احتفظت الإدارة الأمريكية بتلك المعلومات لنفسها وأغمضت عينها طوال السنوات السابقة، وهي تراها تكبر وتتوسع وتتابع كل السفن التي أدخلت الصواريخ والمسيرات وتخزنها وسكتت عنها، وهي تستهدف السعودية تارة والإمارات تارة والبحرين تارة عبر القصف المباشر أو عبر دعم كوادرها.
لم يكن يعني للولايات المتحدة الأمريكية حينها أن تردع تلك الأذرع الإيرانية وهي تتوسع وتخلق الفوضى في منطقتنا، لم يعنها في ذلك الوقت توسع النفوذ الإيراني مادام الأمر بعيداً عن إسرائيل، وعملت على إضعاف السلطة الفلسطينية، ولم تبال بتقوية الجناح الفلسطيني المدعوم إيرانياً مادام يستهدف هو الآخر السلطة الفلسطينية، إلى أن (تمادت) تلك الميليشيات وبدأت تخرج عن الإطار المسموح به، وهنا جرى التحول وفتح بنك الأهداف على مصراعيه وبدأ القصف المتوالي الواحد بعد الآخر، غارة على سوريا وغارة على الجنوب اللبناني ومسيرات تصل إلى باب الدار كما يقولون، عدد الذين قتلوا من القيادات الإيرانية في المنطقة في الشهرين الأخيرين وحده يدلك على مدى اطلاعهم ومتابعتهم المتابعة اللصيقة.
سهولة الوصول للقيادات العسكرية الإيرانية ولعملائها في لبنان وسوريا دليل على علمها المسبق بكل تحركاتهم ودليل على إمكانية استهدافهم لو أرادوا الاستقرار للمنطقة وإنهاء النفوذ والإرهاب الإيراني فيها منذ زمن، ودليل على حجم التخادم الإيراني الأمريكي في ظل سيطرة الديمقراطيين، والاتفاق فيما بينهما على خطوط التماس المسموح بها، لذلك كان اغتيال قاسم سليماني خروجاً عن تلك الخطوط قام به ترامب رغم اعتراضهم.
حين وصلت إيران لباب إسرائيل هنا تحول الموقف، فالحوثي ليس إرهابياً مادام يقصف السعودية، لكنه إرهابي حين يستهدف الاقتصاد الإسرائيلي، الحوثي لم يكن يهدد أمن الممرات المائية وهو يلغمها ويستهدف السفن فيها لكنه إرهابي الآن.
تركت الأذرع الإيرانية لتكبر وتتوسع وتقوى وتتمكن بعلم ودراية واطلاع دقيق من كل من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية حين يتعلق الأمر باليمن، والتي رفضت تبادل المعلومات وتصدت للتحالف العربي حين وصل للحديدة ومنعته من تحريرها من الحوثي.
الآن تعالج الإدارة الأمريكية أضرار سوء تقديرها وضعف رؤيتها وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعتها وبخطاب يتحدث عن أمن المنطقة وحماية الازدهار والاستقرار فيها، في حين أنه لولا دعمها وتغاضيها المقصود لحماية الأذرع الإيرانية طوال السنوات السابقة لم نكن لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم.