عُرِفت البحرين عند العمالة الرخيصة بأنها الدولة الأكثر سهولة في الحصول على إقامة، وفي الحصول على عمل، وفي الحصول على سجلات تجارية، وفي الحصول على رخصة سياقة.. مع نظام وتشريعات حامية ومحصنة أحياناً، وسفارات تتمتع بسلطات لا تجدها في دول أخرى.. هذه السهولة المحدودة الضوابط للأجنبي من يستفيد منها؟
فهم مستهلكون أكثر مما هم منتجون، مستهلكون للطاقة وللدعوم وللخدمات، ويشكلون زحاماً في الشوارع وفي مواقع الخدمات وضغطاً على البنية التحتية، ويؤثرون على مستوى النظافة والفوضى في الشوارع والأماكن العامة والأمن، ويتشاركون في كل مصاريفهم، ويرسلون أغلب ما يجنُونه إلى الخارج.
فهل هذه هي البحرين التي وضعنا لها الرؤية 2030؟ أذكر حينها أنه تم استعراض نموذجين لطبيعة العلاقة بين الدول والعمالة الأجنبية، وأن البحرين اختارت أن تقلل من العمالة الرخيصة (أعني مهارياً لا إنسانياً) وتتجه إلى استقدام العمالة ذات المهارات العالية والنوعية، أما الأعمال التي يمكن للآلة أن تحل بها محل العمالة الرخيصة فإن البحرين ستتجه إليها، وتقلل من حاجتها إلى تلك النوعية، وقُدِّم لنا عرض كيف يمكن لآلةٍ واحدة أن تغْني عن مئاتٍ من تلك العمالة خاصة في قطاع الإنشاءات، وهي أكثر القطاعات جلباً لتلك النوعية، وكذلك في أعمال النظافة وغيرها.
ما حدث هو العكس تماماً؛ فقد ساهم التوجه العام في فتح الباب للأجانب دون قيود بشكل جعل من البحرين جنّة لهم، وإلى درجة أن بعضهم ممن يقيم في دول الجوار يأتون للبحرين لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية أو الولادة هنا!! وإعلانات التوظيف في الدول الآسيوية تضع هذه الميزات لكل من يرغب في العمل في دول الخليج حتى يختار البحرين لأنها الأسهل!!
اسألوا مستشفياتنا الحكومية كيف يستفيد الأجنبي من رخص الخدمات، وكيف يؤثر ذلك على استحقاقات المواطن.
لسنا شعوباً عنصرية بتاتاً، وإنسانياً نحن أكثر الشعوب تفاعلاً مع أي احتياجات لمن تغرّب عن وطنه. كدولة أو كأفراد هذا ديدن البحرين، إنما ليس من المفروض أن يكون ذلك على حساب أولوياتنا وهي تسخير الإمكانيات والموارد لخدمة المواطن أولاً، فإن فاضت قدرتنا فلنقدِّمْها لمن هو أحوج، لا العكس!