الجاهزة والمعتمدة تراخيصها من قِبل البلدية والمجلس البلدي ما يقدر بـ220 ألف وحدة سكنية، والمشكلة في عدم وجود السيولة الكافية لاستصلاح هذه الأراضي حتى تكون صالحة للسكن».
تفكير مختلف
قال النائب الدكتور عبدالعزيز الصقعبي إنه «لم تعد هناك ضواحٍ ذات ألفين وثلاثة آلاف وحدة، حتى تحتاج إلى 100 أو 200 مليون دينار وإنما نتكلم اليوم عن 90 ألف طلب إسكاني، ومدن سكنية قوامها 30 و40 و50 ألف وحدة سكنية، تحتاج إلى ما بين 3 و4 مليارات دينار، قد نأخذها من الخزينة العامة لكن لن تستطيع الدولة في ظل الميزانية المهزوزة».
وأوضح أن «الدولة غنية ولديها استثمارات خارجية وصندوق سيادي يعتبر الأكبر على مستوى العالم، لكن الميزانية الحالية مهزوزة، لأن 90 في المئة منها يعتمد على البترول، فإذا ارتفع ارتحنا وإذا انخفض دخلنا في أزمة».
وأشار إلى أن «الدولة في ظل هذا الوضع تضطر إلى تقسيم السيولة على 7 أو 8 سنوات غير تلك التي ينتظرها المواطن، لذلك نجد أن قوائم الانتظار تبلغ 15 و20 و25 سنة وفي ازدياد»، متسائلاً «إذاً، أين نسير؟ هل نستمر بهذه الطريقة التي ستسبب لنا أزمة؟».
وأكد أنه «كان من الواجب أن نفكر بطريقة مختلفة نخرج فيها من الصندوق، حيث يجب أن تتطور فلسفة الإسكان الحكومي.
القطاع الخاص يجب أن يدخل بملياراته وملايينه، ويكفي منحه الأراضي المجانية من أملاك الدولة يستثمر فيها من 30 إلى 50 سنة من دون أن تحصل الدولة منه على مقابل»، مشدداً على «ضرورة أن يدخل شريكاً في القضية الإسكانية، بأن يأخذ الأرض يستثمر فيها مقابل استصلاح البنية التحتية للمساكن».
شراكة ثلاثية
وذكر الصقعبي أن «الحكومة كانت تبحث عن الحل الأسهل، من خلال إدخال القطاع الخاص وبيع الأراضي بمزاد علني عام، تأتي فيه الشركات لاستصلاحها وإنشاء وحدات سكنية تبيعها للمواطن، لكن هذا المقترح مرفوض، لأن أي مواجهة بين التاجر وبين المواطن، فإن الخاسر غالباً ما يكون المواطن، فهي مواجهة غير متكافئة، ولا يمكن أن نترك المواطن رهن المصلحة التجارية».
وأضاف: «لذلك كان مشروعنا البديل هو قانون المدن الاسكانية الذي يدخل القطاع الخاص فيه بشراكة ثلاثية فاعلة مع الدولة والمواطن. والأخير لديه أسهم في هذه الشركة حيث يحصل على السكن بسرعة، ويكون مستثمراً في مدينته وأي حراك استثماري فيها يكون له نصيب من الربح كونه شريكاً لديه أسهم في هذه الشركة. وقد يقول القطاع الخاص ما المقابل لأن أقوم باستصلاح هذه الأراضي؟، نقول له استثمر فيها، لكن استثمارك لن يكون مجاناً، كما كان في السابق، فالمدينة ليست ضاحية صغيرة وإنما منطقة ضخمة تحتاج إلى مناطق تجارية وحرفية وخدمية وصناعية، وهذه تشكل نحو 30 إلى 50 في المئة من الاستثمار، وهذا تحدده دراسة الجدوى ليكون ربحاً للقطاع الخاص إزاء استصلاحه الأراضي».
وزاد الصقعبي: «وفّرنا على الدولة أيضاً، حيث أصبحت شريكاً في هذا الاستثمار طويل المدى، وقد تحصل منه على المليارات. والمواطن قد يحصل أيضاً بالإضافة إلى السكن الذي حصل عليه في أسرع وقت، فهي معادلة الكل يربح فيها المواطن والتاجر والدولة».
خيارات المواطن ولفت إلى آلية توزيع البيوت على المواطنين، موضحاً أن «ذلك يتم وفق الطريقة التقليدية أو طريقة جديدة، إما أن تأخذ الأرض ومعها القرض، أو الشركات الضخمة تبني الوحدات وتسلم البيوت بالمفتاح... نماذج من 400 متر، يختار المواطن منها الذي يناسبه وفق عدد الأسرة، والاختلاف في الأسعار يكون في نسبة البنيان ويتم ذلك كله بمتابعة الدولة».
وأكد أن «الحكومة تجاوبت بشكل إيجابي مع المشروع، وقد أدركت أن خيارها السابق غير مقبول شعبياً ونيابياً وحتى فنياً، في ظل ضعف الرقابة على القطاع الخاص. وقد توافقت الحكومة معنا على هذا القانون، وصوتت معنا في المداولة الأولى في المجلس المبطل، وكان هناك إجماع، لكن المجلس أبطل، واضطررنا إلى تقديم القانون في المجلس الحالي، (وتم إقراره بالمدوالتين في الجلسة أمس)، وإن شاء الله يكون باب خير للشباب الكويتي وبداية لإصلاح الملف الإسكاني».
قانون يحتاج إلى... قانون
أكد الصقعبي أن «قانون المدن الإسكانية يحتاج إلى قانون آخر نعمل عليه الآن، وهو قانون استدامة القروض الاسكانية، لتلافي تشتت الأسر من خلال رهن البيوت من قبل الممول (البنوك). فستكون هناك استفادة ثلاثية من القانون، للتاجر والمواطن والدولة ممثلة في بنك الائتمان، فأراضٍ من غير تمويل قروض لن تجدي، وتمويل قروض من غير أراضٍ لن يجدي أيضاً».
المواطن يختار ما يناسبه
لفت الصقعبي إلى أن «الشركات ستقدم نماذج مختلفة من الوحدات السكنية باختلاف نسب البنيان، والمواطن يطلع على النماذج المعروضة، ويختار النموذج الأنسب له على أرض الواقع، تحت إشراف المؤسسة العامة للرعاية السكنية»، موضحاً أنه «لن يكون النموذج من تصميم المواطن 100 في المئة، لكن إلى حد كبير يختار النموذج الذي يناسبه، وهناك فرق شاسع بين هذا المشروع ومشروع البيوت الحكومية الجاهزة».
أملاك الدولة... كنز
وصف الصقعبي أراضي الدولة بأنها «مورد يضاهي المورد النفطي، وهي كنز لو أحسن استغلالها لتحققت النهضة التنموية من خلال مشاركة القطاع الخاص في بناء المجمعات التجارية والجامعات والمستشفيات مع استصلاحه البنية التحتية للأراضي السكنية، مقابل هذه الخدمات التي يعملها القطاع الخاص يحصل على سنوات أكثر للاستثمار».