المنامة - كتب محمد محروس في الخميس 1 فبراير 2024 04:05 مساءً - الأسابيع الماضية حملت عدة حالات جدال ومناقشات مكوكية بين فئتين في المجتمع فئة تجد أن تغيير موعد الإجازة الأسبوعية من الجمعة والسبت إلى السبت والأحد هو الأفضل وفي المقابل فئة تجد أن الوضع الحالي هو الأنسب للمجتمع البحريني الذي تحكمه عدة أمور مثل الدين والأعراف.
وفي خضم هذه السجالات طرحت رأياً مغايراً تماماً عن الجميع، بأن تكون الإجازة في «الثلاثاء والأربعاء»، لماذا! حتى نفسح المجال للسياح والزوار في الاستمتاع بأيام «الجمعة والسبت وحتى الأحد» دون أن نزاحمهم ونستمتع نحن في أيام عطلتنا الأسبوعية دون زحام. طبعاً كان هذا طرحاً استعباطياً بسبب تأزم الآراء والتعنت.
لِنَعُدْ للوراء قليلاً، وبالتحديد في 2 سبتمبر 2006، الذي كان أول «سبت» تطبق فيه الإجازة الأسبوعية في مملكة البحرين بعد قرار مجلس الوزراء في 30 يونيو 2006، ووقتها وكما أذكر كانت الإشادات والمباركات بهذه الخطوة تملأ الصحف المحلية، كل التجار ورجال الأعمال أجمعوا بأن ترحيل الإجازة من الخميس إلى السبت ستكون له آثار إيجابية على الاقتصاد وخاصة على القطاع الخاص والمالي بحيث ستكون البحرين متصلة بالعالم أكثر من السابق! وفي نفس الوقت تقبل المجتمع القرار دون شوشرة أو اعتراض فالسبت مثل الخميس بالنسبة لهم.
وبعد 18 عاماً، ظهرت فكرة تغيير الإجازة من اليوم الأساسي في حياة المجتمع «الجمعة» إلى الأحد، وجعل يوم الجمعة نصف يوم للعمل أي ما قبل صلاة الجمعة، لتعود معها أسطوانة بعض التجار ورجال الأعمال بنفس الكلام الذي أصبح جزءاً من الفلكلور الشعبي، «الأسواق العالمية، قطاع المال، البورصات»، على الرغم من أن كثيراً من أصحاب الاختصاص في مجال الاقتصاد والمال كانت لهم آراء واقعية ودقيقة بينت أن العمل من صباح الجمعة حتى الظهيرة لن يخدم الاقتصاد والقطاع الخاص وقطاع المال بشيء، ففي هذه الفترة أيضاً الأسواق العالمية في وضع النائم.
الأسواق الأمريكية تبدأ عملها حسب توقيت مملكة البحرين في الساعة 4:30 عصراً، أي أن نصف يوم عمل انتهى قبل أن يتم الاتصال بالعالم الخارجي! فلا أظني أن عذر الاقتصاد والأسواق مبرر قوي الآن.
ومن ناحية المجتمع البحريني وفي مختلف فئاته أعتقد وكما يبدو فإن الضرر سيكون أكبر من النفع، الجميع يعلم بأن فترة ما قبل صلاة الجمعة ستكون خالية من الإنجاز في دوائر العمل، أولاً لقصر الوقت ووجود مبرر شرعي لخروج الجميع للصلاة. كما أن تحصيل الطلبة سيكون بمثابة يوم أقل من السابق وسيترتب عليه ضغط أكبر على الكادر التعليمي لسد وتعويض هذا اليوم عن طريق تكثيف المواد.
مثل هذا القرار المهم لا يتخذه أي شخص عادي في المجتمع حتى لو كان نائباً، فمثل هذه الأمور تحتاج أن تعرض على جهة تقييم الأمر من ناحية علمية وميدانية، جهة مثلاً مثل «دراسات» تقدم دراسة مفصلة للآثار المتوقعة على المجتمع قبل الاقتصاد وعلى العمل قبل الإجازة، لا أن ننسخ أعذاراً قدمت قبل 18 عاماً مع هذه المقترحات.
موضوع العالم الخارجي والمال والأعمال يمكن حله بأساليب وطرق بسيطة لا تحتاج أن تربك المجتمع وتغيير نمط حياتهم من أجله، فقط أضف يوم عمل إضافياً للجهات التي يستلزم أن تكون متصلة بالعالم في يوم «الأحد» أو اجعل عملهم في أوقات مختلفة تناسب حاجتهم للعالم الخارجي كما يدعون. المصارف لديها إدارات تتولى الاستثمار والعمليات الخارجية لا يعيقها يوم جمعة أو سبت بل تعمل حسب المشاريع.
وفي الأخير سؤال مهم يجب أن نردده بصوت عالٍ حتى نساعد أنفسنا والنواب والحكومة على فهم هذا الأمر، هل القطاع العام «الحكومة» والمدارس والطلبة يهمهم البقاء على تواصل مع السوق العالمي الغربي؟